كتبت فى هذا العمود يوم السبت قبل الماضى عن إعلان السادات فى 9 نوفمبر عن استعداده للذهاب إلى إسرائيل، وكيف أن هذا الإعلان كان له وقع الصاعقة على مختلف الأطراف، ولكن السادات كان قد أعد جيدا لهذا الإعلان. والآن أستعيد ما حدث بعد ذلك بعشرة أيام، فى نفس تاريخ هذا اليوم: 19 نوفمبر من عام 1977، أى منذ 41 عاما، عندما هبطت طائرة السادات فى مطار بن جوريون، فى مشهد تابعه العالم كله. لم يذهب السادات وهو ضعيف أو مهزوم، ولكنه ذهب بعد أن حقق فى أكتوبر 1973 انتصارا كلف الإسرائيليين مايقرب من ثلاثة آلاف قتيل وثمانية آلاف جريح وألف أسير. وكانت هذه المبادرة هى الأساس الذى قامت عليه اتفاقية كامب ديفيد فى 1977 ثم المعاهدة المصرية الإسرائيلية فى 1978. وفى حين لقيت هذه الخطوات كلها الموافقة والترحيب من الغالبية الساحقة من الشعب المصرى فقد كان من الطبيعى أيضا أن يوجد أيضا من رفضوا هذا السلام مع إسرائيل، رافعين شعار رفض التطبيع وقد أفلح هؤلاء بالفعل فى تحجيم العلاقة مع إسرائيل ولكن طبعا من جانب واحد، أى الجانب المصرى! فماذا كانت النتيجة؟ كانت هى تدفق الزيارات والسياحة الإسرائيلية إلى مصر على نحو كبير، ووفقا لأرقام وزارة السياحة فإن إسرائيل احتلت المركز السابع عالميا فى تصدير السياح لمصر خلال العام الماضى (2017) بنحو 234 ألف سائح، وهو نفس العدد الذى زارها فى 2016. ما المعنى الذى أستخلصه من ذلك..؟ المعنى هو أنه تحت حجة رفض التطبيع أصبح الغالبية العظمى من المصريين بمثقفيهم وعلمائهم لا يعرفون فى الحقيقة شيئا عن إسرائيل فى الوقت الذى يعرف ويدرس الإسرائيليون، ويعرفون جيدا، بمثقفيهم وعلمائهم بل وبمواطنيهم العاديين كل شىء عن مصر والمصريين. أعلم أن هذا الحديث لن يعجب البعض، من ذوى النيات الطيبة، ولكن كما يقال بحق فإن الطريق إلى جهنم مفروش بالنيات الطيبة! لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب