حديد عز يسجل ارتفاعًا جديدًا.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    تفاصيل مران الزمالك استعدادًا لمواجهة دريمز الغاني    برلماني: ما يتم في سيناء من تعمير وتنمية هو رد الجميل لتضحيات أبناءها    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    نائب رئيس جامعة حلوان يقابل الطالبة سارة هشام لبحث مشكلتها    ساعة زيادة لمواعيد غلق المحال التجارية بسبب التوقيت الصيفي.. لهذا السبب    مشروعات سيناء.. عبور إلى الجمهورية الجديدة    مزاد علني لبيع عدد من المحال التجارية بالمنصورة الجديدة    رئيس COP28: على جميع الدول تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية    نادر غازي يكتب: الصمود الفلسطيني.. و"الصخرة" المصرية    خبير علاقات دولية: مواقف مصر قوية وواضحة تجاه القضية الفلسطينية منذ بداية العدوان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    كلوب: سأكون الأكثر ثراء في العالم إذا تمكنت من حل مشكلة صلاح ونونيز    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    النصر يتعادل مع اتحاد كلباء في الدوري الإماراتي    بسبب سوء الأحوال الجوية.. حريق 5 منازل بالكرنك    بالإنفوجراف والفيديو| التضامن الاجتماعي في أسبوع    كانت جنب أمها أثناء غسيل المواعين.. غرق طفلة داخل ترعة الباجورية في المنوفية    السينما العربية يكشف عن ترشيحات النسخة 8 من جوائز النقاد للأفلام    ملخص فعاليات ماستر كلاس بتكريم سيد رجب في «الإسكندرية للفيلم القصير» | صور    وسائل إعلام إسرائيلية: سقوط صاروخ داخل منزل بمستوطنة أفيفيم    حياتى أنت    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    صحة دمياط تطلق قافلة طبية مجانية بقرية الكاشف الجديد    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    نائبة تطالب العالم بإنقاذ 1.5 مليون فلسطيني من مجزرة حال اجتياح رفح    تعرف على أعلى خمسة عشر سلعة تصديراً خلال عام 2023    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحياة»... تبتلعها التكنولوجيا!
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 06 - 2018

عمارتنا طويلة عريضة يطلقون عليها مجازًا اسم البرج، مكونة من 13 طابقًا غير الفيللا الأخيرة ذات المستويين.. كل طابق يضم أربعة شقق، وفى كل شقة يسكن على الأقل أربعة أفراد.. أى أن المجموع يقارب المائتين، جميعهم مُلمُّون بالقراءة والكتابة إلى جانب إجادة بعضهم للغات أجنبية، ومن بين هذا الجمع الغفير صلاة النبى مهندسين ودكاترة وأساتذة جامعة ورجال أعمال وأحد المحافظين وتلامذة فى جميع مراحل التعليم، إلى جانب المحالين إلى التقاعد على درجة وزير وسفير ومدير وأصحاب رتب عسكرية، كان لوقعها شان وشنشان، وكذلك سيدات وآنسات من أعرق البيوتات ممن يتركن أثر مغادرتهن الأسانسير بصحبة كلابهن المقطقطة أزكى أنواع البارفان، وطاقم أمن يهرع إليك ليُذكرك ب«كل سنة وأنت طيب» قبل العيد وبعد العيد، ومن علامات مدخل عمارتنا طابور صناديق بوستة تحمل أسماء السكان حتى المهاجرين منهم والمؤجر شقته مفروش و..دليفرى طالع ودليفرى نازل غير السوبرماركت والصيدلية والمكوجية وجامع القمامة والكوافير والشغالات والسائقين والمدرسين الخصوصيين والكشافين وبتوع التدليك والمساج والضيوف المقيمين والطيّارى.. أى ما يقرب من سكان حى كامل بجميع مستلزمات المعيشة من أكل وشرب وقزقزة وتليفونات وغاز وكهرباء وخطابات بنوك وباقات ورد واستدعاءات شرطة وإنذارات محاكم ومحاضر لا يستدل على أصحابها بفعل فاعل متفاعل يرفض تسلم ورق رسمى غير موجه له.. كلهم كلهم فى عمارتنا بمثابة عائلة كبيرة تضخمت روافدها طبيعيًا على مدى ثلاثين عاما،ومن دخلوها عرسانًا فرادى أصبحوا أجدادًا متخمين بالأبناء والأحفاد، ومن توفاه الله منهم استقبلت شقته من بعده أكثر من زغرودة سبوع.. لكن ما ليس طبيعيًا أن جميع السكان من فوق لتحت تبعًا لعملية رصد لسنوات لا أحد فيهم البتة له فى مسألة الصحف، أو التعاطى مع المجلات، أو حتى الاشتراك فى دوريات تظهرها واجهة صندوق البوستة الزجاجية.. وعلى هذا فليس هناك غير العبدة لله بطول وعرض الحوائط الأسمنتية الثلاثة عشر من يدفع اشتراكًا لشراء الصحف المصرية والعربية، ربما لتكوينى النفسى والإرثى والأسرى والعملى الذى يبدو لى «ولهم» شاذًا بألا يتبدى نور النهار فى عينى إلا ورأسى داخل الجرنال مع شذى رائحة فنجان القهوة بعدما أكون قد فتحت باب السكة عشرات المرات من الفجر فى انتظار تلقى منحة المطابع الطازجة من الصحف الصادرة اليوم، الملتفة بالأستيك، ومن هنا أصبحت يا ويلاه على علم، وعن قرب، بمدى تدنى توزيع الصحف فى بلدى بعد اتخاذى عمارتنا كشريحة بائسة ونموذجًا صارخًا لتراجع توزيع الصحف إلى 400 ألف نسخة فقط على مستوى الجمهورية.. أما الحالات المتفردة التى قد تقرأ فيها إحدى الجارات أو أحد أساتذة الجوار الجرنال فالمسألة لن تخرج عن الطريقة المصرية المعروفة: «ستى بتسلم على حضرتك وبتقول لك ممكن نستلف من حضرتك أهرام الخميس اللى فات تبص فيه على حاجة وترجعه لحضرتك علطول».. والحاجة هنا لن تخرج عن اسم فى سطور نعى، أو إعلاناً عن شركة رش أو التأكد من زواج أو طلاق إحدى النجمات.
جهاد الخازن..الأب الروحى للحياة
وحتى لا أتمادى فى سوء الظن بالخلق فى مسألة قراءة الصحف، ولأن بعض الظن إثم، وكذلك حتى لا أتورط فى ذيول الاستنكار، وادعاء «الفكاكة» وحدى، فقد أحلت تعجبى ودهشتى ويأسى إلى مربع جهلى بالتكنولوجيا الجديدة، ومن أن هناك الكثيرين وربما سكان عمارتنا منهم قد اكتفوا بقراءة الجرائد على الإنترنت والمواقع الإلكترونية نظرًا لارتفاع أسعار الصحف بنسبة 100٪ خلال 5 سنوات فقط بالتوازى مع زيادة أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، ولم يشفع تاريخ الصحافة الورقية المصرية العريق الذى يزيد على مائتى عام فى وقف تراجع التأثير ونسب التوزيع والإعلانات بعدما خسرت فى معركة السرعة أمام الوسائط الإلكترونية، مما حدا بارتفاع صرخات الاستغاثة لإنقاذ الصحافة الورقية من تسونامى الإعلام الجديد، حيث القول بأن من هم الآن تحت سن ال45 لم يعودوا مقبلين على قراءة الصحف، وأن ظاهرة حرص كل من كان يعتلى منصبًا جديدًا فى البلد فى أى مجال صناعة، زراعة، سياحة، طب، برلمان، سيراميك، حديد، كهرباء، مواصلات، قضاء على أن يكون له مقال ملاكى ممهورًا بإمضائه فى الجرنال من باب اكتمال مظاهر الوجاهة، قد أخذت فى الانحسار والانكسار من بعد تراجع التوزيع وقلة القراءة والقراء وكثافة إلقاء الأضواء على الجانب الآخر بالإعلانات الراقصة الغنّاء الجاذبة عن رعاة مستشفيات سرطان الأطفال التى حصلت على كأس السبق لتغدو الغالبية المشتاقة من فصيلة الرعاة.
