ليت مؤتمر الشباب القادم يُولِى اهتماماً بمشكلة الضجيج الذى تجاوز حدود المعقول منذ سنوات، حتى بتنا نعيش اللامعقول الذى لا يمكن تصديقه أو تحمله! والشباب أولى من غيرهم بالاهتمام وبالعمل على إيجاد حل، لأنهم أصحاب المستقبل الذى سيكون أكثر جحيماً إذا سار الوضع على ما هو عليه، خاصة أن الظاهرة تزداد تفاقماً مع تطور العالم، وإذا بالأدوات الحديثة التى تستهدف تطوير حياة البشر وتسهيل الحصول على أغراضهم تصير لدينا أداة إضافية لمزيد من التدهور، فى ظل التقاعس والخضوع للابتزاز وعدم الدراية أو عدم الاكتراث بالمخاطر. وخُذْ عندك اختراعات الميكرفون وآلة التنبيه والموبايل وغيرها كثير، حتى افتقد الناس السكينة التى هى أهم شروط الصحة البدنية والسلامة النفسية، وصار النوم صعب المنال، وتبدو أخطر نذره فى عصبية الأطفال الرضع الذين لا يتحصلون على حصتهم الأساسية من النوم المستقر. ميكرفونات المساجد هى أول علامة خطر فى هذا الموضوع، خاصة أن كثيراً من رجال الدين لا يبدون أى مرونة بما يصل إلى حد تصديهم لمن ينتقد بالتكفير! وكأن الميكرفون، الذى لم يعرفه البشر إلا منذ نحو 140 عاماً فقط أهم شروط الإسلام! برغم أن عزّ الحضارة الإسلامية كان قبل هذا الاختراع، بل لقد تصادف أن تدهورَ أحوال المسلمين تفاقم مع ظهور الميكرفون، من خضوعهم للاستعمار القديم إلى تبعيتهم للاستعمار الجديد إلى تفشى الاستبداد والفساد فى مجتمعاتهم..إلخ، ولم يكن لاستخدام الميكرفون فى المساجد والتنافس على رفع صوته أى فائدة فى أى إصلاح! ينبغى الاستفادة من إخلاص الشباب وحماسهم، ومن اهتمام الرئيس بالحضور والمشارَكة فى المؤتمر، ومن حرص الوزراء والخبراء على الوجود، فى أن يُطرَح الموضوع بلغة العلم، لتبيان مخاطره، وللتوصل إلى توصيات بالحلول. على أن تكون البداية الجادة، أولاً، بتجريم خروج صوت الميكرفون خارج أى منشأة، مع ضرورة إلزام الشرطة بالجدية فى الشكاوى من الضجيج، التى لم يعد المواطنون يجدون فيها تجاوباً من المسئولين الذين يهملونها ويعتبرونها خارج الأولويات! وكأن قتل الناس ببطء أرحم من قلتهم بالإرهاب! لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;