كان مستنقعا فجففناه! عن «السوشيال ميديا» أتحدث! فى مقال سابق، قلنا إن ساحة المواجهة بين مصر وأعدائها هى السوشيال ميديا، فلم تعد هناك، لا مظاهرات على الأرض، ولا عمليات إرهابية، إلا ما ندر، بل صار النزال مقتصرا على ملاعب تويتر وفيسبوك ويوتيوب. وقلنا أيضا، بالحرف الواحد، إن المعركة صعبة، ولكن يجب أن نربحها، وألا نترك الملعب لخصومنا، من المأجورين، أو من السذج، يسرحون فيه ويمرحون، ويكذبون، ويتطاولون، ويفعلون بنا وببلدنا ما يشاءون. والآن، أستطيع أن أقول بكل ثقة إن الآية تنقلب، أو هى انقلبت بالفعل، فقد صار «المستنقع» أفضل حالا، وإن لم يكن المصريون الوطنيون المخلصون قد سيطروا على الوضع فيه، فإنهم على الأقل، بدأوا «يضبطون» موازين القوى على أرض الملعب، وهو ما أثبتته مواقف وأحداث متلاحقة، قام فيها المصريون الحقيقيون بجهد بطولى لا يقل أهمية عما تقوم به سلطات الدولة فى حربها ضد الإرهاب، أو من أجل الاستقرار والتنمية. قبل عدة شهور، كان التنمر الإلكترونى هو السلاح الذى يتبعه خصوم الدولة المصرية لتطفيش الناس من على مواقع التواصل الاجتماعي. تتحدث عن أى إنجاز للدولة، فتجد من يصفونك بأنك منافق و«مطبلاتي». تدلى بأى تعليق فيه إعجاب بالرئيس مثلا، تجد من ينعتك بأسوأ الصفات وأوقح العبارات. ترفض أى إساءة لبلدك من قريب أو من بعيد، تجد الاتهامات والتحرشات قد أحاطت بك. والهدف، أن تخرج فورا من الملعب، أو أن تبقى على الأقل خائفا مستسلما، ومتلقيا سلبيا لسمومهم وتعليقاتهم وشائعاتهم. منذ فترة، شكت لى سيدة مصرية محترمة من رواد فيسبوك الدائمين من أنها لم تعد قادرة على التواجد على الموقع، من كثرة ما يرد إليها من شتائم، لا تعتبرها إدارة الموقع أمرا مشينا يستوجب الحجب أو الحذف أو معاقبة صاحبه الذى هو فى الأغلب، حساب مزيف، أو حديث الإنشاء، أو من خارج مصر. وشكا لى أحد رواد تويتر من أنه يتلقى سيلا من التهديدات، أيضا فى حماية إدارة تويتر، فور كتابة أى تدوينة مؤيدة للرئيس أو للجيش أو للشرطة. أما يوتيوب فلا يختلف كثيرا عن مواقع الإرهاب، من كثرة ما يسمح به من فيديوهات تطاول وسفالة ضد مصر، فضلا عن بركان الشائعات، واللقطات المضروبة، والتى يصاحبها سيل من التعليقات البذيئة ضد كل ما هو مصري، والويل لمن نشر أى تعليق مخالف لذلك. ليس أمامك إلا أن تسب وتلعن، وتتحول إلى مصنع للشكوى والكراهية والاكتئاب، لكى يرضوا عنك. يدعون عليك بالموت، ويطعنوك فى شرفك، ويتعرضون لأهلك، كل أشكال الإرهاب ممكنة، حتى محمد صلاح، دعوا عليه بالهزيمة والخيبة، بل والإصابة بالمرض اللعين، لمجرد أنه لم ينع مرسي، فهل توجد وقاحة أكثر من ذلك؟! كل هذا كان يحدث يوميا، بل كل ساعة، بل كل دقيقة، وتسبب فى انسحاب هاديء لكثيرين من المصريين من هذه المنصات، الواحد تلو الآخر. ولكن، الوضع الآن عكس ذلك، فاللعبة انكشفت، والانسحاب لم يعد حلا، والغيورون على هذا البلد بدأوا يقتنعون بفكرة الثبات على الأرض، وتجفيف «المستنقع»، بدلا من الاكتفاء بالشكوى من رائحته الكريهة، فكانت النتائج رائعة، وللمرة الأولى، أصبحنا ندرك كيف نستخدم ما يسمى بقوة السوشيال ميديا، أو Social Media Power، فى الاتجاه الصحيح. بعد وفاة مرسي، انزلق البعض فى منحدر «الإنسانية» فى غير محلها، فكان الرد بنشر فيديوهات ووثائق تفضح تناقض هؤلاء مع من شمتوا فى شهدائنا وطبلوا لقاتليهم. فى بطولة الأمم الإفريقية، كانت هناك أكثر من مخططات لإفسادها، وأحبطتها جموع المصريين الواعين على السوشيال ميديا. كانت هناك دعوة مشبوهة لأداء صلاة الغائب على المعزول فى جميع مساجد مصر يوم افتتاح البطولة، ولم يستجب أحد للدعوة، وكان هناك تربص بحفل افتتاح البطولة، ولم يحدث شيء، وكان افتتاحا أسطوريا، وكانت هناك دعوات للتشويش على السلام الوطني، فردد الآلاف «بلادى بلادى» بأروع ما يكون، حتى دعوة الهتاف المستفز فى الدقيقة 22 من المباراة، لتصويرها والمتاجرة بها فى استوديوهات الدوحة، كانت «سمجة»، ولم يستجب لها سوى «ميت نفر». وأنا شخصيا سعدت للغاية عندما استجاب الجمهور لما طالبت به - وغيرى - فى مقال الأسبوع الماضى بأن تنظف الجماهير المدرجات بعد المباراة. وأمثلة أخرى كثيرة ظهرت فيها قوة المصريين على السوشيال ميديا، وآخرها ما حدث مع كوميديان مشهور تعاطف مع «أمير الإرهاب»، ومطربة عربية مغمورة قالت إنها «تقيلة على مصر»! .. وكما نظفنا المدرجات، سنواصل تنظيف المستنقعات! لمزيد من مقالات هانى عسل