لا تتعثر أو ترتبك الدول الديمقراطية الحديثة وهى تتخذ إجراءات حازمة ضد من يستغلون حرية التعبير، التى تحظى عندهم بشبه قداسة، وتسن للخارجين روادع وعقوبات إذا اقترفوا جريمة اللجوء لخطاب الكراهية الذى يُهدِّد الأمن الوطنى وسلامة الأوضاع الاجتماعية. وفى كل الأحوال، لا تلتفت الدولة كثيرا إلى مجموعات الرومانسيين، الذين يورطون أنفسهم بالتخندق مع غلاة المتطرفين، ويحاولون ابتزاز الدولة بأنها تناهض حرية التعبير. الأمور واضحة، أو المفروض أن تكون واضحة، لأن خطاب الكراهية، بالتعريف، هو أى حديث يتضمن هجوما على شخص أو مجموعة من الاشخاص بسبب صفاتهم المميزة، مثل العرق أو الدين أو المذهب أو الإعاقة أو النوع الاجتماعى ذكرا أو أنثى. وقد التفت العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وهو الوثيقة المهمة التى تنظم الحريات وتضع لها الضمانات، ووضع أيضا الضوابط لحرية التعبير، مثل احترام حقوق الآخرين واحترام سمعتهم، وحظر أيه دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التى تُشكِّل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. كما أن الوثيقة الأمريكية لحقوق الإنسان تطلب من الدول أن تعلن أن الدعوة إلى الكراهية، لأسباب وطنية أو عرقية أو دينية، هى جريمة جنائية. كما وافق مجلس الوزراء الألمانى فى إبريل الحالي على مشروع قانون مقدم من وزير العدل لمكافحة تعليقات الكراهية والأخبار الكاذبة على الإنترنت، وينص مشروع القانون على إلزام الشركات المُشغِّلة لشبكات التواصل الاجتماعى بمحو أو حجب المحتويات التى تقع تحت طائلة القانون مثل التشهير أو التحريض..إلخ. وفى هولندا، أُلقى القبض على زعيم سياسى من اليمين المتطرف وحُذِف اسمه من قوائم المرشحين للانتخابات لأنه دعا إلى ترحيل العمال الأجانب من غير البيض. لم يعد الأمر فى مصر يحتمل المزيد من التلكؤ والتقاعس فى التعامل مع دعاة الكراهية، سواء تمترسوا وراء هيبة منابر المساجد أو تستروا وراء اللغو بحرية التعبير! مع وجوب الانتباه إلى أن أعداء الحريات سوف يستغلون الموقف لفرض قيود على حرية التعبير! وهو ما يجب التصدى له. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;