التزمت جميع الأطراف هذه المرة فى أمريكا بعدم ذكر ديانة المتهم بإطلاق النار على المعبد اليهودى فى بيتسبرج بولاية بنسلفانيا مساء السبت الماضى، وفق تقليد واعٍ جدير بالتقدير. وبرغم التساؤلات الجماهيرية الملحة، فإن الأجهزة الرسمية اكتفت، حتى الآن، بذكر معلومات مثل اسمه ولونه وعمره ومحل إقامته، كما حرصت وسائل الإعلام على عدم الحفر بحثاً عن ديانته، وذلك مراعاة للمصلحة العامة التى يمكن أن تتعرض لاضطرابات بسبب الاستقطابات التى تحدث فى أوساط ملايين البسطاء ممن قد يندفع بعضهم فى ردود أفعال انفعالية ضد الجريمة ويوجهون غضبهم الأهوج نحو الأبرياء ممن ينتمون إلى نفس دين أو مذهب المتهم. وقد تجلى هذا التقليد على أوضح ما يكون فى العملية الإرهابية الشهيرة، بتفجير مبنى فيدرالى فى أوكلاهوما عام 1995، والتى وصل ضحاياها إلى 168 قتيلاً، ولكن الرأى العام لم يعرف بالتحديد الانتماء الدينى للمتهم إلا من معرفة مذهب القس الذى حضر لتلقى اعترافه عند تنفيذ حكم الإعدام فيه عام 2001. وتجدر ملاحظة أن هذا التقليد العاقل سرعان ما يُنسى، للأسف الشديد، فى جرائم أخرى يقترفها أفراد ينتمون إلى الإسلام، أو حتى وهم فى طور الاتهام بالجريمة، فتنطلق أبواق كثيرة، ليس فقط بإعلان ديانتهم، وإنما تصل إلى حملات صحفية وإذاعية وتليفزيونية وندوات ومحاضرات ينطلقون فيها بلا فرامل، يتجاوزون فيها تفاصيل الجريمة المنظورة ويسهبون فى استخلاص دوافعها من صلب الفقه الإسلامى، ويعززون حججهم بوقائع تاريخية مر عليها قرون..إلخ! وكان أوضح مثال فى الجريمة البشعة فى 11 سبتمبر، التى أعلن عن هوية المتهمين فيها بعد ساعات قليلة من الانفجارات! ومن يومها، لم تتوقف حملات الإعلام المعادى للإسلام والمسلمين!. فى كل الأحوال، فإنه يجب، صراحة ودون مواربة، إدانة جريمة بنسلفانيا، وكل جريمة شبيهة، بأوضح وأشد العبارات، لأنه لا يمكن قبول أو تبرير أو الصمت على ترويع وقتل بشر مسالمين يؤدون صلواتهم، أياً ما كانت ديانتهم وحيثما كان معبدهم فى أى بقعة فى العالم، ومهما كانت ديانة المتهم. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب