بالقاعة الرئيسية للفنون التشكيلية بدار الأوبرا أقام الفنان سعد روماني ميخائيل معرضا فنيا للوحاته التي أبدعها باستخدام قطع الزجاج الملون المتناهية الصغر علي مدي ثمانية عشر عاما. وهي قطع من الزجاج الملون التي استخدمها يصل عرض الكثير منها إلي أقل من ملليمتر وأكبر قطعة منها يصل عرضها الي ثلاثة أو أربعة ملليمترات لتكون ملايين من الدرجات اللونية. وأطلق الفنان سعد روماني ميخائيل علي إبداعه هذا' المليكرو موزاييك' والذي يطلق عليه العرب: فن الفسيفساء. وقال ان هذا النوع من الإنتاج الموزاييكي فن صعب وشاق يحتاج الكثير من الصبر ولأصابع جراح ماهر, وحسا فنيا مرهفا, ومعرفة عميقة بأسرار اللون والنور والظل. وهذا النوع انتهي من الإنتاج لصعوبته والجهد والزمن الطويل الذي يحتاجه مع الصبر. وقد استفاده الفنان من عمله القديم كمصمم ديكور ومصمم مجوهرات, ما جعله يتعامل مع الموزاييك الدقيق, بدقة المتعامل مع قطع الألماس والأحجار الكريمة. والجديد في هذه اللوحات هو أن الفنان يقوم بتحليل المساحات الملونة وتفكيكها بحيث يعيد تكوين جزئياتها اللونية مثل فناني( البوينتزم) كما انه يقوم بتصنيف القطع وفق إتجاهات غير متوافرة في الأصول وإعادة تحليلها بما يتوافق مع الرؤية عن بعد. وفي هذا المعرض لفن الموزاييك يأخذنا الفنان في رحلة مستحيلة مع أعمال عباقرة من التصوير مثل( روبنز) و( فان جوخ) و( جون فيرميير), و(جلوم سيناك), و(توماس فرنسيس ديكسي), وغيرهم, بعد أن أمضي ثمانية عشر عاما في صياغة هذه الأعمال وتعامل معها كمن ينفذ المجوهرات الملونة. أما عن حجم قطع الموزاييك فيقول انه وضع خطة منظمة حيث أمضي أكثر من عامين في تجهيز' باليتة' الألوان قبل ان يضع قطع الموزاييك علي السطح ويلصقها بنوعية معينة من' الايبوكسي' الذي اختاره من بين أربعين نوعا من الابوكسي وتتم هذه العملية التي هي أقرب الي الترصيع( ترصيع الماس والفيروز والزمرد وغيرها من الاحجار الكريمة) تحت المكبر الضخم الذي تمتد ذراعه الي ما يقرب المتر لتبدأ عملية غاية في التعقيد باختيار اللون والقطعة و المساحة التي يحددها. وفي البداية وبواسطة الملاقط تأخذ كل قطعة مكانها وسط التدرج اللانهائي لمجموعات اللون التي سبق وان أعد لها مجموعة من العلب وفي كل علبه آلاف القطع المختلفة من الدرجات اللونية وهي بالآف الدرجات, وهناك بعض القطع التي تقارب في حجمها سن الابرة, و لا تري بسهولة بالعين المجردة. بعد هذا يبدأ الفنان في ترصيع القطع المتوسطة الحجم لتتناسب مع معطيات اللون وحركة العين واتجاهات الترصيع ليحرك المشاعر في أمواجه اللانهائية. جدير بالذكر ان مصر كان لها الريادة العبقرية الأولي في مجال الموزاييك وذلك في تصميم الحلي ويمكن إدراك ذالك بالنظر الي مجموعة( توت عنخ آمون) وقناعه وغطاء تابوته الذي يعد عملا محيرا من الموزاييك. كما أن الموزاييك قد استخدم في مصر اثناء الإحتلال الروماني في ارضيات القصور حيث صورت الهة علي الارضيات وبعض الحيوانات الداجنة والطيور والكلاب بالاضافة الي العناصر الزخرفية كما في متحف الاسكندرية. وقد انتقل الموزاييك الي اوروبا وايطاليا, وفي الفاتيكان رأينا لوحات رائعة علي جدران كنيسة( سان بيتر). وقد استخدمت فيها القطع الرخامية ببراعة عجيبة بحيث لا تعرف ما اذا كانت لوحات زيتية ام رخامية. وفي كنيسة( آيا صوفيا) بالقسطنطينية اكتشفت لوحات رائعة بالموزاييك كانت قد طمست بالملاط في زمن سابق, وتعتبر من روائع القرن السادس الميلادي. وفي العديد من المساجد لعب الموزاييك دورا كبير في زخرفة الأرضيات والحوائط والنافورات بالرخام والسيراميك. والمعرض مفتوح حتي اليوم