(شوادر رمضان) هي الموضة التي يطلقها المسئولون كل عام لضبط الأسعار وتوفير السلع بأثمان مقبولة, ومواجهة موجة الغلاء الرمضانية.. الشوادر تحولت أيضا إلي مجرد إعلان رسمي عن المحافظين الذين قدموا الشوادر بما فيها للشركات الخاصة لتقدم سلعا رخيصة ليست بالضرورة جيدة لزبون إما يجهل مكانها أصلا أو لا يثق فيها فلا يهتم بما فيها والنتيجة بقاء حالة الغلاء كما هي بينما المسئولون يجلسون في مكاتبهم بعد أن نفذوا المطلوب, ووفروا الأرض للشادر وأصحابه! فهل تكفي بضعة شوادر لحل أزمة خانقة اسمها غلاء الاسعار تعيشها السوق في كل عام مع قدوم شهر رمضان وتبقي ظلالها بعد رحيله؟ وإذا كانت تلك الشوادر بسلعها الموسمية والدائمة قادرة علي أن تحل الأزمة لماذا لا تصبح أماكن ثابتة طوال العام؟ والسؤال الأهم: من يراقب تلك الشوادر التي تعمل برغم كونها شركات خاصة تحت مظلة الحكومة؟ أمام محطة حلوان, وفي الميدان الرئيسي, بها سألت أكثر من عشرة مواطنين عن الشادر الذي تقيمه المحافظة بمناسبة شهر رمضان, وتباع فيه سلع رمضان واللحوم الرخيصة ولم يقدم لي أحد جوابا, إذ لم يكن أحد يعرف مكانه وبعضهم, أكد لي أنه لا يوجد شادر أصلا داخل السوق.. الذي نتحدث عنه ويوجد كل شيء, ياميش رمضان المرصوص علي الأرصفة, ومحال اللحوم, ويصل سعر الكيلو فيها إلي50 و60 جنيها. بينما علق أحد الباعة في قلب السوق الشعبية الكبيرة المواجهة للمحطة بقوله: نحن لنا سنوات نطالب بسوق حقيقية تضم الباعة هنا لكن المحافظة منذ كانت حيا لم تستجب لنا والسوق كلها عشوائية واحتلت الشارع والشوارع المجاورة فهل يمكن أن يقيموا شادرا لسلع رمضان بينما عجزوا عن توفير سوق محترمة للمدينة بالكامل منذ سنوات؟ لكن كلام المهندس عبد الظاهر رمضان المسئول عن الأسواق بالمحافظة ربما كان يحتاج لخريطة خاصة للوصول للشادر المجهول بعد أن اكد لنا أن هناك شادرا كبيرا لبيع اللحوم والدجاج بميدان محطة حلوان. في حي المعادي وسط السوق القديمة للحي, وعلي أحد أرصفة الشارع وسط منطقة شديدة الزحام والقذارة أيضا.. يقع الشادر الصغير الذي يحمل يافطة بمساحة واجهته تحمل صورة قدري أبو حسين محافظ حلوان معلنة الإنجاز الكبير لتوفير كيلو اللحم الكندوز ب35 جنيها إضافة ل100 جرام من الدهن, بينما يباع الدجاج وزن كيلو بواحد وعشرين جنيها. كان المكان يستعد تقريبا لإغلاق أبوابه وكان بعض الزبائن يسألون في ريبة عن اللحوم ويشير لهم المسئول عن الشادر بأن اللحم نفد وأن عليهم الحضور غدا في العاشرة صباحا. مني عبد المنعم موظفة حكومية أبدت امتعاضها من حضورها لمرتين متتاليتين بدون الحصول علي اللحم ولا تعرف كيف يمكن الشراء إذا كان اللحم يحضر متأخرا صباحا بينما تنفد الكميات سريعا؟ سيد سعيد( الجزار المسئول عن إدارة الشادر) برر هذا بأنهم يحضرون الكميات التي يضمنون نفادها في نفس اليوم, فالشادر غير مجهز لحفظ اللحوم لأكثر من يوم وتلك مشكلة أساسية كما يؤكد وسيستمر الوضع هكذا حتي توفير أماكن مناسبة ومجهزة للشوادر. العاملون في الشادر أشاروا لمعلومة أخري التبست علي الكثيرين وهي أن هذه الشوادر غير تابعة للمحافظات و تتولي إدارتها المحافظات فقط ويشيرون إلي أنهم تابعون لشركة خاصة تشتري بدورها من