بعد ولادة متعثرة لوزارة الدكتور هشام قنديل وبمجرد الكشف عن المولود الجديد لم يكن مكتمل النمو كما صوره البعض والبعض يؤكد إن هذا المولود يحتاج لحضانة وإلا سيكون عمره قصيرا . فهي وزارة تكونت بشكل عشوائي لاتضم من التيارات السياسية والثورية إلا النذر القليل ويضم تشكيلها نحو10 وزراء من النظام القديم في وزارات وبعض الوزراء من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين والبعض ليس له هوية.. فيصفها البعض بأنها عشوائية, وليس شرطا ان نتحدث عن انتماءات سياسية ولكن عن قدرة في مواجهة المشكلة والتحديات الجسيمة والمهمة الثقيلة الصعبة.. ويخشي الكثيرون من عدم مقدرة الحكومة الجديدة علي تحقيق مطالب البسطاء وتحقيق أمنيات الثورة التي تجاهلها الإخوان في التشكيل الوزاري بل ولم تأتي الوزارة بمن هم أفضل الخبرات في المجتمع المصر.. ورغم ذلك تمني الجميع أن تقوم وزارة الدكتور قنديل بإنقاذ الأوضاع المتردية في مصر اقتصاديا وأمنيا وانتاجيا واجتماعيا وإلا لن تقف هذه الوزارة علي أرض ثابته وستكون في مهب الريح وهناك العديد من التساؤلات التي سنطرحها علي التيارات السياسية والخبراء عن التشكيل الوزاري الجديد ومهامه وبعض المصاعب التي ستواجهه ومطالب الثورة والشعب؟ في البداية تحدث الدكتور عبدالخالق فاروق مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية عن معضلة التشكيل الوزاري الذي كانت ولادته متعثرة.. فيقول إن التشكيل الوزاري في هذه الحكومة يعكس تحالف الأخوان وبقايا النظام القديم لمبارك لأن هذا التشكيل يضم علي الأقل10 وزراء إما من أعضاء لجنة السياسات أو علي صلة وثيقة بها, والنقطة الثانية التي يراها في التشكيل تتمثل في أن هذا التشكيل الوزاري خديعة كبري فيما يسمي حكومة تكنوقراط أخطر وأسوأ من يدير مجتمع في أزمة بعد ثورة أو أثنائها هم من يقال عليهم التكنوقراط أو البيروقراط الذين هم بلامواقف وبلا رؤية سياسية وغالبا تحيزهم الاجتماعي لصالح القديم أو الأقوي والمسيطر في المجتمع أو المستقر وهؤلاء غالبا ما يأتون من المنطقة الرمادية في السياسة أي الذين لم يكن لهم موقف أو رؤية ولا اعتراض علي أي من السياسات التي ثار عليها الشعب في25 يناير, وبالتالي فهم أسوأ من يدير عمل وزاري في هذه المرحلة وينطبق هذا علي رئيس الوزراء الجديد ذاته. المشاركة الغائبة ويضيف الدكتور فاروق: يبدو أن قيادات الاخوان تصوروا أن إدارة مصر تتشابه مع إدارة النقابات المهنية بحيث يتم الاتيان بنقيب صورة وهم يقومون بتحريك كل شئ من حوله, مثلما كان الحال في نقابة الأطباء والمهندسين والمحامين, هذا من حيث رؤيته في قضية التشكيل الوزاري, أما من حيث القدرة علي الإنجاز فأنا أكدت من اليوم الأول والكلام للدكتور فاروق منذ بداية أيام رئاسة عصام شرف للحكومة أن هذه الحكومة وهؤلاء الوزراء لن ينجزون شيئا لعدة أسباب تشمل: أولا أن الانجاز يتطلب التشخيص الصحيح والاستراتيجي لطبيعة المشكلات, وهذا لم يحدث علي مستوي كل وزير وعلي مستوي البنيان الوزاري ككل, والسبب الثاني أن طبيعة المشكلات وحجمها كان يتطلب مشاركة بقية المجتمع والقوي السياسية التي شاركت في الثورة المصرية لأن العبء كبير وهذا لم يحدث, بل إن ما حدث انفراد غريب بالسلطة وتضامن مع النظام القديم. أما السبب الثالث أن ركائز