واصل موقع ويكيليكس ومؤسسه الأسترالي جولين أسناج سيطرتهما علي آفاق الأحداث الدبلوماسية العالمية للأسبوع الثاني علي التوالي. وذلك مع استمرار مسلسل الوثائق التي تكشف حقيقة الرؤية الأمريكية لنظرائها الدوليين. إضافة إلي سلسلة الإجراءات التي تسعي إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي تبنيها من أجل مواجهة تداعيات فضائح ويكيليكس وتراوحت هذه الإجراءات ما بين اعتماد القرصنة ضد الموقع لتعطيلة علي الإنترنت أو من خلال بحث مقاضاته قانونيا. فبالنسبة للتداعيات الدبلوماسية لوثائق ويكيليكس أكد عدد من الخبراء الأمريكيين أمس أن إفشاء المحادثات الخاصة بين الزعماء العرب السنة ودبلوماسيين أمريكيين قد تلقي بالعراق إلي أحضان إيران حيث ستدفع الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة إلي الاقتراب أكثر من النظام الإيراني. وأشارت صحيفة واشنطن بوست إلي أن المجموعة الأولي من البرقيات التي كشف عنها موقع ويكيليكس يمكن ان تلحق الضرر بعلاقة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي والجيران العرب وهي الدول التي كانت تأمل الولاياتالمتحدة في أن يحجم تقاربها مع بغداد من النفوذ الايراني في العراق خاصة مع استعداد الجيش الامريكي للخروج والمقرر في نهاية1102 حيث أوضحت الصحيفة أن البرقيات تظهر لحظات صراحة عكست تخوف السنة من تنامي سلطة الشيعة في العراق. كما حذر الكاتب الأمريكي آلان دورشفيتز- أحد أكبر المدافعين عن إسرائيل في أمريكا- من أن نزع السرية عن المحادثات الدبلوماسية لا يخدم مصلحة السلام أو الأمن. وقال في مقال بصحيفة الجارديان البريطانية إن الكشف عن عدم ممانعة دول عربية لعمل عسكري كملاذ أخير لمنع ايران من تطوير اسلحة نووية يمكن أن يكون له تأثير ملموس علي سياسات العديد من البلدان ومنها اسرائيل- بطبيعة الحال- التي طالما ألحت علي إبقاء الخيار العسكري علي المائدة. ومن برلين مازن حسان: في أحدث حلقات الانتقادات التي وجهها كبار السياسيين الألمان انتقادات حادة للسفير الأمريكي في المانيا فيليب ميرفي, طالب مسئولون وسياسيون المان أمس الولاياتالمتحدة بسحب ميرفي واستبداله بسفير آخر نظرا لصعوبة التعامل معه في المستقبل علي خلفية ما تضمنته البرقيات الدبلوماسية الأمريكية السرية التي نشرتها ويكيليكس علي لسانه من تقييم سلبي لأعضاء الحكومة الألمانية. أما بالنسبة لتداعيات كشف الوثائق علي الموقع وصاحبه, فقد أكدت هيئة الإذاعة البريطانية- بي.بي.سي- أمس أن موقع ويكيليكس المثير للجدل علي حد وصف الهيئة عاد للعمل مرة أخري بعد إغلاقه لساعات من قبل الشركة التي تستضيفه علي شبكة الانترنت. وكانت شركة إفري دي إن أي قد أعلنت أنها أوقفت خدماتها التي تقدمها لموقع ويكيليكس لأن الموقع يتعرض لهجمات قرصنة جماعية. وكانت شركة امازون دوت كوم لتقديم خدمات استضافة المواقع علي الانترنت قد أعلنت وقف استضافة الموقع بسبب ما وصفته بقيام الموقع باستعمال خدمتها لنشر وثائق تحرج وزارة الخارجية الامريكية. ولم تقتصر التداعيات علي تعرض الموقع لعمليات قرصنة فحسب حيث أدت قضية التسريبات إلي تبني الإدارة الأمريكية جملة من التدابير كان آخرها مساء أمس الأول حين أعلن الرئيس الديمقراطي باراك أوباما تكليف راسل ترافرز مساعد مدير اجهزة تقاسم المعلومات في المركز الوطني لمكافحة الارهاب بالعمل علي منع نشر أي تسريبات جديدة. وبينما تحقق وزارة العدل الأمريكية في قضية التسريبات, أكد خبراء قانونيون أن هناك عقبات قانونية ستواجهها السلطات في حالة محاولتها توجيه اتهامات جنائية لمؤسس ويكيليكس المراوغ أسانج حتي إذا جاء بقدميه إلي الولاياتالمتحدة. وأوضح ثلاثة من خبراء قانون التجسس لوكالة رويترز أن محاكمة أسانج ستحتاج أدلة تثبت أن المدعي عليه كان علي اتصال بممثلي قوي خارجية وأنه كان ينوي إمدادها بأسرار.ولم تظهر أدلة من هذا النوع علي السطح أو حتي ترددت مزاعم بشأنها في حالة ويكيليكس أو أسانج. يذكر أن هناك أجزاء في القانون الامريكي تسهل محاكمة الاشخاص علي الكشف عن معلومات المخابرات الامريكية السرية أو هويات الضباط أو المعلومات السرية المتصلة بالاسلحة النووية والتجسس الالكتروني دون اذن, لكن لا توجد أدلة علي أن أسانج او موقع ويكيليكس سربا مواد قد تخضع لهذه القوانين. وفيما يتعلق بأحدث الوثائق التي كشفها ويكيليكس أوضحت مجموعة جديدة من المراسلات أن دبلوماسيين أمريكيين قالوا إن القوات البريطانية ليست مؤهلة لمهمة توفير الامن في إقليم هلمند الافغاني المضطرب وإن حاكم الاقليم طلب ارسال تعزيزات أمريكية. كما أفادت تسريبات أخري بأن كارل ايكينبري السفير الامريكي في أفغانستان وصف الرئيس الافغاني حامد كرزاي بأنه مصاب بجنون الارتياب وضعيف يركز كثيرا علي ذاته وأنه قد لا يتوقف أبدا عن توبيخ الولاياتالمتحدة.