غلق المحال التجارية الساعة العاشرة مساء مازال كابوسا يهدد المحال التجارية, فهي تجربة سابقة فاشلة من وجهة نظر كثير من التجار وكثيرا مايرددها المسئولون من حين لآخر.. وفي هذه المرة يعلقونها علي شماعة نقص الكهرباء رغم سرقتها المستمرة خاصة من الباعة الجائلين الذين انتشروا بشكل مزعج للجميع وانتشار آلاف الأكشاك واسرافها في استهلاك الكهرباء بل وسرقتها ومنها ما هو مصدر لتجارة المخدرات وملتقي لبعض الشباب الذي يسبب الازعاج والقلق للمارة في الشارع.. الكهرباء تعاني الكثير والمشكلة حلها ليس الغلق المبكر فقط... فهناك العديد من أساليب ترشيد الكهرباء ومنع السرقات بتغليظ العقوبات وزيادة الغرامات وتطبيق القانون علي الجميع, وهناك تخوف من انتشار الباعة الجائلين بعد الغلق المبكر للمحال وهي زيادة نشاط الباعة الجائلين ليلا أمام المحال المغلقة فهم مثل السرطان, فالأمر يتطلب منظومة كاملة ورؤية شاملة لأن الغلق المبكر مردوده الاقتصادي سيكون سلبيا, لأن عادات المواطن المصري تختلف عن الأوروبي فهو يتسوق ليلا بعد العشاء, كما أن حرارة الجو والمشاغل نهارا تجعل الليل متنفسا للمصريين والشراء بالنسبة لهم نزهة فلا يجب حرمانهم منها. الشارع هو الفيصل والمواطن والتاجر والمسئولون لهم رأي وهذا ماترصده تحقيقات الأهرام من خلال جولة مسائية تنقل صورة واقعية للحياة الليلية المصرية ففي بداية الجولة تحركت السيارة من شارع الجلاء بوسط القاهرة وكانت منطقة الاسعاف بعد المغرب بنصف ساعة مليئة بالباعة الجائلين والميكروباص والبشر علي حساب نهر الشارع وبعد تخطي هذه البؤرة المزمنة.. اتجهنا لشارع رمسيس حتي نصل لشوارع وسط البلد فكان الزحام رهيب, والفرجة أكثر من الشراء, فالأسعار مرتفعة والجيوب خاوية وسألت بعض المارة إلي أين أنتم ذاهبون حيث لايوجد فسحة سوي الشراء والمرور علي المحال وقد لانشتري في الغالب لكن تعودنا علي النزول لنري الدنيا ونفك عن أنفسنا, وتستمر السيارة في السير مرورا بميدان الأوبرا وهو مزدحم بالسيارات والمحال لكن كان الشراء ضعيفا ويقول عبدالحميد أحد العاملين الشغل والبيع يبدأ بعد ساعة من الأن كيف سنغلق الساعة التاسعة فهذا ممكن بالنسبة للورش والحرف لكن البيع والشراء موعده المناسب الليل وهذا مايفضله الزبون ولن نجبره علي موعد فغلق المحال التجارية الساعة التاسعة ليس هو الحل في مشكلة الكهرباء فالمشكلة في سرقة الكهرباء وعدم استخدام اللمبات الموفرة, وفي حالة الغلق المبكر سيؤثر علي السوق والعمالة. واستمرت الرحلة بشارع الأزهر بزحامه حيث يوجد اقبال علي المفروشات لأن العيد قادم وهو موسم زواج وفرصة للتجار ويقول الحاج عبدالحكيم وهو رجل من الصعيد لن أغلق محلي لأن الشغل يحلو ليلا والاقبال يزيد حتي الساعة الحادية عشرة ويستمر في الأعياد حتي قرب الفجر فبلغ المسئولين ألا يحكمون علي المحال بالإعدام فهي تدفع الضرائب وتتحمل أجور عمالة وغيرها من المصاريف اليومية ويشير إلي محل يبيع السندوتشات هل من الممكن أن