النظام القديم هي الدولة السفلية مازالت تمسك بجميع مفاصل ومؤسسات الدولة في الجهاز الاداري والادارة المحلية والأجهزة الخدمية والاقتصادية, ويؤكد أن الرئيس الجديد ولا مجلس الوزراء الجديد بهذا التشكيل يقدر أن ينجز دون إجراء عملية تطهير تشارك فيها جميع القوي السياسية الوطنية والثورية حتي لاتتحول عملية التطهير لأخونة الدولة وبالتالي يؤدي لمزيد من المشكلات بين القوي المختلفة. والسؤال هل هناك من يمثل التيارات السياسية والثورة بين الوزراء الجدد يجعلنا نقول عليها حكومة الثورة؟ يجيب: أظن أن هذا التشكيل الوزاري يمثل تضامن بين10 وزارات من النظام القديم ولجنة سياساته وبين عدد من الأخوان المسلمين سواء الظاهرين منهم أو الخلايا التابعة والنائمة السابقة ولايوجد سوي عدد قليل جدا من التيارات السياسية والمحسوبة علي التيار الديني. هل نحن بلا أمل الآن؟! أشار الدكتور عبد الخالق فاروق أظن إلي الأمل الوحيد مرتبط بأن يعاود العقل السياسيي للاخوان المسلمين إعادة تقدير الموقف بصورة صحيحة لأنه لم يعد لدي الكثير من القوي الوطنية الثورية ما تخسره بأكثر مما يخسرونه بسبب أداء وسياسات الاخوان وحزبهم, فوقتها سيتساوي الخطر علي الدولة المصرية من الأخوان أو العسكر, وأظن أن كثيرا من الوطنيين المصريين يعاودون التفكير في مدي صدمة والتزام الإخوان ببرنامج الشراكة وسيجدون أنفسهم في خانة المعارضة الشرسة في مواجهة هذا التيار حتي لو اقتضي الأمر التحالف مع المجلس العسكري في مواجهة الاخوان المسلمين وسياساتهم. وهل نحن بصدد مجلس يكمل دورته؟ مجلس الوزراء الجديد لن يستمر طويلا كما يقول الدكتور فاروق سواء الجمعية التأسيسية الراهنة استكملت صياغتها المقترحة لمواد الدستور وطرحها لاستفتاء عام شعبي أو جري حلها بحكم قضائي وتشكيل المجلس العسكري لجمعية تأسيسية جديدة وفقا للإعلان الدستوري المكمل ففي جميع الأحوال سوف تجري انتخابات تشريعية جديدة خلال6 أشهر علي الأكثر مما سيطرح توازنات قوي ربما جديدة داخل هذا المجلس وربما تشكيل حكومي جديد. ويشير إلي ضرورة إجراء تغييرات واسعة النطاق في القيادات المحلية ابتداء من المحافظين مرورا بسكرتيري العموم انتهاء برؤساء المدن والأحياء والمراكز والقري والتخلص من عسكرة المناصب الجماهيرية والشعبية واسناد هذه المواقع إلي قيادات شابة من الذين شاركوا في الثورة المصرية من جميع التيارات لتحمل الأعباء مجتمعين. حلول للقضايا العادلة الحكومة الجديدة في رأي الدكتور حسين خالد وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق- تتولي مهامها في ظروف صعبة من تاريخ مصر, تتطلب منها بذل المزيد من الجهد من أجل تقديم حلول للقضايا العادلة, والمشاكل المتراكمة التي عاني منها المواطن المصري طوال30 عاما من الإهمال في ظل النظام السابق, متمنيا للوزراء الجدد في حكومة الدكتور هشام قنديل التوفيق والسداد لنقل المواطن المصري إلي ظروف معيشية, ومادية, وصحية أفضل, فضلا عن أهمية تدبير التمويل اللازم للتعليم والصحة وهما من أكبر القطاعات التي عانت كثيرا, ولم تأخذ نصيبها من الاهتمام في ظل حكم النظام السابق. التحديات كبيرة هذه الوزارة تمت لإرضاء فصيل سياسي معين هكذا بدأ الدكتور إبراهيم زهران الخبير البترولي ورئيس حزب التحرير المصري وصاحب القضايا الشهير