سعاد حسني ضحية اغتالها المثقفون.. كتاب جديد لشيخ الصحفيين عبدالنور خليل,يتناول فيه قصة السندريلا وعلاقاتها بالمثقفين بعد دخولها العمل السينمائي وتأثير عبدالحليم حافظ عليها منذ فيلم البنات والصيف. والقصة اشترك في إخراجها ثلاثة من المخرجين هم: فطين عبدالوهاب, وصلاح أبوسيف, وكمال الشيخ, حيث نشأ ما يمكن أن يسمي اليسار السينمائي المصري, أو بمعني أبسط وأوضح, أصحاب الفكر الذين نقلوا السينما المصرية من قصور الباشوات وقصص الحب والحياة في هذه القصور في أحياء القاهرة الراقية إلي أزقة وحواري الأحياء الشعبية, واختاروا نماذجهم وأنماطهم من الفقراء البسطاء في الحارة المصرية وجعلوا منهم نجوما وأبطالا علي الشاشة.. هذه المجموعة التي حملت صفة اليسار كانت واحدة من مكاسب ستوديو مصر. مجموعة ستوديو مصر هذه وشلة الجمال كانت في منتصف الخمسينيات عندما ظهرت سعاد حسني في حسن ونعيمة كانت دائما علي لقاء يومي في مشرب جانبي ملحق بمطعم الجمال أسفل البناية التي تحتل نقابة السينمائيين الطابق الثاني منها في شارع عدلي وكان الوسط السينمائي يطلق عليها اسم شلة الجمال وكان أعضاء الشلة حلمي حليم وعلي الزرقاني, صاحبي فكرة صراع في الوادي الذي أخرجه يوسف شاهين والثنائي الذين أعادوا تقديم الحارة الشعبية بصورة واقعية رومانسية في فيلم أيامنا الحلوة. ونعود إلي سعاد حسني التي اكتشفها عبدالرحمن الخميسي, حيث كان علي علاقة بزوج أمها ناظر المدرسة وكانت أسرة سعاد واحدا وعشرين أخا وأختا, لم يتعلم منهم أحد وأخذ عبدالرحمن سعاد وضمها إلي فرقته المسرحية وطلب من ابراهيم سعفان وإنعام سالوسة تعليمها العربية, وقد علموها القراءة والشعر, ولكن الصبية الجميلة كان عقلها لا يستطيع أن يجاري هذا الذي يحدث حولها وقدمها الخميسي إلي عبدالوهاب الذي قدمها في فيلم حسن ونعيمة, حيث كان يشارك عبدالوهاب في كل أو أغلب الأفلام, وبعد فيلم حسن ونعيمة عرفها عبدالحليم حافظ وفي شهامة الشراقوة بسط رعايته علي أجمل وجه جديد بزغ علي الساحة السينمائية, محاولا أن يخرجها من حالة الإملاق والحاجة التي كانت تحيط بها عندما أدخلها بركات البلاتوه لتمثيل حسن ونعيمة. خلاصة القول: إن هؤلاء الرواد أوجدوا التيار الاجتماعي الواقعي في السينما المصرية, ولا أحد يختلف في تصنيف صلاح أبوسيف ولا دوره في تاريخ السينما المصرية, والثقافة السينمائية فهو ورغم وجود معهد السينما صاحب فكرة معهد السيناريو وهو صاحب أبرز دورين في تاريخ السندريلا دورها في الزوجة الثانية والقاهرة30.. ولم يكن كمال الشيخ مجرد أحسن مونتير في السينما المصرية, بل كانت له رؤياه الناضجة فكريا واجتماعيا وسياسيا, فهو وإن لم يقترب من سعاد حسني في غير بئر الحرمان وعلي من نطلق الرصاص وشروق وغروب, إلا أنه في النهاية صاحب اللص والكلاب وميرامار. وجاء طلبة رضوان, وهو مساعد مخرج لمدة عشرين عاما وأخرج فيلما واحدا هو السفيرة عزيزة, الذي أسهم في تقدم سعاد وأن كانت في هذه الفترة تعاني الكثير من الوسوسة فيما يدور حولها, حيث أفكار حلمي حليم الذي رشحها لبطولة هذا الفيلم وتأثيره هو وصلاح أبوسيف وفطين عبدالوهاب وكمال الشيخ وآراؤهم وتعاملهم مما اسلمها إلي حالة مضنية, بل ومرهقة من التفكير كانت سعاد أرضا خصبة للأفكار والآراء, لكنها كانت تعجز في هذه المرحلة عن استيعاب كل فكر يصب في رأسها كانت تعاني ما يمكن أن نسميه الوسواس الثقافي, خاصة بعد أن حقق لها فيلم فطين عبدالوهاب إشاعة حب وفيلم طلبة رضوان السفيرة عزيزة قدرا كبيرا من النجومية كان الخوف من الاتهام بالجهل وعدم المعرفة في هذه المرحلة بحثت السندريلا عن نطاق آخر أكثر سهولة وأكثر يسرا من عقدة الثقافة. وجاء مهرجان التليفزيون الأول بالإسكندرية, وأصبحت سعاد نجمة يعمل لها ألف حساب وأثناء ذلك ظهر الأرمني صانع النجوم تاكفور انطونيان ولم يكن في حاجة إلي مجهود لكي يحقق لسعاد الانتشار السينمائي فقد مثلت خلال ثلاث سنوات24 فيلما وكانت ممثلة مطروح اسمها دائما في كل مشروع سينمائي جديد ولهذا كان علي تاكفور والمجموعة التي أحاط بها نجمته المختارة أن يهذبوا النجمة الجديدة وأن يزيدوها بريقا ولمعانا.. أن يثقفوها وأن يدربوها علي سلوك النجومية ويخلصوها من نزوات الطفولة. ثم جاء الأب صلاح جاهين الذي أثر كثيرا في حياة السندريلا بموته واختتم عبدالنور خليل الكتاب بقصة خللي بالك من زوزو.. إنها قصة حقيقية وأصحابها موجودون, وأثر هذا الفيلم عليها وكذلك أفلامها التي قدمتها بعد النجاح العظيم لهذا الفيلم والتي سقطت بفضل الدخول في معترك لم يكن أبدا لها.