توسَّعت قناة «الجزيرة» فى عرض الفوازير طوال العام، ولم تعد تقتصر على العادة بقصرها على شهر رمضان، وغيَّرت من قواعد اللعبة بعدم الإفصاح عن كونها فوازير، وبغياب عنصر الفكاهة فيها، وبمنع الجوائز لمن يقدر على الحل! ربما لعلمها أنه ليس هنالك ألغاز معضلة وإنما كل شيء مكشوف دون جهد ولا إمعان. خُذْ عندك هذا الهجوم الضارى المستمر منذ عدة أشهر ضد مصر بزعم أنها تُفرِّط فى أرضها فى إطار ما يُسمَّى بصفقة القرن! وبغضّ النظر عن الغموض حول أسباب حرص القناة على تأمين أرض مصر إلى هذا الحد، كما أن الصفقة المشار إليها لم تُعلَن تفاصيلها رسمياً بعد، فقد حسمت القناة الأمر دون دليل بأن أهم جوانب الصفقة أن تتنازل مصر عن قطعة من أرضها لصالح مشروع توسعة غزة لتكون وطناً للفلسطينيين يتنازلون مقابله عن منازعة إسرائيل على أى أرض أخري! ولم تهتم القناة بإيجاد إجابة على السؤال التلقائى عن الفائدة التى تعود على مصر من هذا! وهكذا، وبمنتهى الحماس، راحوا يستجلبون لهذا الغرض بهذا التصور متحدثين من اتجاهات شتى لا يجمعهم إلا معارضة قرار الشعب المصرى فى التخلص من حكم الإخوان واستجابة الجيش المصرى لاستجارة شعبه به فى إنفاذ إرادته. ولم ينتبه أهل «الجزيرة» إلى أن أداءهم راح ينزلق فى تناقضات فاضحة، إذْ أنهم، وهم فى عزّ حملتهم عن الترويج لأكذوبة أن مصر تُفَرِّط فى أرضها، راحوا يشنّون هجوماً آخر فى الاتجاه المضاد، بما ينسف جهودهم الأولي! وكان موضوع الهجوم الجديد أن مصر تبنى سوراً عملاقاً داخل أرضها على الحدود مع غزة! وقالوا إن هذا مشاركة فى حصار الشعب الفلسطيني، لصالح الصهيونية..إلخ! هذه، إذن، الفزورة الأخيرة: هل مصر تُفَرِّط فى قطعة من أرضها لصالح الفلسطينيين؟ أم أنها تغالى فى تأمين نفس هذه القطعة بما يتسبب فى معاناة الفلسطينيين؟ من الصعب افتراض أن يغيب هذا الاضطراب عن الإعلاميين الظاهرين على شاشة «الجزيرة» يقولون الكلام وعكسه! وإنما المُرَجَّح أنهم يذعنون لمجاراة صاحب القرار وواضع السياسات، بحجة الحرص على لقمة العيش! فهل هذا مبرر كافٍ للمشاركة فى هذا التدليس؟ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب