القرصنة الإلكترونية تعتبر بلاشك الوجه القبيح للتكنولوجيا. فى الآونة الأخيرة تغيرت أشكال القرصنة كليا عما كانت عليه فى مراحلها الأولى. فظاهرة القرصنة بدأت مع بداية ظهورأجهزة الحاسب الآلي، وازدادت بشكل كبير مع استخدام تقنية الشبكات أو الإنترنت الذى يربط بين 3 مليارات مستخدم حول العالم، ومن خلاله يستطيع القراصنة أو «الهاكرز» اختراق أى جهاز والسيطرة عليه والتحكم فيه عن بعد. ومع التطورالسريع فى التقنية الحديثة، أصبح الدمار أكثر اتساعا وفتكا، فعلى سبيل المثال الهجوم الذى اجتاح أكثر من 100 دولة باستخدام فيروس «رانسوموير» أو«الفدية الخبيثة»، تمكن خلال ساعات من تعطيل العديد من المؤسسات والمنظمات الحيوية حول العالم، من بينها مستشفيات ومجموعة شركات فرنسية شهيرة تعمل فى مجال صناعة السيارات. كما تسببت تلك الهجمات فى تعطيل النظام المصرفى الروسي، فمن روسيا إلى إسبانيا ومن المكسيك إلى فيتنام استهدف برنامج «الفدية الخبيثة» عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر مستغلا ثغرة فى أنظمة التشغيل «ويندوز». وتسلل الفيروس المدمر إلى مختلف الأجهزة فى المنازل والشركات وهيئات حكومية عالمية، حيث طالب منفذو الهجوم الضحايا بدفع مبلغ يتراوح بين 300 و600 دولار فى شكل العملة الرقمية بيتكوين، مقابل إنهاء الأزمة. وفى مطلع العام الجاري، تعرضت الحكومة الألمانية لأكبر عملية اختراق فى تاريخها، بما فى ذلك البريد الإلكترونى للمستشارة أنجيلا ميركل، حيث تم تسريب بيانات كبار الساسة الألمان على حساب وهمى على موقع «تويتر». كما تعرضت سلسلة فنادق عالمية لاختراق عنيف قبل أشهر قليلة، حيث تم تسريب البيانات الشخصية والمصرفية لآلاف النزلاء. ولا يمكن أن نتجاهل أيضا ما حدث فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، حيث تلاعبت جهات ببيانات مستخدمى فيسبوك واستغلتها فى الانتخابات لصالح الرئيس دونالد ترامب. جرائم القرصنة الإلكترونية تحولت إلى ما يمكن وصفه ب«إرهاب إلكترونى» يغزو دول العالم. ووفقا لأحدث الإحصاءات التى نشرتها شركة «كاسبرسكي» المتخصصة فى مجال الأمن الإلكترونى ومكافحة القرصنة، فإن خسائرجرائم القرصنة الإلكترونية على مستوى العالم تزيد على 3 تريليونات دولار. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 6 تريليونات دولار بحلول عام 2021.