مع انطلاق «سبت الغضب» الرابع لمحتجى السترات الصفراء فى فرنسا، استخدمت الشرطة الفرنسية كل وسائل الردع الممكنة لمنع المظاهرات وأعمال الشغب فى العاصمة باريس وغيرها من المدن، مع أكبر حالة تأهب أمنى تشهدها البلاد منذ اشتعال الاحتجاجات التى وصلت إلى المطالبة باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون. وقبيل بدء المظاهرات، اعتقلت الشرطة العشرات من المتظاهرين من السترات الصفراء، كما منعت من يحاولون الوصول إلى باريس من مارسيليا وتولوز من ركوب القطارات، مع انتشار نحو 90 ألف عنصر أمنى لمنع أعمال الشغب ووقوع أعمال عنف مثل التى شهدتها البلاد الأسبوع الماضي. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين فى وسط باريس، مع محاولة بضع مئات التسلل من شوارع جانبية للوصول إلى قصر الرئاسة «الإليزيه»، حيث حاولوا اقتحام شارع الشانزيليزيه وقوس النصر ومنطقة التسوق الراقية وسط العاصمة الفرنسية، وسط هتافات «ماكرون.. استقل». وفى الوقت ذاته، ذكرت شبكة «سكاى نيوز» أن السلطات نشرت مدرعات للمرة الأولى فى العاصمة منذ سنوات بلغ عددها 14 مدرعة فى باريس وحدها، تحسبا لمزيد من أعمال العنف. وقالت متحدثة باسم الشرطة، للصحفيين، إن هناك نحو 1500محتج فى شارع الشانزيليزيه، بينما ذكرت السلطات أنها ألقت القبض على أكثر من 600 شخص، بعدما عثرت الشرطة بحوزتهم على أشياء مثل المطارق ومضارب البيسبول وكرات معدنية. وبين المعتقلين عشرات تم اعتقالهم بعدما عثرت السلطات بحوزتهم على أقنعة ومطارق ومقاليع وحجارة يمكن استخدامها لمهاجمة الشرطة. وفى غضون ذلك، قال إدوار فيليب، رئيس الوزراء الفرنسي، فى خطاب تليفزيوني: «سنبذل قصارى جهدنا ليمر اليوم دون عنف حتى نستطيع مواصلة الحوار الذى بدأناه، فى ظل أفضل ظروف ممكنة».وقال كريستوف كاستانير، وزير الداخلية، لموقع «بروت» الإخبارى الإلكتروني: «مستعدون لرد قوي». وناشد المحتجين السلميين عدم الوجود فى نفس المكان مع «مثيرى الشغب». وفى وقت سابق، وصف كاستانير حركة الاحتجاج بأنها «وحش» خارج عن السيطرة، وهدد بأن «القوة ستبقى للقانون»، عارضا تدابير أمنية «واسعة النطاق سيتم اتخاذها لهذه المناسبة، ومن ضمنها استخدام آليات مدرعة لقوات الدرك قادرة على إزالة السواتر التى قد ينصبها المحتجون فى العاصمة». وأضاف: «مثيرو الشغب لن يكونوا مؤثرين إلا إذا تخفوا وراء السترات الصفراء، العنف ليس وسيلة جيدة على الإطلاق لتحصل على ما تريد، الآن وقت النقاش». وقال شرطى يرتدى قناعا واقيا من الغاز بينما كان أحد المحتجين يلقى ورودا بلاستيكية صفراء نحو رجال الشرطة: «إذا لم تلجأوا للعنف لن نلجأ له». وبدت باريس فى معظم أجزائها كما لو كانت مدينة أشباح، حيث أغلقت المتاحف والمتاجر فى يوم كان يفترض أن يكون للتسوق فى أجواء احتفالية قبيل عيد الميلاد. وكان عدد السائحين قليلا وناشدت السلطات السكان البقاء فى منازلهم قدر المستطاع. وأغلقت عشرات الشوارع أمام حركة المرور، كما أغلقت متاحف ذات شهرة عالمية مثل متحف أورسيه واللوفر ومركز بومبيدو أبوابها. وغطيت العديد من المتاجر بألواح لحمايتها من النهب، وأزيلت مقاعد الشوارع والمواد المستخدمة فى مواقع البناء لتجنب استخدامها كمقذوفات. وفى الوقت ذاته، أعلنت رئيسة بلدية العاصمة عن إقامة خلية طوارئ لإدارة الأزمات. وعلى صعيد آخر، عبرت السترات الصفراء الحدود لتصل إلى بلجيكا وهولندا. ونشرت الشرطة البلجيكية عشرات الجنود تحسبا للمظاهرات، واعتقلت 70 متظاهرا تجمعوا أمام مقر الاتحاد الأوروبى فى بروكسل. ومن جانبه، دعا يان ديجرف، رئيس تحرير صحيفة «المقاومة» الهولندية، إلى مظاهرات سلمية فى العاصمة أمستردام ومدينة روتردام، بعد مقترح لرفع أسعار الوقود.