الأزمات المتلاحقة التي تمر بها صناعة النقل الجوي تضيق الخناق حول شركات الطيران العالمية, وتؤكد أن هذه الصناعة تعمل بصورة شبه دائمة وسط موجة من العواصف والأزمات الاقتصادية، التي باتت تهدد الكثير من الشركات وقد تخرجها من الأسواق ان لم تجد بدائل للعيش. ومصر للطيران واحدة من الشركات التي تواجه مثل هذه الأزمات مرت ولاتزال بمراحل صعبة في مسيرتها, فالأحداث التي تمر بها البلاد أثرت علي الحركة الجوية والسياحية. ولعل الضرائب الجديدة التي فرضتها الحكومة الانجليزية علي رحلات شركات الطيران الي انجلترا, خير دليل علي أن الأزمات لا تنتهي وتحتاج إلي إصرار ورؤية علمية في مواجهتها. وأحسب أن العاملين بمصر للطيران لا ينقصهم هذا الاصرار وهذه الرؤية. وقد كبدت هذه الأزمات الكثير من شركات الطيران العالمية خسائر قياسية يتوقع أن تتفاقم مع نهاية العام الجاري مما دفعها الي البدء بإجراءات استثنائية تمثلت في خفض كبير للنفقات, وبعضها لجأ إلي إلغاء طلبيات الطائرات الجديدة, وأخري البحث عن شراكات وبيع حصص إلي شركات أخري. ومنذ بداية العام أعلنت أياتا علي لسان توني تايلور الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي أن العام الجاري سيكون صعبا علي القطاع الذي تأثر بشدة جراء عدة عوامل أبرزها استمرار الارتفاع في أسعار الوقود ولمدة هي الأطول في تاريخ الصناعة, اضافة إلي جملة من الأزمات الاقتصادية, التي تلف كثيرا من دول العالم وخاصة القارة الأوروبية, التي سببت تراجع الطلب في كثير من أسواقها. وتوقعت( أياتا) أن تسجل صناعة الطيران العالمية تراجعا في الأرباح خلال2012 للسنة الثانية علي التوالي بواقع أرباح قيمتها4.1 مليار دولار وهامش صافي ربح نسبته0.5 في المئة. وقالت أياتا إن تراجع الأرباح هذا العام يأتي بعدما بلغت الأرباح ذروتها في عام2010 وقيمتها15.8 مليار دولار وهامش صافي ربح نسبته2.9 في المئة, مرجعة السبب الرئيسي لتراجع أرباح هذا القطاع إلي أزمة الديون السيادية الأوروبية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي مع استمرار ارتفاع أسعار الوقود. وقد اتخذت شركات الطيران عدة إجراءات استثنائية للتغلب علي الأوضاع الصعبة التي تنذر بكثير من الخطر للصناعة, حيث ألغت أو عدلت بعض الشركات في صفقات لشراء طائرات جديدة في إطار خطة لإعادة الهيكلة, وقامت شركات طيران بتملك حصص في شركات أخري. كما بدأت شركات إجراءات عاجلة لخفض النفقات, وتحسين النتائج المالية وشملت الاجراءات تخفيض السعة المقعدية علي بعض الوجهات الطويلة للشركة وإلغاء وظائف ضمن اعادة الهيكلة وجاءت هذه الاجراءات للتغلب علي الارتفاع المستمر في أسعار الوقود وتراجع الطلب علي الشحن الجوي, اضافة إلي الضغوط المستمرة علي عائدات الدرجة الاقتصادية, وانخفاض عائدات السعر الممتاز وهما درجتا الأعمال والأولي. كما عانت العديد من الشركات من تراجع إيراداتها بسبب العديد من الكوارث الطبيعية والازمات الاقتصادية والاحتجاجات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي أدت إلي إلغاء العديد من الرحلات إلي تلك المناطق, مما أثر سلبا علي أرباح الشركات, وتشير أياتا الي أن صناعة الطيران سجلت علي مر التاريخ خسائر علي المستوي العالمي عندما انخفض نمو الناتج المحلي الاجمالي العالمي الي ما دون نسبة2 في المئة, مما يزيد من احتمالية التوقعات باستمرار تراجع أرباح صناعة الطيران هذا العام, ومن هنا فإن الأحداث الدولية والأزمات تؤثر تأثيرا مباشرا علي منظومة الطيران وهو ما يجعلنا نأمل أن تتجاوز صناعة الطيران هذه الأزمات وفي مقدمتها صناعة الطيران المصري بما يجعلها قادرة علي الاستمرار بقوة في أسواق الطيران العالمي.