وفى أحدث دلالة على التقهقر المطرد للصحافة الورقية أفاد جهاز الإحصاء الحكومى المصرى بأنه قد تم إغلاق نحو 50٪ من الصحف المحافظة على الصدور خلال الخمس سنوات الأخيرة، ومنها طيَّب الله ثراها صحف «البديل» و«التحرير» و«الأحرار» و«الطريق» و«الكرامة» و«الجيل»، ولكن المؤشرات تقول إنه من غير المنتظر فى الوقت الحالى توسع الصحافة الرقمية فى مصر على حساب الورقية بسبب ضعف العائد المادى، وعدم قدرتها على استيعاب كافة العاملين فى الصحافة الورقية، بداية من عمال المطابع حتى رؤساء التحرير حيث يقدر عدد العاملين فى مجال الصحافة فى مصر بنحو 75 ألف فرد.. والبقية آتية لا ريب فيها مع جحافل خريجى دفعات أقسام الإعلام المتفشية فى جامعات وطن أصبح رافضًا لافظًا متورطًا فى هموم الصحف بجميع فصائلها.
و.. الأزمة عالمية.. فعلى سبيل المثال فإن لبنان رائد الصحافة فى المنطقة منذ القرن التاسع عشر، حيث أصدر فى عام 1870 وحده سبع جرائد ومجلات، يكاد يودع اليوم عهد الصحافة الورقية، هذا إلى جانب وفاة الإعلان على صفحاتها، ويكفى أن نفتح الآن أى جريدة ورقية لبنانية للتأكد من ندرة الإعلانات مما حدى بجريدة كبرى مثل «السفير» أن تغلق أبوابها بعدما أصبحت الصحف لا تُغرى المعلنين، فتذهب الحصة الكبرى من إعلاناتهم بالدرجة الأولى إلى التليفزيون، ثم إلى إعلانات الطرق، وبعدها فى الدرجة الثالثة يأتى الإعلان الرقمى على الإنترنت، لتحتل بعدها الصحف المرتبة الرابعة تتبعها فى الخامسة الإذاعات وسادسة السينما.. وإزاء تلك الحالة المزرية فإن عددًا كبيرًا للغاية من الصحفيين المخضرمين فى لبنان باتوا بلا عمل، أو توجهوا إلى مهن أخرى غير عالم القلم، وهو ما استفادت منه صحيفة «الاتحاد» التى قامت بتوظيف عدد كبير من المطبخ الاحترافى لجريدة السفير لديها مما يجعل نجاحها فى المستقبل شارخًا.
ولقد كانت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الرصينة أول صحيفة عالمية توقف طباعة نسخها الورقية، والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية مع نسخة أسبوعية مطبوعة منذ عام 2006، وتبعتها فى ذلك أسماء كبيرة فى عالم الصحافة مثل مجلة «نيوزويك» الأسبوعية التى أحتفظ بعشرات من أعدادها كمراجع تاريخية لا مثيل لحداثتها، حيث كانت تخصص غالبية أعدادها للإحاطة بموضوع واحد من جميع أطرافه هذا بينما اختارت «النيويورك تايمز» مواكبة التقدم التكنولوجى مع الاحتفاظ بنسختها الورقية اتى يقرأها الملايين حول العالم، فى حين أن العديد من الصحف المحلية الآن فى أمريكا تصارع معركة البقاء والآخر قام بالفعل بإسدال الستار بعد غياب الإعلان، والله يرحم عبدالله عبدالبارى أشهر وأمهر مدير إعلانات فى الصحف المصرية الذى كان يعايرنا بأن إدارته الثرية تصرف على التحرير التعس، وأنه لولا إعلاناته لما كان لنا وجود، ومن هنا كنا نحسد مندوبى الإعلانات لمرتباتهم الخيالية بلا حد أقصى إلى جانب ملاليمنا المتواضعة إلى أقصى حد، وكان هناك صراعًا خفيًا يصل إلى حد دفع خلو رِجل لمندوبى الوزارات الخدمية للتنازل عن مواقعهم الاستراتيجية، هذا بينما كانت صحافة هيكل تمنع قلم التحرير من أن «يتعاص» بالإعلان، وكانت تبقى مصيبة كبيرة لو اشتم إبراهيم نافع شبهة رائحة إعلان فى الخبر، لكننا أيضًا عشنا وشفنا زمنً يحتم فيه على الصحفى جلب الإعلان الدسم إذا ما أراد تسليك موضوعه، وأصبحت المادة الإعلانية هى مربط الفرس فى الخبر والتحقيق بعدما كانت مقصية منبوذة ومشروطة بوضع لافتة منفرة توضح أنها مادة للدعاية..
