أول إجراء من وزارة الرياضة بشأن أزمة «الدروس الخصوصية» في صالة حسن مصطفى    أسعار الجمبري والكابوريا اليوم الاثنين 10-6-2024 في محافظة قنا    أسعار اللحوم الضاني اليوم الاثنين 10-6-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    انخفاض معدل التضخم الشهري (-0.8%) لشهر مايو 2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    سها جندي: نعمل على تدشين المركز المصري الإيطالي للوظائف والهجرة    وزيرة الهجرة: نعمل على تدشين المركز المصري الإيطالي للوظائف    تصريح جديد ل حماس بشأن مبادرات وقف الحرب في غزة    بلينكن يزور مصر وإسرائيل وسط مساعي وقف إطلاق النار في غزة    ماكرون: على ثقة أن الفرنسيين "سيقومون بالخيار الصحيح" خلال الانتخابات المبكرة    واشنطن بوست: استقالة جانتس وآيزنكوت تقلب حكومة نتنياهو رأسا على عقب    سنتكوم: أجرينا عملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية إلى شمال غزة    حسام البدري يكشف تشكيل المنتخب الأمثل لمواجهة غينيا بيساو    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات روي فيتوريا    بشير التابعي: الأهلي في حاجة للتعاقد مع أحمد حجازي    شبانة: رمضان صبحي قدم دفوع طبية بشأن فساد العينة    تداول صور لأسئلة امتحان التربية الدينية عبر تطبيقات تليجرام وواتساب    «التضامن» تعلن اكتمال وصول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    انطلاق تشغيل قطارات العيد الإضافية.. اعرف المواعيد    «ابعت الأسئلة وخد الحل».. شاومينج يحرض طلاب الثانوية العامة على تصوير امتحان التربية الدينية    انطلاق امتحانات الثانوية العامة بشمال سيناء    توصيلة الموت.. حكايات من دفتر ضحايا لقمة العيش    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى إمبابة دون إصابات    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    لأصحاب «برج الثور».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من شهر يونيو 2024    البابا تواضروس الثاني يدشن الكنيسة الجديدة باسم القديس الأنبا إبرام بالفيوم    الثانوية العامة 2024| انتظام جميع لجان امتحانات المنيا    السعودية تطلق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية.. اعرف التفاصيل    السعودية تستضيف ألف حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة بأمر الملك سلمان    لميس الحديدي: رحلتي لم تكن سهلة بل مليئة بالتحديات خاصة في مجتمع ذكوري    مع فتح لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. دعاء التوتر قبل الامتحان    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس «اتصالات النواب» يزف بشرى سارة عن مكالمات التسويق العقاري.. وعمرو أديب عن مدرس الجيولوجيا: «حصل على مليون و200 ألف في ليلة المراجعة»    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    عضو الزمالك: لا أرغب في عودة إمام عاشور للأبيض.. وأتمنى انضمام لاعب الأهلي    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاهرام فى شلاتين وحلايب أرض الخير والسحر والجمال
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2016

◙ المنطقة تسعى إلى الوجود على الخريطة السياحية والاستثمارية العالمية

◙ رئيس جهاز التنمية الشاملة : مجتمعات عمرانية فى قلب الصحراء لتحقيق التنمية المستدامة للسكان

◙ مغامرة اختراق 170 كيلو فى عمق الجبال لرصد دعم الدولة للبدو

◙ رئيس المدينة: 280 كيلو على ساحل البحر الأحمر ومطار ومنطقتان صناعيتان وبنية أساسية جديدة

