استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    أسعار الذهب في بداية ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    استئناف توزيع المساعدات في غزة اليوم    ترامب يهدد بتدخل فيدرالي في كاليفورنيا ولوس أنجلوس لوقف الشغب والنهب    مسؤولون أمريكيون: الرد الروسي على هجوم المسيرات الأوكرانية لم ينته بعد    إصابة المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي بطلق ناري في العاصمة بوجوتا    مواجهات بين الشرطة ومعارضين للمداهمات ضد المهاجرين في لوس أنجلوس    الشناوي: مباراة باتشوكا إعداد مثالي لمواجهة إنتر ميامي ووجود صورنا مع ميسي فخر لكل الأهلاوية    ألمانيا وفرنسا يتنافسان على برونزية دوري الأمم الأوروبية 2025    إنذار جوى بشأن حالة الطقس: استعدوا «بؤونة» أبو الحرارة الملعونة    انتشال جثمان غريق من ترعة الإبراهيمية بالمنيا    هشام عباس يتألق بأغانيه في حفله بعيد الأضحى على مسرح البالون (صور)    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    مقتل امرأة برصاص الشرطة بعد طعنها شخصين في ميونخ    مقتل شاب على يد آخرين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    بالأسماء| إصابة 4 من أسرة واحدة فى انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي سوهاج    موعد مباراة البرتغال ضد إسبانيا والقنوات الناقلة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    الدولار ب49.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 8-6-2025    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    مجلس الشيوخ الأمريكى يقر شطب سوريا من قائمة الدول المارقة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    تريزيجيه يعلق على انضمام زيزو ل الأهلي    زيزو: إدارة الكرة في الزمالك اعتقدت أن الأمر مادي.. وأنا فقط أطالب بحقي وحق والدي    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    «المشروع إكس» يتصدر إيرادات أفلام عيد الأضحى    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال يقصف خيمة للنازحين في المواصي غربي خان يونس    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 8 يونيو 2025    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 8 يونيو 2025    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري ثورة يوليو‏:‏ تحية إلي الثائر الصامت

تمر هذه الأيام الذكري الثامنة والخمسون لثورة‏23‏ يوليو‏1952,‏ وتكثر الكتابة عن جوانب متعددة من الثورة بهذه المناسبة في كل عام‏,‏ سواء كانت كتابات ذات طابع عاطفي منحازة إلي هذا الاتجاه. أو ذاك تتسم إما بالمديح والإطراء والثناء أو بالهجاء والإدانة والاتهام‏,‏ أو كتابات تتصف بالطابع الموضوعي وتتناول بعدا أو آخر من أبعاد الثورة المصرية‏,‏ الداخلية أو الخارجية‏,‏ السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو غيرها‏,‏ بالنقد البناء وعبر منهج علمي بهدف الوصول إلي الحقيقة وتعريف القارئ بها‏,‏ خاصة الأجيال الجديدة‏,‏ سواء من المصريين أو العرب أو عبر العالم‏,‏ نظرا لأن الثورة المصرية ونتائجها وتداعياتها لم تقتصر علي مصر أو دوائرها الإقليمية العربية والأفريقية والإسلامية والمتوسطية والعالم ثالثية‏,‏ ولكنها شملت العالم بأسره‏.‏
وسأتناول هنا شخصية من الشخصيات التي لعبت دورا هاما ومؤثرا في مسيرة الثورة المصرية ومسارها‏,‏ سواء في مرحلة الإعداد لها والتحضير لقيامها‏,‏ أو في قيامها أو خلال الفترة التالية لنجاحها‏,‏ وعبر حوالي عقد ونصف من مسيرة تلك الثورة‏,‏ وهي شخصية لم تلق حتي الآن حقها الكافي من التسجيل والتقدير‏,‏ وأعني تحديدا هنا السيد‏/‏زكريا محيي الدين‏,‏ الذي شغل مناصب متعددة علي مدار السنوات الخمس عشرة الأولي من حياة الثورة المصرية‏,‏ منها نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية وأول رئيس للمخابرات العامة وعضو مجلس قيادة الثورة وغير ذلك من مناصب‏.‏
وتأتي أهمية السيد‏/‏زكريا محيي الدين من أنه بالرغم من كونه لعب أدوارا هامة في مسيرة الثورة كما أسلفنا القول‏,‏ فإنه حرص تماما منذ خروجه الاختياري من السلطة عقب هزيمة يونيو‏1967‏ وقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالعودة عن قراره بالتنحي عن الرئاسة في‏10‏ يونيو‏1967‏ بوقت قصير علي اعتزال العمل العام وتجنب أي أحاديث إعلامية أو صحفية أو كتابة أي نوع من المذكرات‏,‏ وهو الاستثناء الوحيد ممن بقوا علي قيد الحياة من قادة ثورة يوليو بعد وفاة الرئيس الراحل عبد الناصر عام‏1970‏ الذي اتبع هذا النهج والتزم به بالرغم من محاولات حثيثة لإثنائه عن قراره هذا ولإقناعه بالتحدث والبوح بأسرار الثورة التي يعرف بالتأكيد الكثير منها‏.‏
