خلال السنوات الست الماضية حدث انفلات كامل، ومخالفات بالغة فى عدد هائل من المطاعم الفاخرة بالمراكز التجارية والشوارع الرئيسية، والحاصلة على رخص تشغيل من المحلات، حيث تسمح لهم بالتهرب من الضرائب الكبيرة، وحرية التدخين.. لقد قررت وزارة السياحة منذ اثنى عشر عاما تطبيق قانون البيئة وملحقاته من غرامات كبيرة عند التدخين فى الأماكن المغلقة، وقد كانت تصلنى بلاغات بحدوث مشاحنات ومشكلات لأن المسئولين عن المطاعم السياحية يواجهون متاعب كبيرة فى إلزام المترددين عليها بالقواعد والقوانين المعمول بها، فمثلاً طلب أحدهم من مدخن بأدب شديد، التوقف عن التدخين احتراما لرواد المطعم، وقال له: إن اللافتات تؤكد أن التدخين ممنوع، لكنه استمر فى التدخين، وأذكر أننى منذ ثلاثة وعشرين عاما كنت فى زيارة للمقابر الملاصقة لهرم خوفو، ومعى كريمتى وشقيقي، وذلك تحت إشراف الدكتور زاهى حواس مدير عام آثار أهرامات الجزة وسقارة وقتها، وكان الأمر محتاجا لمجهود جسمانى كبير ومرهق، وفجأة طلب شقيقى قطع زيارته، وغادر الموقع دون إبداء أسباب وبعدها بساعة واحدة اتصل بى ليبلغنى أنه مصاب بأزمة قلبية، وموجود فى مستشفى الحياة بمصر الجديدة، وتطور الأمر حتى سافر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أجريت له جراحة تم خلالها تركيب أربع دعامات للقلب، وأكد الأطباء أن سبب أزمته الصحية هو تدخينه، وبعدها طلب أفراد العائلة إجراء فحص طبى شامل لى خوفا من أن يتكرر ما حدث لشقيقى خصوصاً أنه أصغر منى بسنتين، فدخلت مستشفى واشنطن للقلب، وفى أثناء الكشف أكد الطبيب حتمية عمل قسطرة للشريان حول قلبى لأنه غير مطمئن للنتائج الأولية فتم اللازم، وكانت النتيجة مرعبة حيث أعلنوا أن حالتى أخطر بكثير من شقيقي، وأننى مريض صامت، أى سوف أصاب بأزمة قلبية مفاجئة وقاتلة خلال ثلاثة أشهر، فاتخذت قرارى بإجراء جراحة بالقلب فى اليوم التالي، وكانت النتيجة «ست دعامات للقلب، وقال لى الجراح إن سبب هذه الأزمة هو التدخين، فرددت عليه بأننى لم أدخن أبدا، فقال: أنت مدخن إجبارى من الدرجة الثانية، ففى منزلكم من يدخن، فذكرت له أن والدتى أمد الله فى عمرها ووهبها الصحة والعافية كانت تدخن بشراهة داخل جدران المنزل، ثم قللت التدخين، ولكنها أصيبت بورم سرطانى فى الرئة، وخضعت لجراحة لاستئصاله، وتصورنا أننا خرجنا بسلام من هذا النفق الرهيب، ولكنها أصيبت بثلاثة أورام سرطانية جديدة برئتها وبتحليل أحدها تأكد أنها من توابع التدخين القديم وأن الأمر يحتاج فوراً لمزيج من العلاج الكيميائى والإشعاعى لأن جسدها لن يتحمل الجراحة، وللمرة الرابعة انقض علينا شيطان التدخين موجها ضربة قاسية جديدة لنا، ففى عام 2013 اضطررت بعد إصابتى بآلام فى القلب إلى إجراء عملية ثانية لقلبي، وتم تركيب ثلاث دعامات بشرايين كانت قد سدت تماما.. إننى أطالب الجهات المسئولة بمنع التدخين فى الأماكن العامة، وتشديد العقوبة على المخالفين حرصا على الصحة العامة. محمود عبدالمنعم القيسونى مستشار وزير السياحة ووزير البيئة السابق