هناك أكثر من ثلاثمائة مركب عائم كانت فى مواسم الرواج السياحى، تجوب نهرالنيل شتاء، ثم تبحر إلى القاهرة صيفا للتجديد فى انتظار موسم الشتاء حين تزدهر السياحة الأجنبية، فلماذا لا يتم السماح لهذه المراكب بأن تنعش السياحة الداخلية لتتاح الفرصة للمواطنين لأن ينعموا بهذه النوعية من السياحة والإبحار فى نيل القاهرة من شمالها حيث القناطر الخيرية ومناظرها الخلابة التى تسر الناظرين حين يقضى النزلاء اليوم وسط حدائقها الغناء وجوها البديع مع تباشير الربيع وشم النسيم، ثم تبحر إلى جنوبها فى حلوان حيث يسعد النزلاء بزيارة قلعة صناعة السيارات والحديد والصلب وغيرها، وتبحر خلال ليلة أو ليلتين حاملة الخير لأهل مصر وأسرها الذين يتوقون إلى تغيير نمط الحياة مرة أو مرتين فى العام، أو لإقامة عرس على ظهر الباخرة أو الاستمتاع بقضاء يوم كامل على حمام السباحة لأطفالهم وأولادهم بعد عناء العمل للكبار والدراسة للصغار. ان إعادة تشغيل البواخر النيلية، سيسهم فى اضافة خمسة عشر ألف غرفة فندقية عاطلة (300 مركب يحتوى كل منها فى المتوسط على 50 غرفة)، والعمل بكامل طاقتها، فى سوق السياحية بالقاهرة الكبرى، يقطنه أكثر من عشرين مليون نسمة، لو أن عشرين فى المائة منهم أى 400 ألف، لديهم القدرة الاقتصادية للإنفاق على قضاء يومين تغييرا لروتين الحياة، لضاقت بهم هذه الغرف، وتاقت الى المزيد، ونفس العدد لو أن لديهم مناسبات أسرية كحفلات الخطبة والزفاف والمناسبات العامة، فإنها تقام على سطح هذه الفنادق العائمة بأسعار مناسبة، وأيضا غداء العمل لرجال الأعمال والصناعة فى مطاعمها، بالاضافة الى السائحين العرب الذين يأتون الى قاهرة المعز فقط، ولم يكونوا يسافرون إلى الأقصر وأسوان، فهم يتوقون إلى البواخر السياحية التى كانت مقصدهم، وقد أتت اليهم، ليستمتعوا بالإبحار على «النيل». واذا كانت «العمالة» فى هذه الفنادق، قد هجرتها، لركود وبوار تجارتها، فهاهم طلبة السنوات النهائية وحديثو التخرج من كليات السياحة جامعة حلوان والفيوم القريبتين، وقد أتيحت لهم فرصة التدريب العملى والتشغيل المبدئى، برواتب مناسبة لا تثقل كاهل أصحاب الفنادق، وكذلك باقى القطاعات والصناعات القائمة على تشغيل الفنادق، وقد لاحت بوادر انتعاشها ويمكن أن تشهد المنظومة كلها تطورا شاملا، وتؤدى الحكومة دورها فى تخفيضات فى الكهرباء والمياه والضرائب، لكى تعوض أصحابها على ما مروا به فى الفترة السابقة، ولأنهم يسهمون بهذه التجربة فى «أن تدب الحياة على أرض المحروسة ونيلها». فريد فرح خبير سياحى