يتم إغلاقه الساعة التاسعة هذا حرام فكل المحال تخدم علي بعضها وعلي المواطنين وتصرف الانتاج فالعجلة يجب ألا تتوقف واحنا غير أوروبا والصين لأن لنا عادتنا وجونا, ويتحدث معي عامل بشكل منفرد ونبي توصي الحكومة تقفل المحال الساعة عشرة منها نشتغل ومنها فرصة نشوف عيلنا ونرتاح في البيت شوية لأننا نتعب طوال اليوم وصاحب المحل لايهمه سوي المكسب ويتمني أن يفتح24 ساعة وكل يغني علي ليلاه, وفي جولتنا التقطنا بعض الصور للأنوار لمبهرة والمحال وسوء استهاك الكهرباء وانزعج الكثيرون من التصوير لأن الفلاش يلفت النظر ليلا, وكان لابد من وقفة مع تجار الخراف فنحن في موسم عيد واعترض علي التصوير في البداية لكنه بدأ يلين عندما سألناه عن أسعار الكيلو الحي فقال جمعة إنه33 جنيها وممكن ننزل جنيها, وكان المكان مضيئا بعدد من اللمبات شديدة الاستهلاك للطاقة حيث حصل علي مصدرها من وصلة من أحد المحال الجديدة وكأن البلد ليس له صاحب وتركناه وكان الأمر ليس علي معدته فهو أبن ريف وشايف أن الموضوع لايتعلق بالخراف وقال بلاش تنزلوا صورنا أحسن تضرونا. رصدنا العديد من الأكشاك التي انتشرت بعد الثورة بعد أن نبهني لخطورتها زميلنا قائد السيارة فهي استهلاك للتيار وسحب من المصالح الأنتاجية والمحال الكارثة أن القانون بات غائبا والنصح والإرشاد مفقودان, ويقول حنفي صحب كشك ليس لي عمل وفتحت الكشك بعد الثورة بالسلف ولازم أنور الشارع وألفت النظر لأننا زي ما أنت شايف أصحاب الأكشاك يفتحونها في مناطق مقطوعة ونتعرض للسرقة والبلطجة والشباب غير المسئول فنحن نعاني ونحتاج الحماية لأنه لايوجد لدينا عمل وسكني هو الكشك ونادي علي زوجته وبناته الأربع وقال أين نذهب لو تم غلق الكشك؟ وأرجوك بلاش تصوير ودوري علي عمل يعني مع الكشك... وشكرا. الفكهانية والخضرية وأصحاب الأفراد الافرنجية لايكتفون بمحالهم فهم يفترشون الأرصفة وجزءا من الشارع ويستمرون24 ساعة في اليوم.. ويقول مجدي محمد لاأستطيع أن أقوم بإدخال البضاعة وإخراجها كل يوم مرتين, فالمحل ضيق والإيجار الجديد حراق والاقبال يكون ليلا ومبكرا والغلق احنا ضده حتي لو ساعة في اليوم. مشكلات متعددة ضد الغلق المبكر لكن كان لابد من حل لفض الاشتباك هذا مايراه رضا المحامي بالشئون القانونية في شركة تملك عشرات الأفرع من المعارض فيقول منذ3 سنوات مع بداية مشكلة الكهرباء في عهد مبارك المخلوع أثيرت هذه المشكلة وسرعان ماخمدت واليوم تثار مرة أخري, والحل هنا في حالة عدم وجود بديل منذ الغلق حتي الساعة العاشرة في الشتاء والحادية عشرة صيفا, مع مراعاة الأعياد والمواسم والعطلة الأسبوعية ويوم الخميس لايتم الغلق فيها لأنها فرصة للتسوق ويجب التطبيق علي الجميع بالعدل, وهناك حل آخر خفض عدد الكشافات واستخدام اللمبات الموفرة الجيدة لتوفير ربع استهلاك المحل ويكون للإعلام دور ايجابي بعيدا عن برامج الجدال السياسي والوقيعة, الحلول موجودة ودراستها مهمة مع معرفة رأي الناس فتجاهلهم سبب الثورة والغلق بوجه عام