ليبيريا فى انتظار أول انتقال ديمقراطى للسلطة منذ عام 1944 ،وذلك بتسليم السلطة من رئيس منتخب إلى رئيس آخر منتخب ،وتعد أيضا هذه الانتخابات الرئاسية الاولى التى تديرها مؤسسات الدولة وقوات الأمن بشكل كامل منذ انتهاء الحرب الأهلية فى البلاد عام 2003، وتشرف على الانتخابات اللجنة الوطنية ( نيك ) دون المساعدة من الأممالمتحدة، ويصف جريجورى كولمان مفوض الشرطة الليبيرية المشهد بقوله «نحن فى مقعد السائق والأممالمتحدة فى مقعد المشاهد الخلفي». وماتشهده ليبيريا حاليا من سباق رئاسى يمثل فترة تاريخية وتعزيزا للديمقراطية الليبيرية ، كما دعت الرئيسة الحالية للبلاد إيلين جونسون سيرليف ( 78 عاما ) ، والتى تشغل المنصب منذ عام 2005 وحصلت فى 2011 على جائزة نوبل للسلام وتعد أول سيدة فى القارة تتولى منصب الرئاسة ، مواطنيها إلى « قياس الطريق الذى قطع كأمة وكشعب وسمح بالانتقال من مجتمع دمره النزاع والحرب إلى واحدة من الديمقراطية الأكثر حيوية فى غرب افريقيا». كانت الجولة الأولى للانتخابات التى شارك فيها نحو مليونى ناخب ليبيرى قد أسفرت عن إنتخاب أعضاء مجلس النواب (73 عضوا) ، أما فيما يتعلق بانتخاب رئيس للبلاد فلم يتمكن أى مرشح من الحصول على أغلبية مطلقة من الأصوات، وكان من المفترض إلى ان تقرر إجراء الجولة الثانية فى 7 نوفمبر الحالى ولكن علقت المحكمة فى ليبيريا الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية يتم النظر فى طعن مقدم من مرشح خاسرفى الجولة الأولى يؤكد حدوث تزوير فى النتائج وانتهاكات فى مراكز اقتراع،وفى مسعى لمنع حدوث أزمة وصل فوريه اياديما رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ورئيس توجو وألفا كوندى رئيس الاتحاد الافريقى ورئيس غينيا إلى مونروفيا ،لتدارك عدم حدوث تبعات تعرقل مسيرة الإنتخابات فى ليبيريا. ولقد تصدر جورج ويا مرشح التحالف من أجل التغيير الديمقراطى (سدك ) السباق الذى جرى بين 20 مرشحا بحصوله على 39.2% من أصوات الناخبين، وجاء جوزيف بواكاى نائب رئيس ليبيريا فى المركز الثانى وحصل على 29.1% وهو مرشح حزب الوحدة الحاكم ، أما المركزالثالث كان من نصيب المحامى السياسي المخضرم تشارلز برومسكاين زعيم حزب الحرية الذى حصل على 9.8% من الأصوات وهو المرشح الذى تقدم بالطعن للمحكمة العليا وطالب بإلغاء نتيجة الجولة بزعم حدوث مخالفات فى التأخر فى فتح صناديق الاقتراع وغياب المسئولين وتزوير فى بطاقات التصويت ،وعندما أمرت المحكمة بتعليق الجوله الثانية من الانتخابات قال برومسكاين «هذه خطوة واسعة فى الاتجاه الصحيح والمحكمة تدرك خطورة المشاكل واتخذت إجراء دفاعا عن القانون والديمقراطية«. وقال مراقبون دوليون من بينهم مركز كارتر والمعهد الديمقراطى الوطنى إن الجولة الأولى لم تشهد مخالفات كبرى من شأنها التأثير على النتيجة ، ووصفت ماريا أرينا -رئيسة بعثة المراقبين للانتخابات التابعة للمفوضية الأوروبية - الانتخابات بأنها اختبار على درجة كبيرة من الأهمية لليبيريا