فى البداية استشعرت بأن هناك شيئًا هامًا للغاية غائبًا عن يومى، وظل هذا الشعور يراودنى لفترة، لكن صيام رمضان وما يحمله من التزامات روحانية وأسرية وتليفزيونية ابتلعنى بالتمام، وفجأة صرخت بكامل الوعى والإدراك والتوجس خيفة مما يكون قد سبق وحدث فى غيبة وعيى: فين جرنال الحياة؟!! وأسرعت لاشتراكات الأهرام فابتليت بصدمة الخبر الكارثى بأن الحياة الورقية قد توقفت وأن طبعاتها فى لندن ولبنان والقاهرة قد أزهقت أنفاسها، وأنها قد انسحبت من عالم الواقع إلى عالم الإلكترونيات والأزرار والأرقام وأن «عيون وآذان» جهاز الخازن المتربع على عرش الصفحة الأخيرة قد دخلت غياهب الجب، ولم يعد الكاتب إبراهيم العريس عريسًا بعدما زفت صفحة معارفه اليومية «ألف وجه لألف عام» إلى المجهول الإلكترونى، ورحلت «مدارات» الشاعر أدونيس لتدور حول الأفق المظلم، وأطاح ما يدعونه بالتطور التكنولوجى بخلاصة إبداعات الكتاب المصريين والعرب، فأين منى الآن وأنا التى أتلعثم فى الرد على نغمة الموبايل، وتسخن منى أزرار التكييف فى لفح الصيف، وأنتظر عودة الابن الغائب ليفك لى شفرة غطاء زجاجة الدواء المستعصى من اللقاء اليومى مع أصحاب الأقلام العربية عبده وازن والسيد أمين شلبى، ونبيل السهلى، وفؤاد مطر، وحازم صاغية، ومن خلاصة الكتاب المصريين مصطفى الفقى، وجميل مطر، وحسن نافعة، ومحمد حلمى عبدالوهاب، ومحمد شومان، ووحيد عبدالمجيد، وأمينة خيرى وياسر سلطان وصلاح سالم.. إلخ.. من كل بستان كانت هناك زهرة، ومن كل رحيق نطفة شهد، وأبدًا لن ننسى ولا تنسى الحياة قلم رئيس تحريرها السابق الكاتب السياسى العملاق غسان شربل من استشعر الخطر القادم على الجناح الإلكترونى فغادر «الحياة» اللندنية ليظل قلمه معطاء نابضًا بالحياة على صفحات أخرى لا تسقطه بحجة الارتقاء التكنولوجى عن عرش الورق والقلم والمداد الذى ورد ذكره فى قوله تعالى فى سورة الكهف: «قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددًا».. و..أبدًا لا تقل لى بتشابه تطور حالة الصحف مع تطور حالة التليفون فى بيتنا، عندما كان التليفون الثابت هو وسيلة الاتصال لعقود طويلة وكنا نظن استحالة استغناء البيت عنه حتى جاء الموبايل فأصبح الناس لا يسألون عن رقم تليفون المنزل كما كانوا يفعلون، وأصبحت تمر الأيام أو الأسابيع من دون أن يرن التليفون الثابت الذى دخل مرحلة البكم، حتى أن الكثيرين عمدوا إلى إلغاء أجهزتهم الثابتة فى منازلهم حتى لا تُدفع رسوم اشتراك غير مستخدم تمامًا، كاشتراكات الصحف التى لا تُقرأ.. لا.. فالمثال مجحف تمامًا فلا الكتاب انتهى ولا الراديو توقف ولا الفحم بطلوا استخدامه فى الكهرباء، والأمر ليس تخلفًا ولا عقرًا للنهضة ولا تشويهًا لسمعة التكنولوجيا ولا تكميمًا للحداثة، فسيظل التعايش سلميًا بين الطائرة والبسكلتة، والتآخى واجب بين التليفزيون والراديو ولم تزل السينما فى أوج حضورها، والفرجيدير إلى جانب القُلل القناوى، وفافى وسالى وباكينام وريهام إلى جوار نفيسة وزليخة وروحية وحسنات، والمصيبة أصبحت لا تكمن الآن فى استخدام الشباب لتكنولوجيا الصحافة الرقمية بعدما تم الإعلان مسبقًا بينهم عن وفاة الفصحى لتغدو لغة التواصل أجروميتها بنت لحظتها، وتراكيبها فيها متسع لجميع اللهجات والشطحات والتلميحات والتوريات، والمشاركة بلغة الشات مفتوحة على كل الجبهات لتتوالى الأعداد بالملايين، والإعجاب والرفض ليس لهما نظير حيث تُختزل العبارات فى رسوم أفواه وحواجب ترتفع وتنبسط فى دلالات عن الإعجاب والمشاركة والاشمئناط والتشفير، وماذا بالله سيستوعب هؤلاء بالذات فيما تعكسه الصحافة الرقمية وجريدة الحياة «المتحولة» لهم من معلومات وآراء وأدب وشعر وسياسة وفلسفة واقتصاد وتراث كمثل ما قدمته يومًا «الحياة» الورقية الذى أحتفظ منه بقصاصات للذكرى من ريحة الحبايب ومنها ما كتب مصطفى الفقى فى 17 ابريل 2018 عن أهمية الصحافة المكتوبة فى مقال جاء فيه: «إذا كانوا قد قالوا قديما (إن لكل زمان آية وآية هذا زمان الصحف) فذلك صحيح لأنها سجل التاريخ ودفتر الأحوال، فالعلاقة الحميمة بين القارئ والصحيفة الورقية تتمتع بدرجة من الثبات ولا تقبل الاهتزاز أمام مؤثرات عابرة.. ونزعم أن الكتابة الورقية خصوصًا فى مجال الصحافة، هى أمر لن ينتهى بسهولة وقد لا ينتهى أبدًا لأنه جزء من التاريخ الاجتماعى لكل فرد، بل وتعبير عن الرؤية الثقافية لأصحابها».. ومنها ما كتبه جهاد الخازن حول ناجى العلى أعظم رسام كاريكاتير أنجبته فلسطين وأصابته الاستخبارات الإسرائيلية برصاصة وهو فى طريقه إلى مكتب جريدة القبس الكويتية بلندن ليرحل بعد شهر من إصابته فى 29 أغسطس 1987 وهو فى الخمسين من عمره، وكان الكاريكاتير الذى يرسمه يوميًا يعادل أكثر من ألف فدائى، وكان ناجى قد اختار رمز الطفل «حنظلة» لكثير من رسومه، وقد قال للكاتبة المصرية رضوى عاشور عام 1985 أنه كان فى عمر حنظلة عندما هجر إلى لبنان من فلسطين عام 1948 وأن شخصية الطفل لا تمثل فلسطين الجغرافيا فقط وإنما هى رمز للجانب الإنسانى فى كل مكان يخرجون فيه السكان من ديارهم.. وكان النجم نور الشريف قد انتهى من تصوير غالبية مشاهد فيلم (ناجى العلى) لكنه ظل داخل العلب ولم يخرج إلى النور لأسباب غائبة عن العلم حتى الآن!
وأحتفظ للكاتب هشام جبر بمقال بديع حول الإبداع وفيما إذا ما كان نتيجة جهد أم إلهام، ففى حين ينتظر كثير من المبدعين إلهامًا ليعطيهم أفكار أعمالهم الجديدة، يمسك مبدعون آخرون بفرشاتهم وأقلامهم وآلاتهم الموسيقية لساعات طويلة، يومًا وراء آخر، من دون كلل أو تذمر، يستدعون الإلهام بدلا من انتظاره.. ولعل كثيرًا من الأعمال الإبداعية العظيمة جاءت وليدة إلهام مفاجئ أوحى به للمبدع مكان ما أو موقف ما أو حتى إضاءة أو أصوات معينة تعرض لها، ولكن المبدعين العظام غالبًا ما كانوا أبناء مخلصين للمدرسة الثانية، مدرسة المثابرة والنظام الإبداعى الصارم والتى يأتى فى مقدمة روادها العالمى نجيب محفوظ، هذا بينما تقول الكاتبة التشيلية الشهيرة «إيزابيل الليندى» أن الكتابة بمثابة الإعداد لتكون بطلا رياضيًا، عبر كثير من العمل الذى لا يراه أحد لتكون مستعدًا للمنافسة، لابد للكاتب أن يكتب كل يوم، تمامًا كالرياضى الذى لابد له أن يتمرن يوميًا، والكثير مما يكتبه الكاتب قد لا يستعمله قط، ولكنه بمثابة التدريب الذى لابد منه.. ويقول الرسام الأسطورى «بابلو بيكاسو»: «الإلهام قد يأتى، لكنه عندما يقوم بذلك لابد وأن يجدك تعمل»، وقد أخضع الكثير من المبدعين أنفسهم لنظام قاس يضمن لهم بقاء (عضلاتهم الإبداعية) فى لياقتها الكاملة، فمثلا كان للموسيقار بيتهوفن (1770 1826) نظام يومى شديد الصرامة يضمن له أن يعطى الموسيقى من نفسه أقصى ما يستطيع، فكان ينام فى العاشرة ليستيقظ فى السادسة، ويعد لنفسه طعام الفطور والقهوة التى يحضرها بعناية شديدة من ستين حبة من حبات البن، كان يحصيها واحدة بواحدة ليضمن تركيزًا معينًا لها، وفى السادسة والنصف يجلس إلى أصابع البيانو لا يفارقها قبل الثانية والنصف من بعد الظهر، ليتناول غداء خفيفا يذهب بعده فى نزهة بالأقدام لمدة ساعتين، يحمل فيها قلمًا وبعض أوراق الموسيقى فى جيبه ليسجل أى أفكار موسيقية قد تطرأ له أثناء التريض، لينهى بعدها نزهته بالجلوس فى المقهى لقراءة الصحف ثم يتناول وجبة العشاء ويدخن الغليون قليلا ليخلد مجددًا إلى النوم فى العاشرة..
