في الوقت الذي يشكو فيه شباب مصري "غير مؤهل" من التهميش السياسي، وفي الوقت الذي تتحدث فيه نساء مصريات "غير متفرغات" عن تهميش المرأة، وفي الوقت الذي تشكو فيه كوادر ومواهب من غياب الفرص، رغم شكوى الإدارة نفسها من "كسل" الكوادر، وسلبية الشباب، تأتي تجربة الفرنسية الشابة إيميليا لاكرافي مع "الموجة الماكرونية" في فرنسا لتثبت لشبابنا ونسائنا أن التأهيل الجيد للمنصب، والطموح للنجاح، والرغبة في خدمة الوطن أقوى من أي ظروف، ومن أي تهميش، حتى وإن اختلفت الظروف بين البلدين، مصر وفرنسا. .. إيميليا لاكرافي - 39 عاما - أو «أمل»، شابة فرنسية من أصل مغربي، حضرت إلى فرنسا وعمرها عامان فقط، درست وتخصصت في مجال المحاسبة وبنوك المعلومات، ودرست أيضا في الكلية الحربية الفرنسية لتحصل على «الدبلومة» في مجال مكافحة الإرهاب المعلوماتي، وكان تخصصها هذا هو الذي جعل عيون المصرفي والاقتصادي البارز إيمانويل ماكرون تقع عليها، ليقرر الاستعانة بها في فريقه السياسي، رغم أنها لم تعمل بالسياسة من قبل، ولم تشغل أي منصب سياسي أو حزبي، شأنها شأن معظم قيادات ومرشحي حركة «الجمهورية إلى الأمام» التي اكتسحت انتخابات الجمعية الوطنية في جولتيها، ليسيطر ماكرون وتياره الوسطي الشاب على الإليزيه والبرلمان على حساب الأحزاب القديمة، وهو "التغيير" الذي عبرت عنه لاكرافي بقولها إن "المولود الجديد دهس الأفيال"، في إشارة إلى الأحزاب التقليدية القديمة التي خسرت الرئاسة والبرلمان أمام حركة لم تكن موجودة قبل عام وشهر وثمانية أيام! لاكرافي زارت مصر أخيرا ضمن الحملة الانتخابية لماكرون بهدف التواصل مع أبناء الجالية الفرنسية في مصر وعددهم ستة آلاف فرنسي فقط، نصفهم من أصول مصرية. وخلال لقاء صحفي لها في «الأهرام» بحضور ماجد منير رئيس تحرير «الأهرام المسائي» وفؤاد منصور رئيس تحرير «الأهرام إبدو»، تقول لاكرافي: «لست سياسية، ولكني بعد الدراسة، أنشأت شركة متخصصة في مجال تأمين المعلومات، ونشطت في المجتمع المدني، خاصة في مجالي المرأة ورعاية الأطفال، وفي فرنسا، المجتمع المدني مهم جدا، وأشبه بالخدمة العسكرية، ومن لا يعمل فيه لا يملك قوة سياسية». وتضيف قائلة: «ما دفعني لخوض غمار السياسة هو معاناة فرنسا من الإرهاب, فقد شعرت بأنني ترس في آلة كبيرة، وبعد هجوم شارل إبدو تحديدا، أردت إفادة بلدي من خبراتي في مجال البيانات». وعن كيفية الاختيار، تقول الدكتورة حنان منيب نائبة رئيس حملة ماكرون بالقاهرة والتي أدارت اللقاء: «في عيد المرأة يوم 8 مارس الماضي، خاطب ماكرون المرأة قائلا : أدعو السيدات للعمل مع الجمهورية إلى الأمام لتقديم وجه فرنسا الجديد الذي يعتمد على الوجوه الجديدة والمؤهلة، لا أهل الثقة، واتصلوا بلاكرافي بالفعل، ولم ترفض، وشجعها على ذلك قول ماكرون إن المرأة هي نصف الإنسانية، ولذلك، يجب أن تمثل في الحكومة والبرلمان بالنسبة نفسها»! وتضيف: «حملة لاكرافي الانتخابية بدأت فقط منذ ثلاثة أسابيع، وهي تعمل على 49 دولة وكأنها مقاطعات فرنسية، فقد فازت بالفعل في الجولة الأولى التي جرت الأحد الماضي، ورغم أن عدد الفرنسيين في مصر أقل بكثير من عددهم في دول أخرى، فإنها تعتبر أن مصر هي البلد الأكبر والأهم في المنطقة، وأكبر بلد عانى الإرهاب، وهي سعيدة بوجودها في هذا البلد العظيم، ومع هذا الشعب العظيم». أما تيبو فيك رجل الأعمال الفرنسي المتحدث باسم الحملة ورئيسها، والذي يعيش في مصر منذ 14 عاما، فهو أيضا شاب ولم يعمل من قبل بالسياسة، فهو عضو في الغرفة التجارية المصرية الفرنسية، وعن سبب دخوله معترك السياسة مع ماكرون يقول: «شعرت بأن فرنسا ليست في الاتجاه الصحيح، وليست دولة، ونريد الآن أن ننقلها إلى المستقبل، ولذلك، رسالتنا تحمل الأمل للشباب في مستقبل أفضل». وعن مستقبل التعاون مع مصر في عهد ماكرون و«إلى الأمام» يقول تيبو فيك : «مصر لها مقومات كبيرة ومنفتحة على العالم، وهي تمر الآن بمرحلة إصلاحات، ونعمل معا لتذليل العقبات ولتحقيق التعاون المفيد للطرفين، وأعتقد أن المستقبل مشرق جدا، ويكفي أن أقول إنه خلال الثورة المصرية، لم تخرج شركة فرنسية واحدة من مصر».