هو عاشر إخوته, وأصغرهم علي بعض الروايات, ولد لعبد المطلب بنحو إحدي و سبعين سنة قبل الهجرة....ويعرف عبدالله هذا بالذبيح, وسبب ذلك أن أباه عبد المطلب نذر لئن ولد له عشرة من الأبناء و شبوا في حياته لينحرن أحدهم عند الكعبة الشريفة. ولما أن بلغوا كذلك ذهب بهم إلي الكعبة, فضربت القداح بين أبنائه العشرة فخرجت علي عبدالله الاصغر الأحب, ففداه عملا برأي إخوته و الكهان بمئة من الإبل بعد أن أسهم عليه عشر مرات كان يزيد كل مرة عشرة من الإبل, وما ارتضي حين بلغت الإبل مئة إلا أن يعيد القداح, وعادت القداح ثلاث مرات كانت تخرج كلها علي الإبل.. وهنا تيقن عبد المطلب من أن الله معه فيما أحب, وهنا يتبين لنا أيضا مدي وفاء عبد المطلب لوعده.. إذ يقرب ولده الأصغر الأحب إلي الذبح وفاء بوعده والتزاما بكلمته و عهده, و إيمانا بأن الموقف فوق العاطفة, وهذه الخاصية في العرب من أهم ميزاتهم التي جعلت الرسالة بينهم, فإنهم سيصبحون أقدر الناس علي الوفاء لله الذي آمنوا به إيمانا فطريا, ليصح هذا الإيمان و يكتمل ببعثة سيدهم و أشرفهم محمد الذي أصبحوا بدعوته خير أمة أخرجت للناس. ونحرت الإبل المئة التي كانت توازي ثروات طائلة و تركت لا يصيد عنها إنسان ولا طائر و لا حيوان كما ذكرفي بعض كتب السيرة, والقصة مشهورة جدا, وقد جاء في حديث ضعيف أنه صلوات الله وسلامه عليه قال أنا ابن الذبيحين. وذكر الدكتورمحمد عبده يماني في كتابه( اجداد النبي صلي الله عليه وسلم) معلوم أن الذبيح الأول هو جده إسماعيل بن إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه وعلي خير ولده محمد و علي رسل الله أجمعين, والذبيح الثاني علي ما روي هو والده عبد الله بن عبد المطلب. وقد تزوج والده عبد الله آمنة بنت وهب العفيفة الطاهرة التي تشرفت بحمل سيد الخلق أجمعين و كان زواجها في مني, وكان سنه إذ ذاك ثماني عشرة سنة علي أرجح الروايات وقد ارتحل عبد الله بعد أن حملت منه آمنة برسول الله صلي الله عليه وسلم مع قريش بتجارة إلي غزة, فلما مروا بالمدينة عائدين تخلف عند أخواله من بني النجار ليشتري تمرا يعود به إلي مكة, فمرض و أقام شهرا عندهم مريضا ثم توفي ودفن في المدينة علي الصحيح, وقيل إنه ارتحل عنهم ثم توفي و دفن في الأبواء بين مكة و المدينة وكانت وفاته قبل الهجرة بنحو ثلاث وخمسين سنة وقبل وقعة الفيل بنحو ثمانية أشهر.. ورث صلوات الله و سلامه عليه من والده عبد الله خمس جمال و قطيعا من الغنم وعبدا و جارية هي أم أيمن بركة الحبشية أم أسامة بن زيد الصحابي الجليل حب رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن زيد الذي كان قد تبناه. ومما ورد من شعر عبد الله قوله مفتخرا بشمائله و أنسابه الشريفة: بان لنا فضلا علي سادة الأرض لقد حكم السارون في كل بلدة يشاربه ما بين نشز إلي خفض وأن أبي ذو المجد و السؤدد الذي قديمابطيب العرق و الحسب المحض وجدي وآبائي له أثلوا العلا و إذا قارنا افتخار هذا السيد الكريم بما كان يفتخر به شعراء الجاهلية وغير شعراء الجاهلية بالخمر و الشرب و السكر و القيان تبين لنا من جديد شرف هذا الرجل الذي مع افتخاره الشديد الذي يباهي به العرب أجمعين. و يكفيه فخرا و يزيده أن ابنه محمدا أكرم المخلوقات و افضلهم عليه من ربه ومنا أفضل الصلوات و أتم التسليم.