ومن سطور «الحياة» التى احتفظت بها ما جاء حول مصحف عثمان ورحلته منذ وصوله إلى مصر من خلال ما أورده المقريزى فى كتابه «الخطط» فى جزئه الرابع، عند الحديث عن مدينة الفسطاط وجامعها العتيق، إذ ذكر أنه «…..قد حضر إلى مصر رجل من أهل العراق وأحضر معه مصحفًا ذكر أنه مصحف عثمان بن عفان رضى الله عنه، وأنه الذى كان بين يديه يوم الدار، وكان فيه أثر الدم، وذكر أنه استُخرج من خزائن الخليفة العباسى المقتدر، ودفع بالمصحف إلى القاضى عبدالله بن شعيب المعروف بابن بنت وليد، فأخذه أبوبكر الخازن وجعله فى الجامع، وشهره وجعل عليه خشبًا منقوشًا، وكان الإمام يقرأ فيه يومًا وفى مصحف أسماء بنت أبى بكر يومًا، ولم يزل على ذلك إلى أن رُفع مصحف عثمان واقتُصر على القراءة فى مصحف أسماء، وذلك فى أيام الخليفة الفاطمى العزيز بالله..
وقد رآه المقزيرى بنفسه فى جامع عمرو بعد أكثر من أربعة قرون، وقرأ بعض الكتابات التى كانت عليه، كما أشار إلى كرامة هذا المصحف عند أهل مصر وتصديقه أنه مصحف عثمان بقوله: «..إن الناس قد جرّبوا هذا المصحف، وهو الذى على الكرسى الغربى من مصحف أسماء، إنه ما فُتح قط إلا وحدث حادث فى الوجود» أى ببركة القراءة فيه.. وبعد مئات السنين أصبح المصحف فى حالة سيئة نظرًا إلى طبيعة استخدامه طوال تلك القرون، كما كان غير مكتمل، مما دفع بمحمد على باشا أن يأمر بترميمه استمرارًا لمكانته الكبيرة لدى المصريين، وقام بتكليف الخطاط محمد بن عم الطنبولى بكتابة النص القرآنى المفقود منه على الورق، وكان ذلك فى عام 1246 ه/1830م كما هو مسجل على المصحف وذلك بعد إنشاء دار الكتب المصرية بأربعة عشر عاما، ومن بعد انتقال المصحف لأكثر من مكان ليستقر أخيرًا فى مبنى دار الكتب على النيل عام 1971 اتخذ قرار فى فبراير 2011 بترميمه من خلال الخبراء وقد كُتب المصحف بالخط المكى الجاف ذى الزوايا من دون تنقيط أو تشكيل أو أسماء للسور، حيث عُرف فيما بعد بالخط الكوفى، وكانت المادة التى نُسخ عليها المصحف هى الرقوق المصنوعة من الجلد، وفى ذلك يقول القلقشندى فى كتابه «صبح الأعشى»: «وأجمع الصحابة رضى الله عنهم على كتابة القرآن فى الرق لطول بقائه».