في مجال الغاز حديثه مؤكدا أنه نتج عن ذلك الابتعاد عن كفاءة كوادر متخصصة عديدة, وما يهمنا في الأساس مصلحة مصر ونتمني التوفيق لأي مجموعة لمصلحة مصر ولكن التحديات كبيرة جدا وقدرات أعضاء الوزارة محدودة وامكانات غير موجودة, فمثلا الكهرباء تنقطع بصفة منتظمة صباحا ومساء علي مستوي الجمهورية خاصة في الريف والمناطق العشوائية ولمدد طويلة, ويري أنه في الحقيقة يوجد محطات كهرباء لكن لايوجد وقود لتشغيلها, ويتوقع زيادة العجز في الطاقة مما يزيد من ساعات قطع الكهرباء بدلا من ساعة ليلا وساعة نهارا ستكون ساعتين ثم تتزايد, فالمفروض مواجهة المشكلة بالبحث عن حل فوري, فالحجة ليست زيادة الأحمال فهي من الطبيعي ستزيد كل سنة والمفروض أن تكون هناك شفافية في طرح المشكلات وايجاد حلول لها, والحل العاجل الآن سحب الغاز الموجه للتصدير في شكل منتج سواء غاز مسيل أو سماد لأن مصر لاتستفيد منه وتبيعه بثمن بخث لايتعدي دولارين في حين نستورده بنحو24 دولار للألف متر قدم مكعب, وللأسف لم يعاد التسعير مع المستثمرين الأجانب رغم قيام الثورة من أكثر سنة ونصف وهذا نموذج من النماذج الموجودة, ضف إلي أزمة البنزين والسولار والبوتجاز التي مازالت مستمرة, ويتم حال مشكلة الوقود بالاستيراد فمركب البنزين تكلفته نحو40 مليون دولار, في حين تتوافر النفتا في مصر التي يتم تحويلها لبنزين عن طريق جهاز ثمن الوحدة40 مليون دولار ومصر تحتاج لجهاز في السويس وآخر في الاسكندرية وثالث في أسيوط لتحويل2 مليون طن في السنة تنتج في مصر, وكل ما نحتاجه من بنزين مليون طن من الخارج, وبعد التزويد بهذه المعامل يمكن توفير البنزين لمصر وتصدير الباقي من النفتا المصرية وهذا حل سريع وموفر لمئات الملايين من الدولارات. ويؤكد الدكتور إبراهيم زهران أنه كان من المفروض الإعلان بوضوح شديد عن مهام الوزارة فلسنا في حاجة لوزارة لسد الفراغ لكن نحتاج لوزارة تنطلق بمصر من نقطة لأخري أفضل مما يحسن من دخل الفرد وزيادة وتحسين الانتاج, فالتشكيل الحالي تم بشكل عشوائي ودون مهام ولامدة معروفة, ولايهم تقسيم الناس فكل مسئول المطلوب منه الأداء والعطاء والخبرة, فالناس في مصر لديها طموحات بعد الثورة ويتطلعون لمستقبل أفضل فلا يصح أن نعود للوراء بقطع الكهرباء وأكوام الزبالة في الشوارع وفقدان الأمن وتوقف المصانع وقطع الطرق وتوقف القطارات فالمهمة ثقيلة وتبدأ بالحفاظ علي سيناء وتطهيرها والحفاظ علي كل أملاك الشعب وفتح أبواب العمل أمام البسطاء. تشغيل المصانع والسياحة أولا ويقول الدكتور عادل طلبة رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للأمصال واللقاحات السابق إن الاختيار للوزراء تم بطريقة أقرب الناس المعروفين ولا يوجد ابداع في الاختيار ولذلك فالحكومة الجديدة نمطية, كنت أتمني اختيار الكفاءات مهما كانت انتمائتها ومصر بها العديد من الكفاءات المغمورة والمعروفة, وللأسف لاتوجد شخصية مميزةوقيادية ولها بصمة واضحة يتفق عليها المواطنون, فالمصاعب أكبر من شكل وتكوين الحكومة, وينصحهم بوضع سياسة وهدف واضح لكل وزارة بعيدا عن التفاصيل, ويجب إعادة ترتيب العمل الاداري من جميع الاتجاهات وإلا ستسير الأمور كما كانت طوال السنوات الماضية. وينادي بالتركيز علي الأمن وملف التعليم والصحة ويحتاج لعمل جاد مخلص من مجموعات