جهاز خدمات القوات المسلحة وكل دور المحافظة هو توفير المكان الذي يقام عليه الشادر. شادر الرصيف وضع الشوادر في الشوارع بدون أي تجهيز هو ما جعل فئات كثيرة تحجم عن التعامل معها كما قالت ذكية درويش( ربة منزل) وأضافت: لم أحاول تجربة لحوم الشوادر ومازلت أشتري من الجزار برغم أن السعر تخطي الستين جنيها في أجزاء معينة من اللحوم وأقل سعر الآن هو57 جنيها للكيلو لدي الجزار الذي لايبعد عن الشادر100 متر فقط ولكن الشكل مختلف فالمكان نظيف ومجهز ويمكنني أن أختار ما أريد ويتم تجهيزه بشكل جيد أما الشادر فهو علي رصيف الشارع بدون أي نظافة وكأنهم يريدون إبعاد الزبون المتوسط. الحل في التعاونيات كلمات السيدة زكية تلخص بدرجة بسيطة حلا به تفاصيل أكثر اقترحها الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات عندما سألته: هل يمكن أن تكون تلك الشوادر حلا يحقق التوازن في الاسعار في السوق؟ أجاب: السوق لدينا تعيش حالة انفلات غريبة لاتوجد في أي دولة في العالم فانسحاب الدولة التام وتركها من يتحكمون في السلع أتاح الفرصة كاملة للمحتكرين والمستغلين للتلاعب كما يريدون.. والكلام عن آليات السوق التي تحدد الأسعار ارتفاعا وانخفاضا كلام نظري ولايوجد سوي في الكتب ولكن الدولة اتخذت موقفا مريحا بالنسبة لها ويبدو أنها لن تتراجع عنه والحل في رأيي هو إيجاد مساحة وسط بين تحكم الدولة التام الذي انتهي الآن وتحكم الأفراد والرأسماليين الاستغلاليين والموجود الآن هذه المساحة التي يجب أن يشغلها نظام تعاوني يملكه ويديره أفراد المجتمع وليس مجرد فرد واحد يملك رأس المال.. هذا النظام الذي سيتكون من افراد المجتمع أنفسهم كمساهمين بالتأكيد سيسعي لمصلحة المجتمع في المقام الأول ولن يكون الربح هو هدفه الوحيد وإن كان سيتحقق بهامش معقول يضمن للمشروع الاستمرار, ومحاربة الاحتكار الذي تعاني منه أسواقنا الآن بشكل واضح جدا. قانون معطل حلم التعاونيات الذي يتحدث عنه الدكتور شريف قاسم ولحين تحقيقه لن يوقف هذا النزيف اليومي في أسعار السلع الاساسية الذي وصل في الأيام القليلة التي سبقت شهر رمضان لأكثر من30% بينما يري الدكتور مصطفي عبدالغفار أستاذ القانون التجاري ورئيس السجل التجاري الأسبق أن الحل السريع والحاسم هو تطبيق القانون سواء قانون المنافسة ومنع الاحتكار أو القانون رقم163 المعدل بالقانون108 والخاص بتنظيم تحديد الارباح. ويشرح الدكتور مصطفي التفاصيل قائلا: أعتي الدول الرأسمالية لاتترك أسواقها هكذا بدون الية للتحكم فيها بما يحقق مصلحة المواطنين وسواء كانت الدولة مسيطرة أو غير مسيطرة علي الاسواق فإنه لايجوز الاتفاق علي رفع سعر سلعة أو بيعها بأزيد من تكلفتها الحدية والمتغيرة كما أنه لابد من وضع نسب أرباح نرجع فيها لتكلفة تصنيع أو استيراد السلعة وحسب القانون163 وتعديلاته يجوز لوزير الصناعة والتجارة أن يكلف أصحاب المصانع بتقديم بيانات صحيحة عن تكاليف السلع التي يصنعونها أو يستوردونها. ويدعو رئيس مصلحة السجل التجاري الأسبق لسرعة تطبيق القانون الموجود بالفعل خاصة أن الأسواق حاليا في حالة انفلات والمجمعات التي كانت قديما تحقق التوازن في الأسعار لم تعد تختلف في أسعارها كثيرا عن الأسواق الخارجية.