ومن بين أوراقى الحميمة للحياة الكثير من الافتتاحيات السياسية لغسان شربل عندما كان رئيسًا لتحريرها لأجده فى يوليو 2015 يكتب تحت عنوان «ماذا يفعل هذا الرجل؟» حول لقائه الصحفى برجب طيب أردوغان: «لكل زعيم زعيم آخر يؤرقه. ظلّه يأكل معه من صحنه. ينافسه على الموقع فى كتب التاريخ. ويدس السم فى يومياته. وعاشق الزعامة لا يرتضى الموقع الثانى فى السلطة أو الكتب. صفة الرجل الثانى ليست ممتعة إلا إذا كانت محطة انتظار لإزاحة الرجل الأول. ينظر أردوغان إلى منافسيه بابتسامة استخفاف. يذهب إلى الانتخابات ليرسخ قناعته بأنه المُلاكم الكبير الوحيد على الحلبة. لا يعترف بصفة الخصم الكبير إلا لرجل ينام فى قبره. اسم الرجل كمال أتاتورك. ويحتفظ بصفة العدو الكبير لرجل اسمه عبدالله أوجلان. كان ذلك قبل اندلاع الجحيم فى سوريا. وكان شهر العسل بين أنقرة ودمشق مفتوحًا وطويلا. استقبلنى أردوغان فى اسطنبول التى يعشق. وكان شديد الهدوء على غير عادته. وأنا ككل صحفى أبحث عن عنوان مهم ومثير. سألته عن سوريا فاستخدم كلمتى أخى وصديقى فى وصف علاقته بالرئيس بشار الأسد.. قلت أكسر رتابة الحوار بسؤال شبه استفزازى. لاحظت أنه يجلس تحت صورة أتاتورك. سألته مشيرًا بأصبعى إلى الصورة: «ماذا يفعل هذا الرجل فى عهد حزب العدالة والتنمية؟» رد بابتسامة مقتضبة لتغطية انزعاجه واستفسر عن السؤال التالى. وكأنه أراد إفهامى أن ليس من حق الصحفى فى أن يمازح السلطان بسؤال خبيث.. واندلعت النار السورية. ما كان ودًا عميقًا بين أردوغان والأسد تحول كرها سافرًا ومشاعر ثأرية. كأن الانتقام هو مستقبل كل غرام..».
ومن أوراقى الحياتية من تراث جريدة «الحياة» الورقية أن دراسة لمعهد بيكر للبحوث الطبية فى مدينة ملبورن الاسترالية تبين أن الأشخاص الذين يقتنون حيوانات أليفة مصابون بالضغط المنخفض ومستويات كوليسترول متدنية، وأن هناك مرض يسمى «التوكسوبلاسموز» يصيب بشكل مباشر أصحاب القطط وهو يشكل خطورة كبيرة للأشخاص الذين يعانون من ضعف فى المناعة، لاحتمال إصابتهم باختلاجات والتهابات فى الجهاز العصبى المركزى، وعلى المرأة الحامل الحذر بشدة من ملامسة القطط أو الأدوات الخاصة بها لأن العدوى ب«التوكسوبلاسموز» قد تنتقل إليها ويمكنها هى الأخرى نقله إلى الجنين، مما يزيد من خطر تعرضه للإجهاض والتشوهات الخلقية، والتهاب العين، وتضخم الكبد والطحال وربما فقدان البصر والسمع والتخلف العقلى، وتتم الوقاية من هذا الداء بتجنب القطط وجميع أدواتها، وإلى جانب الأمراض الأخرى التى تنقلها الحيوانات الأليفة لأصحابها خاصة القطط ومنها السالمونيلا واللايم ومرض الدودة المدورة التى قد يقود للإصابة بالعمى فهناك مرض «خرمشة القطة» وينتج من جرثومة يمكن للشخص التقاطها عن طريق خمشة أو عضة القطة، ولابد من معرفة أن نصف القطط تقريبًا يحمل جرثومة هذا المرض الذى يشبه بعد الإصابة به أعراضًا تشبه الأنفلونزا مثل الحمى والصداع وفقدان الشهية والإرهاق واحمرار العينين وتورم العقد الليمفاوية، ويمكن أن ينتج هذا الداء آثارًا جانبية خطيرة خاصة تلك التى تصيب صمامات القلب، وللحد من الإصابة بعدوى هذا المرض لابد من التأكد المستمر من نظافة القطة، وتجنب اللعب الخشن معها، وإذا ما حصلت الخمشة أو العضة يجب على الفور غسل مكانها جيدًا بالماء والصابون وتطهيرها جيدًا بالمطهرات الطبية.