من أجل مصر, أما البحث العلمي يحتاج فتح هذا الملف لتوفير الميزانية المطلوبة التي تتناسب مع بلد في حجم مصر وإلا النتيجة متوقعة, فميزانيتها يجب ألا تقل عن4% وتكون موجهة لمواضيع بحثيةبحتة وتكون تطبيقية في معظمها تعود علي مصر بالخير, ويعد الاهتمام بالسياحة بإعادة طمأنة السياح لجذب المزيد لمصر لأن ذلك سيكون مصدر دخل سريع وسيقضي علي جزء من البطالة, بالإضافة لضرورة اهتمام الحكومة بتشغيل المصانع المعطلة في القطاع العام بفعل فاعل, خاصة مصانع الأدوية والأمصال واللقاحات والتي يمكنها توفير دخل فوري وكبير لمصر بدلا من الاعتماد علي الاستيراد من الخارج بالعملة الصعبة, ويوجد فرص تصديرية كبيرة لمصر في أفريقيا وأوروبا الشرقية, فمثلا مصل العقرب والثعابين والملاريا والأمصال الثلاثية والرباعية والخماسية, وانتاج الأمصال الحيوانية وكلها مطلوبة في الدول المجاورة وغيرها ومصر يتوافر لديها الإمكانات اللازمة والموارد البشرية بغزارة لتشغيل هذه الصناعة بسرعة فالمشكلة سوء الإدارة والتوجيه وهذا يتطلب إزالة المعوقات والبروقراطية وهي لاتحتاج لمصاريف كبيرة لبدء الانتاج وتحقيق عائد ضخم. كمين كبير وهذه الوزارة- كما يراها الدكتور محمد الجوادي الكاتب والمفكر السياسي- هي كمين متعدد المراحل نجحت القوي المضادة للثورة في زرعه للدكتور محمد مرسي ولجماعة الاخوان المسلمين, ذلك أن الإخوان كانوا يستطيعون تشكيل وزارة كاملة منهم, والجماعة حافلة بالكفاءات, لكنهم في إطار سعيهم لارضاء القوي الوطنية أعلنوا أنهم لن يشكلوا الوزارة منهم, ومن ثم فقد كان متوقعا أن يتم تشكيل الوزارة من قوي وطنية ثورية تزيد من قوة الاخوان, ورصيدهم في الشارع باعتبارهم قادرين علي التحالف أولا, وعلي قيادة التحالف ثانيا.. لكن القوي المتربصة بالاخوان وهي اذكي سياسيا من جماعة الاخوان- نجحت في دفع الرئيس المنختب إلي كمين كبير مكون من4 كمائن متتالية: وكان الكمين الأول هو استعجال السيد الرئيس لتشكيل الحكومة, وطرح التساؤل حول لماذا تأخر الاعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة حتي الان, خاصة أن الدكتور مرسي قام بزيارات خارجية إلي المملكة العربية السعودية واثيوبيا, وكان السؤال المطروح بشده هو: ألم يكن من الأولي أن يقوم الرئيس بتشكيل الوزارة الجديدة قبل سفره, وقبل لقاءاته بالقوي الخارلجية وقبل حفلات التخريج والتكريم؟.. أما الكمين الثاني فهو الدفع بأسماء مرشحة لرئاسة الوزارة لا يمكن أن تقبل بها جامعة الاخوان من قبيل الدكتور محمد البرادعي.. نأتي إلي الكمين الثالث وهو تلهف بعض الوزراء في حكومة الجنزوري علي الاستمرار في مواقعهم, مما أعطي الرئيس إيحاء بأنه يجب إنجاز التشكيل الوزاري للتخلص من بعض هؤلاء الوزراء القادمي الذين أدمنوا توظيف السلطة لمصالحهم الخاصة.. أما الكمين الرابع- والكلام مازال للدكتور محمد الجوادي- وهو الأخطر أن هناك هيئات رقابية تكفلت بطرد البضاعة الجيدة من أجل مصلحة البضاعة الرديئة, ومن ثم جعلته أمام خيار وحيد وهو قبول البضاعة الرديئة من مخلفات لجنة السياسات, وأمانة السياسات, والمجلس الأعلي للسياسات وهي المراحل الثلاث التي أعاد جمال مبارك تشكيل نخبته من خلالها. وبهذه الطريقة, أصبحت الوزارة كما يقول الدكتور الجوادي- خالية تقريبا من أي وجه مقبول