ونموذج يحتذى به فى منطقتها، ولاحظت بعثة الاتحاد الأوروبى لمراقبة الانتخابات الكثيرمن الحالات التى قام بها موظفون عموميون شاركوا فى الحملات التى أعاقت المساواة بين المتنافسين. وقد تلقت البعثة مطالبات بشأن الاستخدام غير المتكافئ لموارد الدولة و تشير الملاحظة المباشرة للبعثة إلى ارتفاع مستوى تسييس الحملة ،بينما لم تعلق المفوضية الوطنية للانتخابات على تلك المزاعم ،ولكنها اكدت ان الانتخابات ستعاد فى مركز اقتراع فى مقاطعة نيمبا بسبب وقوع مخالفات وهو ما يتعلق ببضعة آلاف من الأصوات . والمؤشرات توضح انه من الصعب حدوث تغيير فى الجولة الثانية حين تحديد موعد لانعقادها، ولذلك فإن نجم كرة القدم السابق جورج ويا -51عاما والحاصل على لقب أفضل لاعب كرة فى العالم فى 1995هو الأوفر حظا، وفى حال فوزه سيصبح أول لاعب يصل إلى منصب رئيس جمهورية ، وهناك اصرار من ويا للوصول لهذا المنصب بدأ منذ خوضه الانتخابات الرئاسية عام 2005والتى خسرها فى جولة الإعادة، ثم خاض الانتخابات الرئاسية فى 2011 كنائب للمرشح وينستون توبمان وخسر مجددا. ولكنه فاز بمقعد فى مجلس الشيوخ عام 2014، ويعد ملهما للآلاف من الشباب الليبيرى لما حققه من شهرة وانضمامه للفرق العالمية مثل «إى سى ميلان» و«تشيلسي» و«باريس سان جيرمان» وغيرها، ويوصف بمعبود الجماهير باعتباره قصة كفاح فهو ينتمى إلى عرق كرو وينحدر من أسرة فقيرة. ويحظى ويا بدعم قطاع كبير من الشباب، حيث يقوم بتمويل رحلات الفريق القومى للعب بالخارج ،كما أنشأ محطتى إذاعة وتليفزيون فى ليبيريا. ويرى منتقدو ويا ان ضعف تعليمه يجعله غير مؤهل للحكم ،ورفع بعض منافسيه دعوى قضائية ضده بزعم حصوله على الجنسية الفرنسية ولكن اللجنة الانتخابية لم تجد دليلا يثبت مزاعمهم ،وتخوض جويل هاورد الزوجة السابقة للرئيس السابق تشارلز تايلور الذى تنحى 2003- مع ويا الانتخابات كنائبة له، ويركز جورج على مكافحة الفساد والانتعاش الاقتصادى فى برنامجه. أما المرشح الحاصل على المركز الثانى بالجولة الأولى جوزيف بواكاى (71عاما) فلديه خبرة فى المجال السياسى حيث عمل 12 عاما كنائب للرئيسة ووزير زراعة سابق، وذلك إلى جانب عمله فى العديد من القطاعات الاقتصادية. كما عمل مستشارا بالبنك الدولى مما يجعله منافسا قويا لتركيزه على فتح ابواب ليبيريا أمام التجارة الإقليمية والدولية فى برنامجه الانتخابي،والمرشح الثالث المحامى برومسكاين -66عاما- أكد ضرورة تمكين الشباب الذين تبلغ نسبتهم 63.5% من عدد السكان ومكافحة البطالة والاهتمام بالتعليم. ويواجه الفائز بانتخابات الرئاسة تحديات كبيرة خاصة فى ظل تدهورالأداء الاقتصادى بعد أن بلغ معدل النمو صفرا خلال ثلاثة أعوام وفقا لتقرير البنك الدولى ،وليبيريا تعد من أفقر دول العالم نتيجة تداعيات الحرب الأهلية التى استمرت 14 عاما (1989- 2003) والتى راح ضحيتها 250 ألف قتيل وتشريد نحو مليون فرد،إلى جانب معاناتها فى مكافحة فيروس إيبولا (2013 -2015) الذى قضى على نحو 4آلاف شخص .