هل يتسبب التنقيب عن الغاز شرق البحر الأبيض المتوسط في اندلاع حرب بين إسرائيل ولبنان ؟ ففي يوم 9 فبراير الحالي أعطت الحكومة اللبنانية للمرة الأولي الضوء الأخضر لبدء الحفر للتنقيب في مناطق لبنان البحرية التي تشمل مثلث المنطقة البحرية المسماة بلوك 9 حيث تقدر مساحة المنطقة بحوالي 860 كيلومترا مربعا. وهناك تقديرات تؤكد أن منطقة المثلث البحري هذه تحتوي كميات كبيرة من النفط والغاز قد تفوق حجم حقل تامار الإسرائيلي الذي تم اكتشافه أخيرا. والنزاع بين إسرائيل ولبنان علي بلوك 9 مستمر منذ عدة سنوات بسبب الأطماع الإسرائيلية ورغبتها في الاستحواذ علي ثروات هذه المنطقة. وفي الآونة الأخيرة أعلنت الحكومة اللبنانية أن مجموعة شركات دولية (فرنسية ايطالية وروسية) فازت بمناقصة للحفر للتنقيب في المياه الاقتصادية للبنان وامتياز الحفر يشمل أيضًا منطقة النزاع بلوك 9. ومنذ أسبوعين وفي ظل التوتر بين إسرائيل ولبنان، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان بأن الشركات الدولية سترتكب خطأ كبيراً في حالة مشاركتها في الحفر للتنقيب للبنان في تلك المنطقة مدعيا أنها تابعة لإسرائيل. ويحذر المراقبون من أن هذه الأزمة ستكون معقدة وستجد إسرائيل صعوبة في التعامل مع الخطوة اللبنانية، خاصة أن اتحاد الشركات التي فازت بمناقصة الحفر تمثل دولا قوية سياسياً واقتصادياً في المنطقة. ليبرمان يعرف الموضوع منذ سنوات ففي 2011 ، حين وقعت حكومة إسرائيل لأول مرة علي ترسيم الحدود البحرية لإسرائيل في البحر المتوسط، عارضت لبنان ذلك بشدة لأن إسرائيل تتجاوز الحدود الإقليمية البحرية الخاصة بها. ليبرمان كان حينها وزير الخارجية وقال: لدينا موقف قوي جدا من ناحية الخرائط. لن نتنازل عن أي شبر. وتصاعد التوتر بين البلدين في الأسبوع الماضي بعد أن أصدرت لبنان مناقصة للتنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحلها علي الحدود البحرية للبلدين، ما أثار حربا كلامية مع إسرائيل التي أدعت أحقيتها في أحد الحقول المذكورة. وقال مسئولون لبنانيون: إن عمليات التنقيب قبالة سواحلها ستبدأ في عام 2019 وبأن لبنان تريد تأكيد حقوقها علي طول حدودها البحرية.. وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان وصف الخطوة بالاستفزازية للغاية وقال إن لبنان طرحت مناقصة لمجموعات دولية علي حقل غاز ويعتبر لنا بكل المقاييس. تصريحاته أثارت تنديدات حادة من مسئولين لبنانيين، من ضمنهم رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي وصف أقواله باستفزاز وقح يرفضه لبنان. وقام حزب الله أيضا بإصدار بيانات ومقاطع فيديو هدد فيها بمهاجمة منصات الغاز البحرية الإسرائيلية. وجاء في أحد البيانات التي كتبت بلغة عبرية ان كل من يعتدي علي النفط والغاز في مياه لبنان الاقتصادية سيتم الاعتداء علي مواقعه. وفي مقطع فيديو تم إذاعة أقوال ليبرمان التي ادعي فيها أحقية إسرائيل في مواقع الغاز، لتقطعها بعد ذلك تصريحات محذرة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تبعها لقطات لصواريخ يتم إطلاقها ظاهريا باتجاه منصات الغاز الإسرائيلية. ويوم الخميس الماضي أعلن مسئول حكومي لبناني أن مبعوثا أمريكيا نقل رسالة من إسرائيل إلي مسئولين لبنانيين مفادها أن الدولة العبرية لا ترغب في التصعيد مع لبنان بشأن عدد من الخلافات المتزايدة بين الجانبين، من ضمنها بناء جدار حدودي من قبل إسرائيل. وقال المسئول اللبناني، بحسب ما نقلته وكالة رويترز إنه فيما يتعلق بزيارة المبعوث الأمريكي فقد أجري مباحثات تتعلق بالجدار مع إسرائيل وقال إنه ليس هناك ما يدعو للقلق ولا يوجد اتجاه للتصعيد. وأكد للبنان أن إسرائيل لا تريد التصعيد.. المسئولون اللبنانيون والإسرائيليون من جانبهم قالوا إن ديفيد ساترفيلد، مساعد وزير الخارجية الأمريكي بالوكالة قام بزيارة إسرائيل ولبنان في محاولة للتوسط بين تل أبيب وبيروت. ومنذ عدة أيام صدرت تعليمات للجيش اللبناني بمواجهة أي اعتداء إسرائيلي علي حدود الدولة البرية أو البحرية. والخلاف بين البلدين ليس علي بلوك 9 فقط بل حول جدار حدودي يقوم الجيش الإسرائيلي ببنائه علي طول الحدود بين البلدين يلتهم أجزاء من الأراضي اللبنانية، وينتهك سيادة الأراضي اللبنانية. وتقوم إسرائيل ببناء الجدار المكون من مجموعة من الصخور والمنحدرات والحواجز الإسمنتية منذ مدة طويلة. حزب الله اللبناني هدد أخيرا بفتح النار علي الجنود الإسرائيليين العاملين علي بناء الجدار بحسب تقرير شبكة حداشوت الإخبارية الإسرائيلية في الأسبوع الماضي. وجاء في التقرير أن إسرائيل تسلمت الرسالة عبر اليونيفيل وخشية حصول تصعيد محتمل، قامت القوة التابعة للأمم المتحدة بتمرير الرسالة إلي السفيرين الأمريكي والفرنسي، اللذين قاما بإطلاع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي علي هذه المسألة. وذكر التقرير أن الحكومة الإسرائيلية، ردت علي ذلك برسالة تهديد قالت فيها إنها تعمل علي أراضيها السيادية وتماشيا مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي تم اعتماده بعد انسحاب إسرائيل من لبنان في عام 2000 . وقالت تل أبيب: إن إسرائيل لا تعتزم وقف البناء، مضيفة أن حزب الله سوف يدفع ثمنا باهظا إذا حاول تأجيج التوترات . وهددت إسرائيل أيضا بمنع إيران من بناء منشآت لصنع الأسلحة المتطورة في لبنان، وحذر رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو من سماهم أعداء إسرائيل وقال: إن الجيش الإسرائيلي مستعد لجميع السيناريوهات.