كتب رياض توفيق: اشتاقت الدنيا إلي أخبار مصر, وأسرار عمرها من عمر الزمان, وعندما خرجت المجلة الطبية الإنجليزية تزف إلي العالم حقيقة خبر خرج من مصر, فقد أحاطت الخبر بقدسية عظيمة عندما قالت: إن مصر أطلقت أهم اكتشاف يعلن في أعياد الكريسماس مع نهاية.2012 كان الكشف المثير قد فجر أسرار جريمة قتل الملك رمسيس الثالث يوم15 من الشهر الثالث عام1192 قبل الميلاد, وهو اليوم المسجل فوق قطعة من الفخار عثر عليها في دير المدينة, وتشير إلي أن النسر قد طار إلي السماء, وهذا يعني أن الملك قد مات. ولم يكن هذا الخبر وليد المصادفة, لكنه نتيجة لرحلة طويلة مضنية قادها د. زاهي حواس لكشف حقائق وأسرار ونسب ملوك مصر الفرعونية الذين يضمهم الجبل العملاق فوق ضفة النيل العربية في مدينة الأقصر عاصمة مصر القديمة, وذلك بعد أن توافرت للعالم أجهزة حديثة, وتقنيات شديدة الدقة يمكن أن تكشف حقائق عمرها آلاف السنين, وكان أن تم إنشاء معملين للأشعة المقطعية وأبحاث الD.N.A التي أقيم لها معملان أحدهما في كلية طب قصر العيني, والآخر في بدروم المتحف المصري بالتحرير, وذلك بتمويل من قناة ديسكفري التليفزيونية مقابل إعلانها كل الاكتشافات الأثرية, وإرسال النتائج إلي المجلة الطبية الإنجليزية التي تشترط عدم الإعلان عن الاكتشافات إلا بعد أن تتأكد بنفسها من حقيقتها. مهمة قومية بدأت هذه الأعمال بالتحديد كما يشرح د. حواس سنة2005, وكانت الخطة أن يكون كشف أسرار ملوك مصر بأيدي وخبراء مصريين, وكانت المهمة القومية توفير معلومات كاملة من خلال هذه التقنيات ا لجديدة عن الفراعنة, وعن ملوكهم وأعمارهم وأمراضهم, ونسب كل منهم إلي الآخر, واستطاع رجال الآثار في ذلك الوقت الحصول علي جهاز للأشعة المقطعية ثمنه مليون دولار, ومعملين للD.N.A كهدايا من مؤسسات عالمية, ومن خلال فريق عمل قاده د. حواس كانت البداية فحص مومياء الملك الذهبي توت عنخ آمون, حيث تمكن الفريق من تحديد هوية هذا الملك الأسطوري, وكشفت الأبحاث عن أن توت عنخ آمون ابن الملك إخناتون, وإن كانت لم تعثر علي أمه حتي الآن, وأن إخناتون ابن الملك أمنحتب الثالث من الملكة تي. تقول د. سمية إسماعيل أستاذ الوراثة من فريق الD.N.A: إن معامل الآثار كانت قد استقبلت في تلك الفترة عشرات من العينات من عظام ملوك وأفراد منهم رمسيس الأول, والثاني, والثالث, وسيتي الأول, وعديد من المومياوات المجهولة, ومن خلال عينات العظام كنا نثبت البنوة, أو علاقة القرابة مع المومياوات والملوك من خلال فحص كروموزوم حي الذي يحمل الصفات الوراثية التي تنقل إلي الأحفاد. مؤامرة الحريم وقال إن البحث الذي أعلن عن اكتماله كان الخاص بالملك رمسيس الثالث وقصة قتله التي تعرف باسم مؤامرة الحريم, الذي يغير في تاريخ حكم الملك رمسيس الثالث. لقد كشفت الأبحاث كما يشرح د. أحمد سليم أستاذ الأشعة بقصر العيني وعضو الفريق عن وجود جرح عميق في خلف الرقبة, وذلك يرجح أن الملك كان جالسا, وأن القاتل أتي له من الخلف, وحددت الأشعة عرض الجرح ب40 مم. أما الكشف الآخر في تحقيق هذه الجريمة فهو ما أسفر عنه فحص مومياء شاب يبلغ من العمر25 سنة يفتح فمه, وجسمه محاط بجلد الماعز, وهذه علامات علي أن هذا الشاب كان معاقبا, وكشفت عن أن هناك آثار حبال شنق حول منطقة الحنجرة, بما يؤكد وفاته مشنوقا. وأكد فريق الD.N.A بعد الفحوص وجود صلة قرابة الأب إلي الابن بين هذه المومياء ومومياء رمسيس الثالث, بما يؤكد أن المومياء لابنه بنتاؤر. والمعروف أن هناك بردية تعرف باسم بردية الحريم موجودة بمتحف تورنتو بإيطاليا تشير إلي أن الزوجة الثانوية للملك المسماة تيا قامت بمؤامرة ضد زوجها بالاشتراك مع بعض نساء القصر وبعض رجال الجيش لقتل الملك وتنصيب ابنها بنتاؤر ملكا علي مصر بدلا من الابن الذي كان مرشحا لهذا المنصب وهو رمسيس الرابع, وتشير البردية إلي فشل المؤامرة بعد مقتل الملك, وتم القبض علي الجناة, وحكم علي31 شخصا بالقتل, و10 أشخاص بقتل أنفسهم, وحكم علي الأمير بنتاؤر بشنق نفسه, ولم تتضمن البردية تعبيرا يدل علي أن الملك قد مات, لكن ظهر بها أن القارب الملكي أصبح مقلوبا, وهذا هو التعبير الرمزي لوفاة الملك, وقد ظهر ذلك في جنازة الملك حسين ملك الأردن, فقد تضمنت وضع قارب مقلوب خلال الجنازة إشارة إلي وفاة الملك. أين الملكة تيا؟ يقول د. حواس: لقد حاولنا العثور علي مومياء الملكة تيا ولم تظهر حتي الآن, لكني أعتقد أنه كانت هناك مومياء لسيدة في متحف نياجرا فول الذي سبق أن عثرنا بداخله علي مومياء الملك رمسيس الأول, التي أحضرتها من أطلانطا إلي مصر وموجودة الآن بمتحف الأقصر. أعتقد أن مومياء هذه السيدة للملكة تيا, لذلك سوف نقوم في المستقبل بعملD.N.A بينها وبين مومياء الشاب الموجودة في المتحف المصري الخاصة بالأمير بنتاؤر, وكانت مومياء هذه السيدة قد اشتراها متحف صغير في مدينة كابسنس بأمريكا, وقد اتفقت مع د. زنك الألماني, الذي عمل مع الفريق المصري علي أن يأخذ عينة من مومياء هذه السيدة حتي يمكن مقارنتها بمومياء ابنتها الأمير بنتاؤر والتأكد من هويتها. وإذا كان هذا الكشف هو مجرد كشف واحد من سلسلة هائلة من الاكتشافات كان من المنتظر أن تخرج تباعا من هذه المعامل لتطرح أمام العالم أسرار جديدة, وتعيد قصة الحياة الفرعونية فوق أرض مصر, فإن المعامل المذكورة قد أغلقت تماما منذ قيام الثورة.. ولا أحد في هذا الكون يعرف سبب إغلاق هذه المعامل التي يمكن أن تحقق لمصر ثروة معرفية وإعلامية أسطورية!!