◙ توصيل 5 آلاف طن شهريا من المياه للمواطنين بالوديان والجبال والمناطق النائية


شلاتين وحلايب .. ليس مجرد اسم لمكان داخل جمهورية مصر العربية ، لكنها منطقة غالية على المصريين وتحتل مكانة خاصة فى قلب كل مصرى ، نظرا لطبيعتها الخلابة وأهلها الطيبين ذوى الطابع المصرى الأصيل، وطبيعتها الطبوغرافية الرائعة ، فتزينها مياه البحر الأحمر بلونها الأزرق البراق وجباله التى تمثل لوحة فنية من صنع الخالق جل وعلا ، كما أنها نقطة الالتقاء مع الشقيقة السودان ، والمنفذ التجارى الجنوبى مع قارة افريقيا.
ولأن هذه المنطقة غنية بالمقومات الطبيعية « البكر « بالمناظر الطبيعية الخلابة والمعادن النفيسة ، تسعى محافظة البحر الأحمر ، إلى وضعها على خريطة السياحة العالمية والاستثمار، للاستفادة من هذه المميزات التى قلما تتوفر فى منطقة أخرى ، لاسيما أن الدولة توليها اهتماما كبيرا حيث تقوم بتأهيلها بإنشاء البنى الأساسية والمقومات اللازمة للتيسير على الأهالى ورفع مستوى معيشتهم وجذب المستثمرين .
« الأهرام » قامت بزيارة المنطقة لمدة 4 أيام وتوغلت فى عمق الجبال ، فى مغامرة لمسافة تبلغ 180 كيلو ، لرصد جهود الدولة فى دعم البدو هناك ، حيث أنشأت مجتمعات تنموية زراعية للتخفيف عن كاهلهم ، من خلال توفير المياه والخبز وانشاء صوب لزراعة محاصيل تناسب تلك البيئة , ليس هذا فقط بل وعمل تنمية مستدامة بتعليمهم حرف يدوية جديدة، وذلك من خلال مشروع تمكين سبل العيش وخلق الأصول للمجتمعات الهشة بالبحر الأحمر، الذى ينفذه الجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة بوزارة الزراعة.
عادليب الشلاتيني
« عادليب نصر» .. شاب فى عقده الثالث يعتبر نموذجا يحتذى من شباب الشلاتين من قبيلة البشارية، متزوج ويعول والديه و3 أشقاء وله 4 أولاد أكبرهم عبد الله بالصف الأول الإعدادى، وعبد الرحمن الخامس الابتدائى وإسماء اولى ابتدائى, ويعمل ب « الفاو» منذ عام
يقول عادليب: اسمى الأصلى عادل, ولكن والدى أطلق على اسم عادليب, لأننا بحكم اقامتنا على الحدود مع السودان, نتكلم لغة خاصة بنا هى لغة «البجا» والتى تضم بعض الكلمات العربية .
وأضاف , والداى وجدى لا يتحدثون العربية , إلا أننى تعلمت اللهجة العربية لمجالستى مثقفين ومتعلمين فى سوق الشلاتين وأيضا من خلال الاحتكاك فى العمل فقد عملت بالسياحة لمدة 5 سنوات بمرسى علم «هاوس كيبينج»، وقرأت لإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ ، واكثر حاجة علمتنى العربية هى الروايات المصرية للجيب وسلسلة « رجل المستحيل « أدهم صبري
وتابع: نفسى أولادى يطلعوا مستورين, وأعمل اللى عليا لتعليمهم حتى يكملوا مشوارهم برغبتهم, ومشاكلنا نحلها بأنفسنا مع مشايخنا ، والبطالة سبب انتشار الجهل، مضيفا أن سبل المعيشة متوفرة فعندنا كهرباء مجانا ومياه ,وأيضا الثروة السمكية بالبحر الأحمر، والذهب والمعادن بالجبل، ونعتمد على مهن الصيد والرعي.
مقومات استثمارية وسياحية عالمية