شعبيا وثوريا, مما سيدفع القوي الوطنية لاعادة النظر في علاقتها بالاخوان, خصوصا بعد أن رشحت هذه القويعددا لا يستهان به من الوجوه المقبولة, وعندما أدرك الرئيس مرسي هذه الحقيقةكان تصميميه علي وجود أحد الوجوه الثورية في التشكيل الجديد متمثلا في المستشار أحمد مكي, ولكن ماذا يجدي وزير واحد وسط30 وزيرا, وأعتقد أنه من الافضل أن تحل هذه الوزارة نفسها خلال اسبوع من وجودها علي نحو ما حدث في أثناء ثورة1919 وثورة عرابي في عام.1882 حكومة للفقراء أم للأغنياء؟ والحال هذه, فإن الدكتور ممدوح حمزه أمين عام المجلس الوطني المصري يقول إنه لا يمكن الحكم علي التشكيل الوزاري الجديد قبل إعطائه فرصة, لكن يمكن تكوين رؤية مبدئية بعد صدور أول5 قرارات وزارية, وهذه القرارات سوف تعكس أحد أمرين: إما أنها حكومة ستنحاز للفقراء, ومن ثم تكون حكومة شعبية أو حكومة ثورة, أو أنها ستنحاز للأغنياء من خلال تشجيع الاستثمار العقاري, وتوزيع الأراضي, وخصخصة المرافق, أو تأجيرها بنظام حق الانتفاع ساعاتها ستكتب هذه الحكومة شهادة وفاتها. وبشكل عام, فإن المفكر السياسي القبطي جمال أسعد يري أن التشكيل الوزاري جاء معبرا عن حالة الارتباك السياسي التي سبقت الاعلان عنه.. ويتضح من الصورة العامة للتشكيل الجديد سيطرة التكنوقراط علي الوزارة, بما يعني أن الوزراء متمكنون من مجالاتهم, لكن هؤلاء في تقديري- مثل الموظف الذي يؤدي وظيفته بكفاءة, ولا علاقة له بأي رؤية سياسية, خاصة عندما نعلم أن رئيس الوزراء لا يملك تاريخا سياسيا ولا نعرف له أي موقف سياسي. حلول واقعية للمشكلات وفي ضوء الظروف السياسية الحالية التي نعيشها الان كما يقول جمال أسعد, والتي تتسم بحالة من الفوضي التي كانت تستلزم بالضرورة تكليف رئيس الوزراء بتشكيل وزارة تحمل رؤية سياسية متكاملة لكي نستطيع المرور من تلك المرحلة الاستثنائية الصعبة من تاريخ مصر.. ويتساءل: كيف تدير حكومة تكنوقراط مرحلة سياسية استثنائية بدون اي رؤية سياسية, وهذه تمثل إشكالية حقيقية خاصة أن رئيس الوزراء قال إنه مكلف بإنجاز مشروع المائة يوم, ولا شك أن ما حدث خلال شهر أو أكثر بعد تولي الدكتور محمد مرسي لا يعطي مؤشرا علي أن هناك قدرة فعلية علي تنفيذ هذه الخطة في أضعاف هذه المدة, مما يجعل الثقة مهزوزة في أداء هذه الحكومة.. وكما هو معروف, فإن الحكومة الجديدة تأتي في ظروف صعبة, فهناك انفلات أمني, وهناك بلطجة في الشوارع, وهناك بطالة مرتفعة, وزحام مروري في الشوارع, وانقطاع في المياه والكهرباء, فضلا عن الارتفاع الجنوني في الأسعار, و أزمات في الوقود, ومن ثم يقع علي هذه الوزارة تقديم حلول عملية لهذه المشكلات.. وهناك فارق كبير بين أستاذ جامعي قضي كل حياته في البحث العلمي, وتحصيل الشهادات العليا, وبين شخص يمتلك رؤية سياسية تجعله قادرا علي رصد المشكلات, ووضع الحلول العلمية والواقعية الصحيحة لها, ونحن في مصر نفتقر للبحث العلمي المرتبط بالواقع, فكم لدينا من أساتذة أنتجوا ابحاثا علمية متطورة في إطارها النظري لكنهم قد يفشلون عند تطبيق نظرياتهم العلمية علي أرض الواقع, كما أن التكنوقراط قد ينجح في وضع حلول للمشاكل.. ويفشل في تنفيذها علي أرض الواقع!.. ولذلك فإنه من المهم أن يمتلك الشخص رؤية سياسية تمنحه القدرة علي إيجاد حلول واقعية للمشكلات.