فوجئت قبل غيري بقرار الحكومة العراقية في اليومين الماضيين بتمسكها وتصميمها علي حتمية استضافة القمة العربية القادمة التي سترأسها في بغداد طبقا لقرار القمة العربية الأخيرة في سرت بليبيا بترشيح العراق لرئاسة القمة القادمة في محاولة عربية للحفاظ علي هويته العربية ومساندته في الخروج من النفق المظلم الذي يكابده منذ أكثر من عشرين عاما من تلاطم الأزمات وكوارث حد السيف التي يواجهها علي طول الخط منذ قصة غزو صدام حسين للكويت وماتلاها من دراما الأزمات والنكبات. نعم من حق العراق أن يتولي رئاسة هذه القمة, وأن يشارك بفاعلية في صياغة وريادة القرار والعمل العربي.. ولكن منطق الأمور يقول إن هناك فارقا سياسيا بين تولي رئاسة هذه القمة والتصميم علي احتضان عقدها في بغداد في مثل هذه الظروف غير السانحة والملائمة علي الاطلاق, حيث مازال المشهد الدموي في العراق سيد الموقف وحالة الانفلات والتواتر الأمني والعسكري وعصابات الإرهاب وفرق الموت الجوال تتسيد المشهد السياسي والأمني علي مدار الساعة في العراق, حيث لا أمن ولا أمان والجميع بمن فيهم الزعامات والقيادات يلوذون ويجتمعون بالمنطقة الخضراء, والغالبية من المواطنين تحصد أرواحها فرق الموت الجوالة, وبالتالي في أجواء مثل هذا المشهد السياسي والأمني الذي يعيشه العراق دون أفق بغد مشرق يستحيل عليه اليوم وغدا استضافة أي قمة عربية أو حتي تجمع قليل لانعدام أبسط مقومات الأمن والاستقرار وعندئذ لن يستطيع قائد أو زعيم أن يغامر بالحضور والمشاركة, وبالتالي ستكون أشبه بالقمم التي لن يحضرها أحد.. الأمر الذي سيمثل فضيحة سياسية للعراق, وتنال من سمعته العربية والاقليمية. وبما أنه مازال هناك متسع من الوقت, فعلي الحكومة العراقية ان تسارع بإعادة النظر في قرارها هذا, وأن تجنح الي الحكمة ومنطق الأمور الذي يقول بوجود بدائل عديدة أمام العراق من أجل رئاسة هذه القمة, والحفاظ علي سمعته وحضوره العربي والدولي عبر القبول بعقد هذه القمة العربية من مقر الجامعة العربية أو التحضير لها في شرم الشيخ بترتيبات ونفقات عراقية خالصة ووقتها سيحضر الجميع من القادة والزعماء فعالياتها.