صناعة السياحة فى العالم تعتمد فى ازدهارها ونموها على الاستقرار الأمنى والسياسى والعلاقات الدولية الجيدة، التى تربط بين الدول المصدرة للحركة والدول المستقبلة لها..، وقد انعكس نجاح مصر فى هذه الملفات على زيادة التدفق السياحى إليها من مختلف دول العالم، وخاصة من السوق الألمانى الذى يصدر الحركة الوافدة إلى مصر خلال العام الماضى محققا 1.7 مليون سائح. وعلى الرغم من أن مصر لم تحصل على مدى تاريخها السياحى على هذه الأعداد من أهم سوق أوروبى بفضل العلاقات غير المسبوقة بين القاهرةوبرلين، إلا أن تركيا قد استطاعت رغم علاقاتها السيئة بالمانيا الحصول على ما يقرب من 5 ملايين سائح خلال السنة نفسها. ولكن خلال الشهر الحالى أصدرت وزارة الخارجية الألمانية سلسلة من التحذيرات على موقعها الإلكترونى، تطلب فيها من المواطنين عدم زيارة تركيا حفاظا على حياتهم، وحرصا على سلامتهم..هذه التحذيرات ستؤدى بالتأكيد إلى تراجع حصة تركيا من السوق الألمانى بشكل غير مسبوق. هذا الإجراء القوى من الجانب الألمانى ضد الدولة المنافسة لنا سياحيا يفرض على القطاع السياحى المصرى، أن يتحرك سريعا فى ملفين مهمين لتحقيق أكبر زيادة ممكنة من الحركة الصادرة من السوق الألمانى..، ويأتى ملف الترويج كما يرى الخبراء على رأس التحركات المطلوبة خلال الفترة الحالية، حيث يجب إطلاق حملات ترويجية ضخمة داخل مختلف المدن الألمانية لحث المواطنين على اختيار مصر مقصدا لقضاء إجازاتهم..، وأن يتم عقد لقاءات فورية جادة مع منظمى الرحلات الكبار لزيادة عدد رحلاتهم الى مختلف المدن السياحية مثل الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ..، وأن يتم تشجيعهم على إطلاق حملات ترويجية مشتركة تنعكس على زيادة الحركة الوافدة إلى مصر. أما الملف الثانى والأهم فيرى خبراء السياحة ضرورة الضغط على الجانب الألمانى الحكومى لتخفيض رسوم المغادرة المفروضة على السائح المسافر إلى مصر، والتى تصل إلى 22 يورو فى حين لا تزيد على 7.5 يورو عند السفر إلى تركيا وهو الأمر الذى أدى إلى إرتفاع تكاليف السفر إلى مصر مقارنة بالدول المنافسة. وهذا بالفعل ما ناقشته الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة خلال لقائها مع «جيرد موللر» وزير التعاون الدولى والأنمائى خلال مشاركة مصر فى بورصة برلين الدولية للسياحة مارس الماضى..، كما سبق وأن حاول أيضا وزراء السياحة السابقين ولكن إلى الآن لم يتم حل هذه القضية التى تؤثر وبقوة على نسب الحركة الوافدة من السوق الألمانى. وطالب الخبراء أيضا بضرورة إنهاء التحذير الخاص للشركات الألمانية بالطيران على ارتفاع أقل من 26 الف قدم فوق منطقة جنوبسيناء، لأن هذا الأمر أدى إلى إحجام بعض منظمى الرحلات الألمان عن تسيير رحلات إلى مدينة شرم الشيخ..، وهو ما يفسر زيادة التدفقات السياحية إلى مدن البحر الأحمر مقارنة بمدينة السلام التى ما زالت تعانى من قلة نسب الأشغال مقارنة بمدن البحر الأحمرالغردقة ومرسى علم. كما أشاروا إلى ضرورة قيام الجانب المصرى بمناقشة القرار الألمانى الذى يحظر على جميع شركات الطيران المصرية «الشارتر»و شركة «إير كايرو» التابعة للشركة القابضة للطيران صعود أية وجبات طعام أوزجاجات المياه «الكاترنج»على متن الطائرات وهو الأمر الذى يؤدى إلى شعور السائح بالقلق وعدم الأمان. يمكن القول إن هذه التحذيرات الأمنية المتكررة الصادرة من ألمانيا ضد زيارة تركيا سوف تتسبب فى تراجع مكانة تركيا كوجهة سياحية مفضلة لدى الألمان وبشكل سيقود إلى انخفاض أكبر فى أعداد السياح الألمان الوافدين لتركيا..، وهو الأمر الذى سوف يؤدى إلى زيادة الحركة الى المقصد السياحى المصرى، وهذا ما أوضحته بالفعل مؤشرات واستطلاعات رأى عديدة أجريت فى الأشهر الماضية، بما قد يفرض فى النهاية على القطاع السياحى المصرى بشقية الحكومى والخاص أن يتحرك سريعا لاستغلال هذه الفرصة، ويطلق حزمة من الحملات التسويقية والترويجية تداعب خيال السائح الألمانى المستهدف تجعلة يختار مصر كوجهة لقضاء عطلته المقبلة. فهذا الأمر كما أكد الخبراء أيضا سيؤدى إلى حدوث انتعاشة كبيرة فى نسب الأشغال الفندقية، وما يتبعها من توفير المزيد من فرص العمل وفتح أبواب رزق جديدة للأسر العاملة فى السياحة.. كما أكدوا أن زيادة الحركة سوف تعمل من تلقاء نفسها على زيادة أسعار الرحلات السياحية الأمر الذى سيؤدى حتما إلى زيادة معدلات إنفاق السائحين ومضاعفة موارد الدولة من النقد الأجنبى.