ولا أدرى لماذا أحتفظ من «الحياة» بشكوى الملكة اليزابيث من أن التاج الذى تضعه على رأسها منذ تتويجها ثقيل جدًا بحيث يكاد يكسر عنقها، وجاء قولها هذا فى برنامج وثائقى مع محطة ال«بى بى سى»، وقالت الملكة التى احتفلت هذا العام 2018 بمرور 65 سنة على اعتلائها عرش بريطانيا دون تفكير فى تنازلها عنها لابنها شارلز الذى يدخل مرحلة الشيخوخة بخطى سريعة نظرًا للإطار الزوجى المترهل الذى يحتويه بزواجه من العجوز كاميلا التى تكبره بأكثر من عشر سنوات، وجاء فى شكوى الملكة من أن التاج لا يتيح لها حرية خفض رأسها لقراءة الخطب الرسمية وعليها رفع الأوراق إلى مستوى عينيها وإلا كسر عنقها، وكان التاج قد صنع فى القرن التاسع عشر لتضعه اليزابيث للمرة الأولى فى حفل تتويجها عام 1953 وبعدها فى افتتاح الجلسات السنوية لدورات البرلمان، وقد ورثته عن والدها جورج السادس وأدخلت عليه بعض التعديلات ليغدو أكثر ملاءمة لحجم جمجمتها وكانت وقتها فى السابعة والعشرين وقد بلغت بالأمس 91 سنة لتغدو فترة اعتلائها للعرش أطول مدة بين جميع الملوك الذين سبقوها!
ومن بحور إبراهيم العريس ما تصيدته شباكه من لآلئ للحياة حول أبى القاسم الشابى الشاعر الذى لم تمهله الحياة لكنه كان شاعر «إرادة الحياة» فعندما رحل بفعل قصور فى عضلة القلب فى أول أكتوبر 1934 كان لم يزل فى الخامسة والعشرين أى فى تلك السن التى يبدأ عندها الشباب خوض الحياة وكتابة الشِعر، لكنه رحل بعدما أهدى الحياة قوله:
إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر
ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر فى جوها واندثر
ومن لا يحب صعود الجبال يعيش أبد الدهر فى الحفر
الشابى المولود عام 1909 الذى رحبت بأشعاره جماعة «أبوللو» الثقافية فى مصر، كان قد تلقى دروسه ما بين مكتبة ابن خلدون وجامع الزيتونة فى العاصمة التونسية وكانت ولادته فى قريته الشابية بالجنوب التونسى لأب كان واحدًآ من التوانسة القلائل الذين درسوا فى الأزهر على يد الشيخ محمد عبده وعاد إلى تونس ممتلئًا بنزعة تطورية وحساسية عربية راح ينشرها فى الحلقات المحيطة به ليرثه الابن الذى لم ينشر ديوانه خلال حياته لضيق ذات اليد فاكتفى بنسخ العديد من النسخ بيده ليوزعها على الأصدقاء.
وتنشر «الحياة» فى 27 يناير 2018 صورة لمرحاض من الذهب عيار 18 قيراط قدمه متحف جوجنهايم هدية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب من تصميم الفنان الإيطالى ماوريتسيو كاتيللا ويعمل بكفاءة تامة، حيث تم عرضه بدورة مياه المتحف واستخدمه أكثر من مائة ألف شخص، وكان البيت الأبيض قد طلب من المتحف استعارة لوحة للفنان فنسنت فان جوخ.. ولم يتضح حتى الآن كيف رد البيت الأبيض على العرض الاستفزازى لأشهر متحف بمدينة نيويورك الأمريكية!
والآن تودعنى «الحياة» الورقية التى أسسها كامل مروة عام 1946 لتغدو لمالكها الأمير خالد بن سلطان الذى اشتراها وسمح بتداولها فى السعودية عام 1996، وتبعًا لوثيقة سربت من قبل «ويكيليكس» فإن الأمير لا يتدخل فى شئون الصحيفة طالما ابتعدت عن دائرة انتقاد آل سعود.. الحياة.. وأنا اللى كنت عاشقة الحياة بكنوزها وفنونها وظلالها وثمارها وبحورها وجبالها وأشعارها وأخبارها.. للأسف غدرت بى الحياة فجأة ولملمت أوراقها وقطعت حبل الوصال ورفعت شعار الأنانية: «اللى عايزنى يجينى أنا ماباروحشى لحد» وأنا أيضًا لن أذهب إليك ليس من باب المعاندة والصلف، وإنما لضعفى فى المسائل التكنولوجية الرقمية الإلكترونية المعقدة التى تحول دون أن أمسك أوراق صحيفة تنبض بالحياة!!
[email protected]

لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.