منذ عقود طويلة ومصر تمثل مصدرا للإشعاع والتنوير للثقافة العربية، من حكايات عبد الله النديم إلى إبداعات طه حسين وعباس العقاد وأحمد حسن الزيات وصولا إلى نجيب محفوظ ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس، وحتى الأجيال الحالية من الكتاب والمبدعين، الذين يمثلون القوة الناعمة المصرية بأقوى صورها. وقد ترسخت الثقافة المصرية فى الوجدان العربى بفضل هذه القوة الناعمة، وأضحت القاطرة الأساسية للثقافة العربية على مر السنين، فى جميع مجالات الإبداع الأدبى والفنى والنقدى وغيرها. واحتضنت مصر كل المبدعين العرب الذين انطلقوا من أرضها، من يعقوب صنوع إلى جورجى زيدان وسليم وبشارة تقلا وفريد الأطرش وأسمهان وصباح، وغيرهم من كبار الكتاب والأدباء والصحفيين والفنانين الذين أثروا الثقافة العربية انطلاقا من مصر. وشكل معرض القاهرة الدولى للكتاب حدثا ثقافيا عربيا ضخما عند افتتاحه لأول مرة منذ نصف قرن، ومازال حتى الآن أضخم معرض عربى للكتاب والثانى على مستوى العالم بعد معرض فرانكفورت، بما يحمله من قيم ثقافية متعددة، ومايقدمه من أنشطة إبداعية مختلفة. لذلك فإن حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على افتتاح المعرض فى اليوبيل الذهبى له أمس يؤكد حرص الدولة واهتمامها بنشر الوعى والثقافة والعلم، فى ضوء تبنى الرئيس إستراتيجية بناء الإنسان المصرى من كل الجوانب، ودعوته إلى انتهاج المسار العلمى ونشر الثقافة والمعرفة. كما يعكس اهتمام الدولة بصناعة النشر كإحدى أذرع القوة الناعمة المصرية الهادفة إلى التنوير ومواجهة التطرف، كما يؤكد اهتمام الوطن بالمعرفة باعتبارها من أدوات التقدم والازدهار، خاصة أن مصر حرصت على نقل المعرض إلى موقع جديد يعد نقلة حضارية وواجهة مشرفة تليق بمكانة مصر أمام العالم. يتميز معرض القاهرة للكتاب بأنه لا يقتصر على عرض الكتب، وإنما يشمل 1400 فعالية على مدى 13 يوما فى مختلف المجالات، من أهمها فعاليات الأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة، حيث يتم تنظيم 250 فعالية للأطفال فى معرض الكتاب، لتشجيعهم على القراءة. وسوف تظل مصر مصدر القوة الناعمة العربية، بما تملكه من عقول مبدعة، واهتمام من الدولة بأدوات الإبداع ونشر الفكر والثقافة فى مواجهة الأفكار المتطرفة، فالثقافة من الميادين الأساسية فى معركتنا ضد الإرهاب. لمزيد من مقالات ◀ رأى الأهرام