مر علينا منذ أيام ما أُطلق عليه «عيد الحب»، فسألت نفسى: متى يأتى علينا يوم للحب لا تغرب شمسه أبداً، ثم يمضى كمثل باقى الأيام، فإذا بنا نحشر بين حرفيه «حرف الراء» فتتحول الدنيا إلى دنيا (حرب) بكل أشكالها، وما أن تضع أوزارها فى مكان إذا بها تبث سعيرها فى أماكن أخرى تدهسنا بآلاتها وترساناتها، فنعود إلى زمنٍ منزوع الحب خال من دسم الود والوئام، متناسين أن الحب هو الذى وطَّن الإنسان فوق أديم الأرض، فلقد خلقنا الله لكى نعمّر الكون، فالكون فى كل صوره «حبٌ فى حب»، وهو فضيلة الفضائل، لأنه ينطوى فى صميمه على قيمة أخلاقية كبرى ألا وهى (الإرادة الخيَرة) لأنه فى جوهره إنبات وإحياء، فى حين أن الكراهية إنكار وإفناء، فهو السبيل لتحقيق الأفعال التى لا طاقة لغير ذوى الإرادة القوية لتحقيقها، حيث إنه يحشد كل ما لدى الفرد من مشاعر فضيلة، فيرى فى الآخر كائنا مثاليا، وبالتالى يمكّننا من امتلاك القوة التى تغير الطبائع، فيستطيع المحب أن يجعل ما يتمناه من خير فيمن يحبه، فيخشيا معاً أن يقع فى مرمى كل منهما ما يخالف تعاليم الدين والأعراف، مما يمهد لإنتاج مواطن صالح نظيف قادر على مواجهة ثقافة العصر الذى حوّلته إلى مجرد آلة بلا روح، ولا ذوق ولا حب، ولعل استدعاء هذا الشعور بشكل دائم وليس يوماً واحداً يساعدنا فى بناء خطابنا الدينى والوطنى معاً بل وربما يكون من أهم الحلول لمشكلاتنا، ولذا بات علينا أن نعلم أولادنا أن الحب أصلٌ من أصول الإسلام بل وكل الشرائع السماوية، وأنه دليل على القرب من الله، فليس من المعقول القول إننا نحب الله فى الوقت الذى لا نتبادل مع خلق الله نفس مشاعر الحب، فنفوّت على أنفسنا شرف معية المتحابين فى الله، فيكون ذلك بمثابة معالجة لكل المشكلات التى تحتاج إلى طاقة روحية بموجبها ننشر بيننا قيم التكافل والاستيعاب الحقيقى لمعنى الوجود الإنسانى. عبدالحى الحلاوى