أثارت ملكة مصر القديمة «كليوباترا» الكثير من علامات الاستفهام حول لون بشرتها: هل هى بيضاء نتيجة لانحدارها من سلالة بطلمية أم سمراء؟ وما سر فتنتها؟ أسئلة كثيرة مازالت تتردد على مدى العصور، ولكن ما لم يختلف حوله الكثيرون هو أنه لا يمكن تخيل «ملكة النيل» أو «ابنة إيزيس» دون أن ترد إلى الأذهان على الفور صورة النجمة إليزابيث تايلور بجمالها الأخاذ وعيونها الخضراء، التى أدت الدور فى فيلمها الشهير حول الملكة المصرية. ولم تكن تايلور أول من قدمت الدور على شاشات هوليوود، فقد جذبت أسطورة السينما الصامتة ثيدا بارا الأنظار إلى شخصية ملكة مصر القديمة فى فيلم عام 1917، ثم أعيد إنتاج الفيلم عام 1934 بالبطلة كلوديت جولبرت، وكلتاهما لم تكن بجمال تايلور، كما عرضت شبكة «إيه. بى. سى» مسلسلا من جزءين عام 1999 حول حياة كليوباترا بطولة السمراء التشيلية الأصل لينور فاريلا، ومقتبسا من رواية «مذكرات كليوباترا» للكاتبة الأمريكية مارجريت جيورجى. هذه الأسئلة حول لون بشرة كليوباترا عادت إلى الأذهان بمجرد نشر تقرير فى صحيفة «ديلى ستار» البريطانية قبل أيام حول تفاوض شركة الإنتاج «سونى» مع النجمتين أنجلينا جولى وليدى جاجا حول أداء الدور الذى قدمته تايلور عام 1963، وتسببت وقتها فى إفلاس شركة «توينتيث سينشرى فوكس»، حيث تقاضت رقما خياليا مقابل بطولة الفيلم، وهو مليون دولار. ورصدت «سونى» ميزانية ضخمة للفيلم، ومازالت تجرى مفاوضات مع جولى -43 عاما- الحائزة على جائزة الأوسكار منذ شهور والتى قامت بدور أم الإسكندر الأكبر «جد كليوباترا»، كما أن الشركة دخلت فى مفاوضات موازية مع المغنية الشابة ليدى جاجا - 32 عاما - التى أثبتت موهبتها كممثلة فى فيلم «مولد نجمة» مع النجم والمخرج برادلى كوبر، الذى حقق إيرادات ضخمة فى دور العرض كما حاز العديد من الجوائز. وصرح مصدر فى الشركة بأن كليوباترا ملكة النيل، وأن تايلور أثبتت موهبتها كملكة هوليوود مع نجاح الفيلم قائلا: «هناك كل الأسباب التى تدفعك للتفكير بأن كل من يمكنها أن تؤدى الدور هذه المرة ستحظى بنجاح ضخم فى صناعة الأفلام السينمائية». لكن القصة هذه المرة ستكون مختلفة من منظور تناولها، فإنها لن تركز على جمال المرأة التى أسرت يوليوس قيصر ومارك أنتونى، بل ستسلط الضوء على «السياسة القذرة والدموية» من منظور نسائى، وهو منظور ملكة مصر التى اضطرت إلى تقديم تنازلات من أجل استمرارها على العرش ومواجهة مطامع روما الاستعمارية. وعلى الرغم من المكاسب التى حققها «كليوباترا إليزابيث تايلور» فقد كان فيلمها الأعلى فى الإيرادات فى التاريخ الأمريكى إذ حقق نحو 58 مليون دولار إلا الشركة خسرت بسبب تكاليف الإنتاج والتسويق، كما أنه حاز 4 جوائز أوسكار لأفضل إنتاج وتصوير وتأثيرات بصرية وملابس. والمفارقة أنه حتى فى حالة موافقة أى من النجمتين، فإن الشركة ستجرى اختبارا تمثيليا لهما حتى يتم الاستقرار على واحدة، وهو أمر يحدث لأول مرة خصوصا لنجمات الصف الأول، فجولى حاصلة على جائزة أوسكار وثلاث جوائز جولدن جلوب، بينما حصدت جاجا ست جوائز جرامى وجائزة إيمى وثلاث جوائز بريت البريطانية لموسيقى البوب. وبمجرد طرح السؤال حول؛ من منهما ستكون ملكة النيل؟ حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بمهاجمة الاختيارين، على اعتبار أن عنصرية هوليوود تفرض نفسها دائما، متسائلة: لماذا لا تكون كليوباترا سمراء؟.