المهندس مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الليبية للنفط جاء للقاهرة على رأس وفد من مجلس إدارة المؤسسة لبحث سبل التعاون المشترك فى المجال الفطى، ورغم التناحر السياسى داخل بلاده مما أصبح كل مؤسسة وهيئة منقسمة الي كيانين فى الشرق وفى الغرب الليبى إلا أن المؤسسة الليبية للنفط تعد هى المؤسسة الوحيدة التى لم تنقسم ويديرها مجلس إدارة واحد من الداخل الليبى، بل الاكثر أنه المهندس مصطفى صنع الله أبن مدينة بنغازى يدير المؤسسة من العاصمة طرابلس ويستطيع ان يتنقل فى جميع المدن الليبية بحاضنة شعبية ، تاركاً خلف ظهره الصراع السياسى ويؤكد دائما أنه يعمل بشكل تكنوقراطي لمصلحة الشعب الليبى لما يمثلة انتاج وتصدير النفط نسبة 98% من اجمالى الناتج المحلى للدولة الليبية فكان لقاؤنا معه. وفد المؤسسة الليبية للنفط برئاستكم اجتمع مع وزارة البترول المصرية والهيئة العامة للبترول .. ماذا تم الاتفاق عليه خلال تلك الاجتماعات ؟ حقيقة هذه أول زيارة لى شخصيا لجمهورية مصر العربية الشقيقة ، واجتمعنا «وفد المؤسسة الليبية للنفط» مع وكيل أول وزارة البترول محمد طاهر حافظ ورئيس هيئة البترول المهندس طارق الحديدى ومجموعة من المسئولين المصريين، والتحق بالاجتماع السيد وزير البترول المصرى تم الحديث بشكل عام عن امكانية التعاون المشترك، والمشاكل والمصاعب التى يمر بها قطاع النفط فى ليبيا، فلدينا مشاكل فنية خاصة بصيانة المنشئات النفطية، بجانب أنه مازال انتاجنا متدنيا جدا مقارنة بالمعدلات الطبيعية السابقة ، لاسباب الحرب والنزاعات التى مرت بها ليبيا، وبسبب توقف التصدير لسنوات خلال احتلال الميليشيات المسلحة لموانئ التصدير. تحدثنا مع أشقائنا فى مصر عن امكانية التعاون مع شركات البترول المصرية لصيانة المنشآت البترولية الليبية. فهناك كثير من الشركات المصرية صاحبة السمعة الطيبة والملاءة الفنية وعملت من قبل فى قطاع النفط فى ليبيا، لاصلاح البنية التحتية لقطاع النفط فى ليبيا، وكان الاجتماع بمثابة نقاش عام على جميع الاحتياجات لدينا خلال الفترة القادمة وترتيب زيارات للشركات المصرية للاطلاع على الاوضاع فى ليبيا، ثم التعامل بعد ذلك وفق القوانين الليبية وهى قوانين قريبة من القوانين المصرية، بها بعض التفاصيل فى المناقصات والعطاءات العامة والمعلنة. والشركات المصرية لديها سابق خبرة ممتازة اذا كان فى ليبيا أو فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. فلابد من السير بالخطوات الفنية الصحيحة من الاطلاع على الوضع بالكامل ثم تقييم الوضع الأمنى من قبل الشركات المنفذة ثم التعاقد وهذه خطوات تتبعها كل الشركات العالمية وبالطبع المصرية منها. هل توجد شركات أجنبية تعمل الان فى ليبيا؟ نعم لدينا فى قطاع النفط عدد من الشركات الألمانية والأمريكية تعمل داخل حقول كثيرة هل تطرق اجتماعكم مع الجانب المصرى الي عقود لتصدير النفط الليبى إلى مصر ؟ كان النقاش يتركز على عقود الصيانة لشبكة الانابيب النفطية، على صيانة وإنشاء الخزانات النفطية، وأعمال البنية الأساسية للموانئ بالنسبة للنفط، ليبيا انتاجها الان يعتبر أقل بكثير من متوسط إنتاجها الطبيعى ولا يكفى للوفاء بالعقود المبرمة سابقا مع الشركات العالمية، ولا يغطى السوق المحلى، والجانب المصرى بخبرته يعلم جيدا أننا لانستطيع حاليا أن نرتبط بأى عقود تصديرية جديدة. وكان تركيز الاجتماع فى سبل التعاون المشترك فى عقود الصيانة وهى تحتاج لاستثمارات كبيرة تقدر بمئات ملايين الدولارات وخلق فرص عمل ولدينا عدد من الاجتماعات مع مديرى شركات مصرية كشركة بتروجيت تحدثت عن الاضرار الكبيرة للموانئ النفطية الليبية، ميناء السدرة بمنطقة الهلال النفطى أكبر ميناء ليبى وأكثرهم تضرراً، هل بدأ العمل فى التصدير منه ؟ بعد تحرير الجيش الليبى للموانئ النفطية من قبضة الميليشيات قمنا على الفور بزيارة جميع الموانئ وليس السدرة فقط، وقمنا ببعض الأعمال العاجلة مكنتنا بالعودة للتصدير، وفى ميناء السدرة كان حجم الدمار كبير جدا، لكن بعزيمة الرجال تم بفضل الله سبحان وتعالى البدء فى التصدير ولكن لدينا مشكلة كبيرة خاصة بالطاقة التخزينية، فليس لدينا طاقة تخزينية كافية .. نتيجة الاغلاقات ونتيجة الحرب والتدمير الممنهج للبنية الاساسية للميناء خلال سيطرة الميليشيات عليها. حاليا نعمل على صيانة المرافق فعلى سبيل المثال أنتاجنا من شركة الواحة لايتعدى 80الف برميل يومى، فكثير من الانابيب تأكلت وتوقفت، لذلك ميناء السدرة يحتاج لعمل كبير وبناء خزانات، ونحن هنا فى القاهرة لبعث كل هذه الأمور الفنية ونأمل فى التعاون مع أشقائنا فى الشركات المصرية التى لها خبرات عالمية ممتازة هل الوضع الأمنى بمنطقة الهلال النفطى خاصة بعد محاولتين من الميليشيات بالهجوم عليه هل سيسمح لكم بالعمل بشكل مستقر ؟ العمل داخل الموانئ النفطية يسير بشكل مستقر جدا، وقوات الجيش العربى الليبى تعمل على حماية المنشآت والموانئ النفطية، وقد اصدرنا بيانا يدين هذه المحاولات من قبل الميليشيات وقلنا أنه عمل غير مسئول وعمل طائش، كانت الموانئ مختطفة لثلاث سنوات لم يكن هناك عمالة ولا يوجد إنتاج ولا تصدير، عندما تم تحرير الموانئ من قبل قواتنا المسلحة، بدأنا التصدير والانتاج. وحاولنا التواصل مع المجتمع الدولى وادانه أى هجوم على منشآت الدولة النفطية، ولله الحمد فشل هذا الهجوم، ولم يؤثر على سير العمل نهائيا. تحدثت عن تفاهمات بينكم وبين الجانب المصرى لعقود مستقبلية خاصة بالصيانة، لو تم تحويلها لارقام .. كم مقترح لحجم هذه العقود ؟ نحتاج لاعادة تأهيل كامل لقطاع النفط الليبى وشرحت للزملاء بوزارة البترول المصرية فلدينا مجموعة متنوعة وكبيرة من الاضرار، فهناك حقول نفطية بالكامل تم تدميرها، فحقول مثل المبروك والغانى والباهى حقول مدمرة بالكامل ومتوقفة عن الانتاج ، بجانب اعمال سرقة تمت لكثير من المعدات للحقول الاخرى، هذا من جانب ومن جانب أخر هناك اغلب الخزانات فى ميناء السدرة وميناء رأس لانوف تحتاج لصيانة فورية واعادة بناء بعضها. فأعمال الصيانة تحتاج لمئات الملايين ويمكن أن نصل لأرقام تتعدى المليار دولار. فى ظل أزمة السيولة وشح النقد الأجنبى فى ليبيا كيف سيتم تمويل هذه العقود ؟ نحن كمؤسسة وطنية للنفط طرحنا مشكلة القطاع ، وحتمية توفير ميزانية للصيانة، للاسراع بعودة الانتاج، فنأمل أن نصل بالانتاج مع نهاية العام الجديد 2017 إلى مليون و200الف برميل يومى. وهذا يحتاج لأعمال صيانة وترميم، فالحديث عن الأموال هو أمر عاجل ولامفر من توفيره، وطالبنا بتخصيص ميزانية بشكل سريع ليبيا تشهد اختلافات سياسية حادة كيف تتعاملون مع هذا الموقف ؟ المؤسسة الليبية للنفط هى مؤسسة لكل الليبيين، حاولنا ونجحنا بفضل الله أن ننآي بهذه المؤسسة عن الصراع السياسى، ونحن على مسافة واحدة من كل الفرقاء الليبيين، وتعاملنا بالشرعية مع مجلس النواب، وعلى تواصل مع رئيس مجلس النواب السيد المستشار عقيلة صالح، ونقدم تقارير دورية عن قطاع النفط وعن المشاكل وعدد الشحنات، فنحن نتعامل مع مجلس النواب بإعتباره الجهة التشريعية العليا. ايضا نحن نعمل مع المجلس الرئاسى وفق ترتيبات دولية، ونحاول ألا ينهار قطاع النفط. فحافظنا على علاقة جيدة مع الجميع، عمليات المؤسسة فى ربوع ليبيا بالكامل، كذلك عمليات توزيع المحروقات النفطية نعمل على كامل الدولة الليبية. كم يبلغ حجم استيراد ليبيا من المحروقات البترولية ؟ نحن نستورد حوالى 70% من استهلاكنا المحلى فنستورد بحوالى 3 مليارات دولار هناك ايضا أزمة فى اقرار الميزانية الداخلية للمؤسسة الليبية للنفط كيف تعملون فى عدم وجود ميزانية ؟ بالشكل النظرى معك كل الحق، من يرى الوضع من الخارج لابد أن يستعجب كيف يعملو هؤلاء الناس وليس لديهم ميزانية ولا مخصصات مالية، فبسبب المشكلة والازمة السياسية لم يتم تحديد ميزانية حتى الان، لكن هناك بند مصاريف تسييرية لنحافظ على الحد الادنى من العمل، فحتى الان نتحصل فقط على بعض الاموال لتسيير الحد الادنى من العمل، لكن نتوقع أن يتم صرف ميزانية قريبة لنبدأ بعض الاعمال الاساسية على رأسها الصيانة. هل هناك حاليا شركات مصرية تعمل فى ليبيا بمجال النفط ؟ نعم هناك بعض الشركات لديها عقود سابقة مع الدولة الليبة مثل سابسكو، ودعنا نقدم لها التحية لعدم توقفها عن العمل حتى فى ظل السنوات السابقة، لذلك نأمل ويسعدنا التعامل مع شركات مصرية خلال الفترة القادمة لما لديها من امكانيات فنية واصرار على العمل . مع التناحر السياسى الشديد فى ليبيا تقريبا جميع المؤسسات انقسمت بين المنطقتين الشرقية والغربية وتعتبر المؤسسة الليبية للنفط هى الوحيدة التى لم تنقسم ادارتها ، لماذا وكيف تم هذا ؟ تم تكليفنا فى 2014 خلال حكومة عبدالله الثنى الأولى، وكان السبب الرئيسى فى المحافظة على المؤسسة واحدة وغير مقسمة، أننا كمجلس إدارة وليس شخصى فقط أننا ليس لدينا توجهات سياسية ونعمل بشكل تكنوقراطي مهنى فنى، وليس لدينا ولاءات حزبية وتستطيع أن ترى أننى أبن مدينة بنغازى والمكتب الرئيسى للمؤسسة فى العاصمة طرابلس. فنحن من البداية وقفنا على مسافة واحدة بين الجميع مما اعطانا حاضنة شعبية، نستطيع من خلالها التنقل بين كل المدن والمنشآت فى جميع ربوع ليبيا. بجانب أن المؤسسة الليبية للنفط تعتبر من أقدم واعرق المؤسسات الليبية ويعمل فيها 61الف ليبيى بجانب أنها بحكم عملها مع الشركات والمؤسسات الأجنبية جعلها غير قابله للتفكيك وعملت خلال عقود على نهج مؤسسى جعلها مترابطة ومختلفة عن كثير من المؤسسات اللتى خربت ادارياً. سؤال خارج النص.. ظهرت بداخل مكتبك بالعاصمة طرابلس وظهر خلفك صورة الملك إدريس السنوسى ، هل يعطى لنا انطباع لتوجهاتك السياسية ؟ لا أخفى أن الملك إدريس السنوسى رحمة الله عليه كان رمزا، هو من وحد ليبيا، وعمل على اعتماد ليبيا كدولة بالامم المتحدة، واتذكر عندما كنت طفل كانت البلاد فى بداية انطلاقاتها، ومع اكتشاف النفط فى عام 1961 فقام من هذا التاريخ حتى انتهاء الحكم الملكى فى 1969 بإنشاء جميع البنية التحتية الموجودة حاليا، فكان عندما يبنى مدرسة فى أى مدينة تجدها بنفس الشكل فى أقصى مدينة بالجنوب ،فذاكرتنا كشعب ليبى ذاكرة طيبة لهذا الرجل الفاضل. وكان للملك الصالح قول شهير جدا عندما قام الامريكان بإبلاغه بإكتشاف النفط فى ليبيا قال: كنت اتمنى أن تجدوا مياها فالمياه تصنع الحياة والرجال أما النفط فيصنع الأحلام.