سألت صحيفة' نيويورك تايمز' سيناتور في الكونجرس الأمريكي عن أسباب عدم مشاركته في اجتماعات المناخ فرد مستنكرا' كانكون! كانكون لماذا؟ لدينا ما هو أهم في الولاياتالمتحدة.. شئ اسمه الوضع المالي والبحث عن التمويل'. فقد أضاف السياسيون الأمريكيون سببا جديدا لعدم حماسهم للمفاوضات العالمية حول الانبعاثات الحرارية, ورفضهم التوقيع علي اتفاق' كيوتو' الشهير قبل 13 عاما, وهو الأزمة الاقتصادية الداخلية. كل المؤشرات في واشنطن تشير إلي قناعة الطبقة الحاكمة بصعوبة التقدم كثيرا بعد المفاوضات الصعبة والوعود الشفهية غير الملزمة التي قطعتها الدول الكبري في حضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما. والكونجرس هو الحلقة الأكثر إعاقة لجهود الإدارة الديمقراطية في تحقيق تقدم نتيجة فشله في وضع سياسة موحدة جديدة حول المناخ. وقد اتخذ المفاوضون الامريكيون موقفا متشددا مع الدول النامية في بداية محادثات كانكون, مما أثار تكهنات بأن أكبر اقتصاد في العالم يمكن ان ينسحب في أي لحظة مسددا ضربة يمكن أن تكون القشة الأخيرة للجهد الدولي الكبير علي مدي سنوات, خاصة بعد أن قال المفاوض الامريكي جوناثان بيرشينج خلال الجلسة الافتتاحية, أن أمريكا تريد من أي اتفاق للانبعاثات العالمية أن يكون' صفقة متوازنة' وهو مصطلح يفسر علي نطاق واسع كرمز دبلوماسي لتغيير جذري في سياسات البلدان النامية, خاصة الصين والهند. والولاياتالمتحدة تفضل تبني منهج دفاعي في' كانكون' حيث إنها تريد الحفاظ علي اتفاق كوبنهاجن, رغم أن بعض البلدان الأخري سترحب بشدة لو تم التراجع عنه, في الوقت نفسه تريد أن تتأكد من أنها لن تتحمل كل اللوم لو حدث وفشلت المحادثات. ويقول خبراء أمريكيون أن اتفاق كوبنهاجن هو' اتفاق سياسي' بالدرجة الأولي ومثير للجدل بسبب الطريقة التي تم الاتفاق عليها, حيث تجنبت الدول توقيع اتفاقية عالمية بشكل رسمي, وتم الأمر في ضوء تسوية بين عدد صغير من قادة الدول النافذة علي الساحة الدولية, فضلا عن أن الاتفاق لم يكن ملزما قانونيا مثل بروتوكول كيوتو والأمر الثالث هو عدم كفاية الاتفاقات الخاصة بتعهدات الحد من الإنبعاثات لحجم المخاطر العالمية. وفي ظل الوضع الراهن للسياسات الداخلية الأمريكية, يكون أفضل حل هو العودة من كانكون بحصيلة تقوي من اتفاق كوبنهاجن الودي مع إضفاء قدر من التقدم الطفيف بتأكيد الدول الأعضاء علي تعهدات خفض الانبعاثات وتبني قدر من التوصية الخاصة بتجميع 100 مليار دولار لمساعدة العالم النامي علي حماية البيئة والمضي في برنامج تحقيق الشفافية, وإن كان المسئولون الأمريكيون يحملون رسالة أن التعهد المالي غير مضمون تماما, وما يمكن الالتزام به هو حماية التمويل علي المدي القصير من التأثيرات السلبية لتقليص موازنات المساعدات الخارجية وهي جميعها حلول وسط تقف وراءها الولاياتالمتحدة- من أجل الإبقاء علي اتفاق كوبنهاجن. والصراع ليس فقط بين رؤية الولاياتالمتحدة- كدولة- والرؤي العالمية الأخري ولكن هناك صراع أهم اليوم وهو داخلي بين الإدارة الديمقراطية والغالبية الجمهورية التي أول ما شرعت فيه لقتل قضية التدخل ضد التغير المناخي هو إلغاء الاجراءات التي شكلتها الأغلبية السابقة في مجلس النواب لمحاربة الاحترار المناخي باعتبارها مضيعة لأموال دافعي الضرائب وتمثل ازدواجية مرفوضة في عمل الكونجرس فيما شجب الديمقراطيون التصرف واعتبروه مخيبا لجهود حماية المناخ ومعالجة الاحتباس الحراري عالميا. إذا هي مقدمة لمواجهات مقبلة حول السياسة البيئية حيث يتوقع أن يحاول أوباما تحقيق انتصارات محدودة بخصوص انبعاثات الغازات, وما أعتبر في عداد الأموات بالفعل هو تشريع مبادلة الانبعاثات وهو يهدف إلي تقليل الانبعاثات الصناعية الملوثة بمقدار %17 في عام 2020 بالمقارنة بمستويات عام 2005 وهو التشريع الذي يواجه معارضة وثورة عارمة من الجمهوريين باعتباره يقتل أنشطة صناعية دون أن يقدم الدليل الدامغ علي خطورة ظاهرة الاحتباس الحراري. في ظل الوضع الراهن, يتعرض اوباما لعملية تقليم أظافره في القضايا المختلف عليها وسيواجه المجتمع الدولي, والعالم النامي تحديدا, معضلة التعامل مع السياسة الأمريكية بشكل عام ومراقبة سلوك الجمهوريين الرافضين لقضية ارتفاع حرارة الأرض في مجملها. ولأن الرئيس الأمريكي عليه أن يتعامل مع الواقع فهو يخطط لمجموعة من التدابير الصغيرة في مجال البيئة والطاقة- علي حد قوله- وليس السعي لتمرير تشريع واسع النطاق لم يتمكن من تمريره في أوج سيطرة الديمقراطيين علي الكونجرس بمجلسيه وربما يتمكن من كسب الجمهوريين لصفه في مثل تلك الخطوات المحدودة.. وفي جميع الحالات يمكن أن نعود جميعا إلي أول السطر في ظل الإرتباك الأمريكي الراهن فلا تراهنوا علي ما سوف يكون في' كانكون'!