للأسبوع الخامس على التوالي، تظاهر الآلاف من محتجى «السترات الصفراء» فى فرنسا، ووقعت اشتباكات طفيفة بين الشرطة والمتظاهرين فى باريس، إلا أنها هدأت بعد وقت قصير، خاصة مع تراجع أعداد المحتجين بشكل كبير فى العاصمة، بينما شهدت المدن حشودا كبيرة، وفى مقدمتها مارسيليا. وكثفت الشرطة من تواجدها فى العاصمة والمدن الفرنسية، حيث تم نشر 86 ألف عنصر أمني، كما اعتقلت 58 شخصا من السترات الصفراء قبيل انطلاق المظاهرات، حيث تجمع المئات فى ساحة الشانزليزيه وأمام مبنى الأوبرا العريق، مرددين هتافات تطالب باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون. ونقلت إذاعة «فرانس إنفو» عن مديرية الشرطة أن عدد المتظاهرين فى باريس وصل إلى نحو 1000 شخص، وذلك على الرغم من التنازلات التى أقرتها الحكومة. ومقارنة مع السبت قبل الماضي، انخفض عدد المعتقلين، إذ بلغ عدد المعتقلين الأسبوع الماضى قرابة 300 فى باريس وحدها. وشهدت باريس حالة من الشلل الجزئي، حيث تم وقف وسائل النقل وإغلاق المحال التجارية والمواقع الأثرية والتاريخية. وجلست مجموعات من المتظاهرين «القرفصاء» وقد رفعوا أيديهم فوق رءوسهم فى إشارة لما حدث من قبل رجال الأمن بضاحية مونت لا جولى الباريسية مؤخرا عندما اعتقلت الشرطة تلاميذ إحدى المدارس ودفعتهم للجلوس على الأرض. وقال جيريمى - 28 عاما- الذى وصل من مدينة رين بغرب فرنسا:» المرة الأخيرة تجمعنا من أجل الرسوم، هذه المرة جئنا من أجل المؤسسات: نريد مزيدا من الديمقراطية المباشرة». وأضاف:«يجب أن نصرخ ليسمع صوتنا». وفى أجواء البرد القارس، توافد المتظاهرون فى مجموعات اعتبارا من الساعة الثامنة صباح أمس بالتوقيت المحلي. وحول قوس النصر، الذى تعرض للتخريب فى الأول من ديسمبر الحالي، تمركزت شاحنات الدرك منذ الفجر بينما شوهدت شاحنات مزودة بخراطيم مياه فى الشارع الذى تحول خلال أسابيع إلى مركز للمظاهرات. ولمواجهة أى انفلات أمني، أعلنت السلطات فى باريس نشر ثمانية آلاف عنصر من قوات الأمن و14 آلية مدرعة. وقال لوران نونيز سكرتير الدولة الفرنسية للشئون الداخلية: «نتوقع تعبئة أقل حجما لكن مع أفراد أكثر تصميما». ودعا كريستوف شالانسون أحد محتجى «السترات الصفراء»، الذى يعد من الممثلين «البنائين» فى الحركة، إلى «مزيد من الحزم» وقرر التظاهر «حتى استقالة» الرئيس. وكان ماكرون قد استبق المظاهرات بتأكيده: «بلدنا يحتاج اليوم إلى الهدوء، يحتاج إلى النظام». وأضاف الرئيس الفرنسى الذى كان يتحدث فى ختام قمة أوروبية «قدمت ردا» على مطالب «السترات الصفراء» إن «الحوار لا يتم باحتلال الأماكن العامة والعنف». وبعد الاعتداء الإرهابى الذى وقع الثلاثاء الماضى فى ستراسبورج وأسفر عن سقوط أربعة قتلي، تصاعدت دعوات من قبل الأغلبية ومن الحكومة بعدم التظاهر ، لكن جزءا من المحتجين رفضها معتبرا أن «لا علاقة تربط بين الأمرين». ودعا المعتدلون منهم الممثلون بمجموعة «السترات الصفراء الأحرار» إلى «هدنة» ورأوا أنه «حان وقت الحوار»، لكن آخرين أبدوا تصميمهم على النزول إلى الشوارع من جديد للحصول على مكاسب اجتماعية واقتصادية جديدة. وعنونت صحيفة «لوباريزيان» أن المظاهرات تريد «تحقيق الهدف أو خسارة كل شئ»، بينما كتبت صحيفة «لوفيجارو» أن «ماكرون يعول على التشاور لإخماد الاحتجاج».