«أيها الإنسان المخبول.. استيقظ من سباتك واعرف أنك فى خطر.. وأن السنوات المقبلة ستكون بلا ربيع.. وبلا طيور تغرد وبلابل تغني.. ربيع لن تسمع فيه سوى صوت الصمت».. كانت هذه صيحة تحذير أطلقتها عالمة الأحياء الأمريكية «كارسون» فى كتابها «ربيع الصمت» الذى صدر عام 1962 ونادت فيه بوضع حد لاستخدام المبيدات الحشرية، لأنها ستؤدى إلى اختفاء الطيور وهلاك الحيوان وإصابة الإنسان بأمراض خطيرة. صيحة التحذير التى أطلقتها عالمة الاحياء قوبلت بهجوم عنيف ومعارضة شديدة.. من الشركات التى تبيع المبيدات الحشرية والكيماويات.. ومن الصحف التى تنشر إعلانات لهذه الشركات.. ومن وزارة الزراعة الأمريكية. كتاب آخر.. لم يهتم أحد بما جاء فيه.. صدر منذ نحو ثلاثة عقود.. اسمه «العالم سنة 2500».. حذر فيه المؤلف من أيام سوداء ستشهدها البشرية إذا لم تستعد من الآن لمواجهة عصر شديد البرودة.. وأكد المؤلف أن جميع العلماء متفقون على أننا على وشك الدخول فى عصر جليدى جديد.. لم يكن المؤلف متشائما كما اعتبره البعض.. ففى الأسابيع الماضية انخفضت درجة الحرارة إلى أربعين درجة تحت الصفر فى وسط وشمال أمريكا.. فى الوقت نفسه اجتاحت أستراليا موجة حر شديد بلغت فيها درجة الحرارة 50 درجة. أيضا لم يهتم أحد بأبحاث العلماء، حيث أكدوا أن الارتفاع المستمر فى درجات الحرارة.. وانصهار كتل الجليد فى القطبين.. سيرفع مياه المحيطات وتغرق مدن بكاملها، كما أن استئصال الغابات سيؤدى إلى فناء أنواع من الكائنات الحية.. وإلى ظهور بيئة صحراوية لا يمكن إصلاحها، مكان بيئة الغابات القديمة. كل هذه التحذيرات ولا حياة لمن تنادي.. ظل العالم يغض البصر عن الأنشطة المدمرة للبيئة والتى يمارسها الإنسان منذ فترة طويلة.. وهو الأمر الذى لفت نظر وزير البيئة الأسبق فى ألمانيا «كلاوس توفر» الذى قال منذ نحو عقدين من الزمن: «يبدو أن مشكلة البيئة لن تحظى بالاهتمام إلا بعد حل جميع المشكلات التى يعانيها العالم، خاصة المشكلة الاقتصادية.. لذلك توضع نتائج مؤتمرات البيئة داخل صندوق كتب عليه «يفتح عند تحسن الحالة الاقتصادية» لكن هذا الصندوق لن يفتح أبدا.. هكذا تنبأ مؤلفا كتاب «فخ العولمة» عندما قالا «إن قادة الدول الكبرى يتعامون عن مشكلات البيئة.. والولايات المتحدةالأمريكية لن تنشط أبدا فى هذا المجال». بالفعل لم يهتم المسئولون فى أمريكا بمشكلات البيئة.. لكن عندما يأتى ربيع لا يرون فيه أسراب الطيور وهى تغرد فى السماء.. سيدركون أن عالمة الاحياء كانت على حق. لمزيد من مقالات عايدة رزق