غير مقبول إلا في حالة عجز الحلول الأخري, ويؤكد أن الباعة الجائلين وسرقتهم للكهرباء لابد من حلها فالجميع يئنون منهم, ويجب أن يعلم المسئول عن الكهرباء أن الاحتياجات لها ستزيد مع التقدم التكنولوجي وزيادة الرفاهية واستخدام المكيفات. أما محمد طارق وهو مدير أحد المحال: الصيف تكون فيه الحرارة مرتفعة وهذه الأيام أيضا ومع مسئولية السيدات عن الأبناء والتوصيل للمدارس نهارا ليس أمامهن فرصة للنزول والشراء إلا ليلا مع الساعة التاسعة, وتستمر الذروة حتي منتصف الليل وخلال هذه الأيام مع اقتراب العيد يستمر العمل والشراء لقرب الفجر وكذلك في رمضان نسهر حتي الثانية صباحا لأن الناس تحاول تجنب الحر والزحام بالإضافة لضيق الوقت, ومادام العام كله مناسبات فالغلق غير مناسب وترشيد اللمبات والاستهلاك ومنع السرقات للتيار أفضل حتي لايتأثر الاقتصاد فالتجارة والانتاج يؤثران كل منهما في الآخر, والمصانع والمحال بها عمالة بل وسائق التاكسي ينتفع, وإذا كان هناك عجز في الكهرباء يبحثون عن حل آخر وبأسلوب آخر ولايجب الاستسهال, ويعتب علي الجهات الرقابية والأمنية لأن ما يحدث من الباعة الجائلين من ضوضاء وزحام وسرقة الكهرباء يجب ألا يكون فهم يسرقون التيار من الأعمدة وعلب الكهرباء ومن كل مصدر وأصبحوا خطرا, والحل بالتشاور ووقوف الجميع معا. من ناحيته يري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة يحيي الزنانيري نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية أنه تم الاجتماع مع محافظ القاهرة بهذا الخصوص ولم تقرر خطة وكان الاقتراح الغلق للمحال الساعة العاشرة مساء لكن الغرفة اقترحت بعد الساعة الحادية عشرة, وكان الاجتماع مجرد استطلاع رأي, والمجتمع الصناعي والتجاري بوجه عام معترض علي القيود والغلق في أي مواعيد, لكن لو وصل الغلق للحادية عشرة شتاء والثانية عشرة صيفا مع السماح للمطاعم والملاهي والصيدليات السهر للساعة الثانية صباحا وكذلك الخدمات مثل البقالة والسوبر ماركت يمكن الموافقة, فنحن نختلف عن أوروبا وأمريكا من ناحية الطقس ومواعيد العمل فالمصريون تعودوا علي الخروج مساء خاصة في الصيف لارتفاع الحرارة لكن في أوروبا البرد يجعل الناس يلجأون للمنازل, وفي مصر لاننسي أننا لدينا سياحة شتوية للأوروبيين وصيفية للعرب ومستحيل اجبارهم علي النوم الساعة9 مساء. ويؤكد الزنانيري أنه يوجد اقتصاد مواز للنهار يبدأ ليلا مثل المطاعم والسينمات والكافتريات وأنشطة أخري يستفيد منه الملايين مما يؤثر علي دخل الأسرة. لكن ماهو الحل في الغلق ومشكلة الكهرباء؟. هناك وجهة نظر له يوضحها هي: أنه إذا أجبرنا الناس علي الوجود في المنازل سيزيد استخدامهم للكهرباء في الانارة والتكييفات والأجهزة المنزلية وبالتالي المنتج النهائي لن يكون ايجابيا, وبالنسبة لسرقة التيار لابد أن تكون العقوبة السجن مع الغرامة, وضرورة اخلاء الشوارع من الباعة الجائلين الذين يفترشون مداخل المحال التي تدفع الضرائب والتأمينات والرسوم المختلفة.