انطلقت أمس الجولة الأولي من الاستفتاء علي الدستور, وسط اقبال هائل من جماهير الشعب المصري في المحافظات العشر, في مشهد يعيد إلي الأذهان الصورة التي جاء عليها الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في الإعلان الدستوري الأول في مارس.2011 ولقد عكفت يومي الخميس والجمعة علي قراءة مسودة الدستور النهائية والرسمية خاصة أن هناك بعض المسودات مدسوسة وغير رسمية موجودة بالشارع كما استمعت بكل إمعان لمناقشات الفقهاء الدستوريين ما بين مؤيد ومعارض عبر الفضائيات والإذاعة. ولقد اطمأن قلبي وعقلي إلي قراري النهائي بالتصويت, وربما كانت هي المشاعر نفسها المسيطرة علي غالبية الشعب المصري, في ظل حالة الاستقطاب الواضحة والممنهجة من جانب بعض القوي السياسية الداعية إلي التصويت بنعم أو لا, في محاولة للتأثير علي المواطن البسيط, خاصة أن هناك من كان يري أن نسبة الأمية في الشارع المصري كانت تحتم حرمانهم واستبعادهم من المشاركة! بغض النظر عن هذا الرأي ولا نتوقف أمامه كثيرا. ولكن ما استوقفني في هذا المشهد هو خروج بعض رموز القوي السياسية من يطلقون علي أنفسهم التيار المدني بتقديم رسالة تليفزيونية عبر عدة قنوات فضائية خاصة لحث الجماهير علي الذهاب إلي اللجان والمشاركة في عملية الاستفتاء وهذا شيء طيب ويحسب لهم ولكن أن يكون هناك توجيه للناخب بالتصويت بلا ليلة الاقتراع وقبل ساعات قليلة من توجه الناخبين إلي اللجان, يعد تأثيرا مباشرا علي المواطن, لا يتوافر فيه تكافؤ الفرص ما بين مؤيد ومعارض ولم تكن القنوات التي قامت بإذاعة هذه الرسائل مهنية في عدم منح الفرصة للرأي الآخر في التعبير عن موقعه بنفس الطريقة ودعوة مؤيديه إلي التصويت بنعم, وتلك مشكلة الإعلام المصري الذي أصبح متهما بالانحياز وغير محايد سواء عن قصد أو قلة خبرة! ولكن ما آثار قلقي علي مستقبل الوطن, تلك الرسالة السلبية التي جاءت بكلمات بعض رموز القوي السياسية, في عدم الإشارة من قريب أو بعيد لتأكيد احترام الرأي الآخر! فلم اسمع منهم أي تأكيد علي احترامه لما سوف تسفر عنه نتيجة الاستفتاء بنعم, واحترام رأي الشعب, بل صدمني بعضهم في لهجة التحدي الصارخة وترويعه للمواطنين بالقول مهما كانت نتيجة الاستفتاء فلن نقبل به لأنه دستور باطل وسنعمل علي اسقاطه, بكل الطرق, بل قال البعض إنه دستور فصيل لتقسيم مصر! الأمر الذي يجعلني اتساءل مادمنا قد ارتضينا جميعا بالاحتكام للشعب, فهل هذه هي الديمقراطية التي ينشدونها؟! ولماذا يتشدقون بالديمقراطية التي أول مبادئها احترام إرادة الغالبية سواء كانت بنعم أو لا!. وحفظ الله مصر من كل سوء ووقاها شر الفتن من الداخل والخارج.. وتحيا مصر. المزيد من أعمدة أيمن أبو عايد