وقد احترمت للغاية ما ذكره السيد‏/‏زكريا محيي الدين لأحد المقربين منه عندما سأله منذ سنوات عن أسباب احتجابه الطوعي عن الإدلاء بمعلومات أو رواية مذكرات عن أحداث الثورة‏,‏ فكان رده عليه أنه بالرغم من كثرة ما يعرفه باعتباره لسنوات طويلة كان من الدائرة الضيقة لصناعة القرار‏,‏ فإنه يخشي أن يعرض رؤي تكون غير مكتملة‏,‏ باعتبار أنه ربما يكون ما لديه هو جزء من الحقيقة فقط‏,‏ وليس الصورة الكاملة‏,‏ وقد يكون لدي آخرين جوانب أخري لا يعلمها هو تغير من الحكم النهائي علي الواقعة‏.‏ وبالتأكيد فإن هناك شخصين اثنين فقط هما اللذان ربما كانت لديهما صورة أقرب ما تكون إلي الكمال عن فترة الإعداد للثورة وقيامها والعقد ونصف الأول من تاريخها‏,‏ وهما الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‏,‏ وربما بدرجة أقل المشير الراحل عبد الحكيم عامر‏.‏ كذلك لم يشأ السيد‏/‏زكريا محيي الدين الإساءة إلي أحد عبر رواية مذكرات قد تسئ إلي أشخاص بشأن واقعة بعينها بالرغم من أن إجمالي دور هؤلاء الأشخاص في مسيرة الثورة قد يكون إيجابيا‏.‏ ولذلك كله استحق السيد‏/‏ زكريا محيي الدين عن جدارة لقب‏'‏ الثائر الصامت‏',‏ واستحق بنفس الدرجة الإعراب عن التقدير له‏.‏
ونأتي هنا إلي تناول لمحات موجزة بقدر ما تسمح به المساحة المتاحة من المواقف الوطنية للسيد‏/‏زكريا محيي الدين‏.‏ فالرجل‏,‏ أطال الله عمره‏,‏ لعب العديد من الأدوار الهامة والحيوية لحماية أمن الوطن وتعظيم مكانته ومصالحه إقليميا ودوليا والحفاظ علي أمنه القومي‏,‏ ونكتفي هنا بمحطات مختارة ولمحات من هذا الدور‏.‏
وأولي هذه المحطات اختيار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للسيد‏/‏زكريا محيي الدين لتولي مسئولية تأسيس ورئاسة أول جهاز وطني مستقل للمخابرات في تاريخ مصر‏,‏ وذلك بعد أشهر من نجاح ثورة‏23‏ يوليو‏,‏ وتحديدا في عام‏1953,‏ ولم تكن المهام المنوطة بهذا الجهاز‏,‏ الذي كان يعرف حينذاك باسم‏'‏ الإدارة‏',‏ من النوع المعتاد لأي جهاز مخابرات في العالم‏,‏ بل فاقت ذلك بكثير‏,‏ فكان منوطا به قيادة وتوجيه المقاومة ضد الاحتلال البريطاني في منطقة قناة السويس بهدف ممارسة الضغوط علي بريطانيا علي مائدة التفاوض للقبول بالانسحاب الكامل من مصر‏,‏ حتي تم بالفعل التوقيع علي اتفاقية الجلاء وتم بالفعل انسحاب آخر جندي بريطاني من مصر في‏18‏ يونيو‏.1956‏ ثم ما لبثت المخابرات العامة المصرية أن عادت لقيادة المقاومة ضد العدوان الثلاثي علي مصر حتي تم الجلاء الثاني في‏23‏ ديسمبر‏.1956‏ وخلال تلك الفترة أيضا لعبت المخابرات العامة المصرية دورا مؤثرا في تعزيز الدور الإقليمي لمصر علي مختلف دوائر التحرك العربي والأفريقي والإسلامي والعالم ثالثي‏.‏
أما المحطة الثانية التي نتوقف لديها في مسيرة عطاء السيد‏/‏زكريا محيي الدين‏,‏ فهي أنه كان رجل المهام الصعبة‏,‏ فكلما كانت الأمور تتعقد في مجال ما أو مرحلة ما كان الرئيس الراحل عبد الناصر يلجأ لتكليف السيد‏/‏زكريا محيي الدين بالملف أو الملفات الشائكة وبتجاوز المراحل الصعبة‏,‏ ومن أمثلة ذلك تكليفه بتشكيل الوزارة عام‏1965,‏ في وقت كانت العديد من الملفات تتعقد فيه‏,‏ ما بين الوضع الاقتصادي الداخلي والأوضاع في اليمن وحدوث توترات جدية في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وغير ذلك‏.‏ وأمام كل هذه المواقف كان السيد‏/‏زكريا محيي الدين بدوره يتمتع بالشجاعة التي أهلته أيضا لاتخاذ العديد من القرارات الصعبة ولكن الضرورية‏,‏ بالرغم من عدم شعبية بعض هذه القرارات أحيانا‏,‏ ولكن كان دافعه دائما هو مصلحة الوطن ولا شئ سوي ذلك‏.‏
وثالث وآخر المحطات التي أتوقف عندها هنا تتعلق باختيار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للسيد‏/‏زكريا محيي الدين لخلافته عندما قرر التنحي عقب هزيمة‏5‏ يونيو‏1967‏ وأعلن ذلك يوم‏9‏ يونيو‏1967,‏ وبعيدا عن الروايات المتضاربة حول هذه الواقعة وخلفياتها‏,‏ وبعيدا عن التفسيرات المتنوعة لها‏,‏ فإن مجرد هذا الاختيار والإعلان عنه للشعب يدل علي مدي ثقة الرئيس الراحل في وطنية والتزام وقدرات السيد‏/‏زكريا محيي الدين‏,‏ كما أن إسراع الأخير بالاعتذار علانية عن هذا الاختيار‏/‏التكليف‏,‏ يدل علي مدي إخلاصه للرئيس‏/‏الصديق وللوطن ومصالحه وأمنه علي المدي الطويل وليس البحث عن الأضواء أو السلطة أيا كان مصدرها‏.‏

المزيد من مقالات د.وليد محمود عبد الناصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.