الكونغو الديمقراطية تعد من أكبر دول القارة الأفريقية مساحة، وعند استقلالها فى عام 1960 كانت ثانى أكبر الدول الصناعية الكبرى في «إفريقيا» ، وهى البلد الأغنى عالميا بالموارد الطبيعية ، حيث تمتلك احتياطيات هامة لنحو 50 معدنا، أهمها الألماس وكذلك ثان أهم احتياطى عالمى من النحاس ، كما تتميز بكثرة الغابات حيث إن نصف مساحتها تغطيها «غابة استوائية» التى تعد الأكثر أهمية للحفاظ على البيئة العالمية ،ولكن أصيبت الكونغو بما يُعرف ب «لعنة الموارد الطبيعية» ، وأصبحت أكثر البلاد فقرا فى العالم ، نتيجة الصراعات العرقية والحروب الأهلية التى أنهكت البلاد منذ التسعينيات، وتعانى حاليا من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدا . وحذرت المفوضية العليا لشئون اللاجئين من كارثة إنسانية ما لم يتحرك المجتمع الدولى بسرعة لمواجهة التحديات ومساعدة اللاجئين الذين يتوقع أن يصل عددهم بنهاية العام الحالى إلى نحو 800 ألف أجبرهم العنف على الفرار من الكونغو إلى البلدان التسعة المجاورة، حيث قد يلقون حتفهم نتيجة للمخاطر التى يتعرضون لها خلال رحلة الهروب . وكان أخر هذه الحوادث انقلاب عدد كبير من القوارب التى تنقل قرويين فى نهر اوبانغوى، أحد روافد نهر الكونغو حيث لقى 40شخصا على الأقل مصرعهم غرقا أثناء فرارهم فى اتجاه الكونغو برازافيل. وفى محاولة للحد من المعاناة فى الكونغو ، عقد فى جنيف مؤتمر رفيع المستوى لجمع التبرعات تحت رعاية الأممالمتحدة ، لدعم خطة الاستجابة لمواجهة الأزمة الإنسانية فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، إذ تحتاج إلى تمويل يصل إلى 1.7 مليار دولار لدعم احتياجاتها الأساسية. ودعت جوردانا جيرجر، مديرة مكتب برنامج الغذاء العالمى، إلى العمل بكل قوة من أجل مواجهة الأزمة حيث يواجه حوالى 7.7 مليون شخص الجوع فى وقت يواجه العمل الإنسانى هناك تحديات حرجة، مؤكدة أن مواجهة الجوع يعوقه نقص الأموال وأن البرنامج قدم مساعدات غذائية لإنقاذ حياة 1.2 مليون شخص فى إقليم «كاساى» المضطرب هناك خلال الأشهر الثمانية الماضية. و الموقف المالى الحالى لا يستطيع تنفيذ سوى 31% من المساعدات المخطط لها، مشيرة إلى أنه تم تعليق المساعدات الغذائية للنازحين فى شرق البلاد، بينما يحصل المستفيدون فى إقليم «كاساى» على نصف الحصص الغذائية ،وأن خطة الاستجابة الإنسانية لجمهورية الكونغو الديمقراطية تم تمويلها حتى الآن بنسبة 7% فقط !. وجراء أحداث العنف زاد عدد المشردين إلى 3.7 مليون شخصا و هناك 1.9 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد ، وتدهور الوضع الصحى يؤدى للاصابة بالأوبئة حيث واجهت الكونغو وباء الكوليرا والحصبة وتفشى الحمى الصفراء. وتشهد الكونغو موجات عنف ، بين الجماعات العرقية والاشتباكات بين الجيش النظامى والمليشيات والجماعات المسلحة، و منها ما أعلنته قوات الجيش عن قتل 13 مسلحا خلال اشتباكات مع جماعة مجهولة بعد تعرضهم لهجوم فى إقليم إيتورى المضطرب بشمال شرق البلاد. كما قالت بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إنهم عثروا على ما يشتبه بأنه 5 مقابر جماعية فى إقليم إيتورى حيث أسفر العنف العرقى عن مقتل 263 شخصا على الأقل. ولم يوفر المحققون تفاصيل عن المقابر الجماعية لكنهم قالوا إن نحو 120 بلدة وقرية تعرضت للنهب والتدمير فى الفترة ما بين ديسمبر ومنتصف مارس،وهناك توتر بين بين رعاة ماشية من عرقية الهيما ومزارعين من عرقية الليندو،مستمر منذ فترة طويلة وتثيره خلافات بشأن حقوق رعى الماشية والمحاصيل ومناجم الذهب والتمثيل السياسى،ويقدر عدد القتلى من أفراد الجماعتين فى الحرب المفتوحة بينهما فى الفترة بين عامى 1999 و2007 بنحو 50 ألفا مما يشكل أكثر فصول الحرب الأهلية دموية. ولقد وصلت أعمال العنف إلى الهجوم على منزل يملكه الرئيس السابق جوزيف كابيلا فى شرق البلاد،ولم يكن الرئيس موجودا عندما شن رجال ميليشيا «ماى ماى» الهجوم،وهو الهجوم الثانى على مقر رئاسى خلال ثلاثة أشهر، و تدهور الوضع الأمنى فى الكونغو يرجعه البعض إلى رفض كابيلا التنحى عن السلطة عام 2016 عندما انتهت فترة رئاسته،ولقد أجل موعد عقد الانتخابات وبررت الحكومة ذلك بأن عوائق مادية هى السبب الأساسى فى هذا التأجيل . وعبرت الولاياتالمتحدة ودول أوروبية عن قلقها من خطط لجنة الانتخابات استخدام مئة آلف ماكينة اقتراع إلكترونية جديدة قائلة إن هذا النظام لم يختبر وقد يسمح بالتلاعب،وحذرت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة نيكى هيلى سلطات الكونغو الشهر الماضى قائلة إنه يتعين عليها استخدام أوراق الاقتراع وإلا ستخسر الدعم الأمريكى للانتخابات،ورد المتحدث باسم الحكومة لامبرت ميندى إن شروط المانحين تصل إلى حد التدخل فى شئون الكونغو السيادية ودعا هذه الدول لتوجيه اسهاماتها إلى قطاعات أخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم.وأضاف لرويترز «لن تقبل أى دولة فى العالم التدخل الأجنبى فى عملية هى ممارسة لحق السيادة».