رغم ما عرف عنه من قوة وبطش وسفك للدماء اشتهر بها طوال حقب التاريخ إلا أن ما قاله عن مصر والمصريين رجالا ونساء يجعله متنبئا وكأنه كان يعيش الأعوام الثلاثين الأخيرة في حياة مصر ولا غرابة فيما قاله. فالحكمة تصدر احيانا من أفواه الطغاة! ففي وصية الحجاج لطارق بن عمر حين صنف العرب يقول لو ولاله أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل.. لأنهم قتلة الظالمين وهادمو الأمم وما أتي عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها, وما أتي عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب.. الحقيقة أن التاريخ يشهد بذلك.. يشهد كيف تصدي الشعب المصري للغزاة منذ عهد مينا قاهر الهكسوس حتي طرد الإسرائيليين من سيناء بعد حرب مجيدة مازالت قصص ابطالها تروي.. مصر التي تربي فيها وترعرع سيدنا موسي منذ ان كان طفلا حتي نزلت عليه الرسالة السماوية, مصر التي زارتها السيدة العذراء المقدسة, مصر حضارة سبعة آلاف عام مصر, المكان والمكانة والتاريخ, مصر برجالها المخلصين وشبابها الأبطال الذين بدأوا رحلة الألف ميل بعد ان قضوا علي خفافيش الظلام, مصر بكنوزها وكل ذرة رمل فيها وكل قطرة ماء من نيلها العظيم ستخرج من محنتها وحالة التوهان التي تعانيها من ألاعيب بعض الساسة وتفضيلهم مصالحهم الشخصية وانتماءاتهم الحزبية الضيقة علي مصالح مصر. مصر ستبقي مصر كما قال عنها الجميع وكما وصفوا شعبها ستبقي مرفوعة الرأس شامخة الجبين لن تنحني ولن تركع إلا لخالقها وإرادة شعبها العظيم, ولسوف تشرق الشمس في الغد القريب, وان غدا لناظره قريب.