اللواء وجيه المأمون، رئيس مدينة الشلاتين ، أكد أن منطقة حلايب وشلاتين تمثل نبضة أمل فى المرحلة القادمة ، فهى تتمتع بمميزات طبيعية غاية فى الروعة والجمال، وتصلح بالفعل لتكون موقعا متميزا على الخريطة السياحية والاستثمارية العالمية، مضيفا: نهدف إلى وضع المدينتين على الخريطة السياحية ، فقد تم توفير جميع مقومات جذب المستثمرين، من كهرباء من خلال محطات الطاقة الشمسية المنتشرة بالمدينة، وأيضا الاتصالات بوجود شركات المحمول الثلاث، وجار رصف طريق برنيس حلايب بطول 280 كيلو مترا لخدمة الاستثمار والسياحة.
وقال إنه جار تحويل مطار برنيس العسكرى ليكون عسكريا مدنيا، وكان مرصودا له مبلغ 450 مليون جنيه والمقرر الانتهاء منه نهاية العام القادم، وذلك لأن أقرب مطار إلى المدينة هو مطار مرسى علم لمسافة تصل إلى 270 كيلو،
ولفت إلى وجود محمية جبل علبة وتضم 459 تنوعا نباتيا، فضلا عن مناطق تصلح للسفارى، ومنطقة ابرق حيث توجد بوابة فرعونية بالجبل (عين بئر السنطة) ذات مياه طبيعية صالحة للشرب، بالإضافة إلى تنوع الجبال وشاطئ مسطح من مرسى حميرة لابو رماد لمسافة 200 كيلو للتنمية السياحية.
وأضاف المأمون، كما نستهدف خلال الفترة القادمة بناء 4 آلاف مسكن لتوطين جميع الأسر الذين لم يتم تسكينهم بوحدات التوطين، فضلا عن رصف جميع الطرق الداخلية لمسافة 105 كيلو مترات.
وأشار إلى الاستفادة من التبادل التجارى مع السودان، حيث نصدر له أجهزة كهربائية وبلاستيك والومنيوم ، ونستورد منه السمسم والكركديه والبهارات، ونريد بناء مصنع الحلاوة الطحينية بدلا من أن ننتظر الإنتاج القادم من القاهرة، وآخر للبلاستيك وآخر للألومنيوم وآخر للأجهزة الكهربائية.
وتابع أنه تم هذا العام تعيين 140 من ابناء المدينة أصحاب المؤهلات المختلفة بوظائف حكومية, وذلك بعد تعيين 135 منهم العام الماضي.
وأشار إلى أن ما تحقق على الأرض من تنفيذ خطة تنمية المدينة, تم بمجهودات اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر, فى انجاز تلك المشروعات , فمنذ توليت المهمة كنت قد تقدمت بطلبات اكثر من مرة من الوزارات السابقة لتنفيذ المشروعات التنموية, ولكن بمجرد توليه المهمة, تفقد المدينة بالكامل ووضع تصوره ورؤيته المستقبلية وضغط مع حكومة الببلاوى للحصول على 764 مليون جنيه وزادت إلى 1٫4 مليار حاليا.
ووجه المأمون الدعوة للمستثمرين للاستثمار فى المدينة، ومؤكدا أنه يوجد تخطيط لمنطقتين صناعيتين بالمدينة ، الأولى يمين مدخل المدينة على مساحة 54 فدانا والثانية من ناحية اليسار على مسافة 35 فدانا.
وأوضح أنه تم اعادة رفع كفاءة المستشفي المركزى وانشاء مبنى جديد بتكلفة 96 مليون جنيه يضم جميع التخصصات وستكون أحدث مستشفى على مستوى البحر الاحمر , وننتظر وصول المعدات والاجهزة , كما يوجد بروتوكول مع الصحة بوجود اطباء استشاريين من قصر العينى وجامعة اسيوط، بكافة التخصصات، ومضيفا افتتتحنا العام الماضى فصل تمريض به 40 طالبا وفصلا اخر هذا العام به 20 طالبا من أبناء القرى المختلفة، فضلا عن تخرج 4 طالبات بكلية طب 6 أكتوبر خلال 4 سنوات لتكن نواة بالمدينة، وبالتالى نكون قد وضعنا النواة الأولى للوجود الطبى المستمر بالمدينة، ورفع كفاءة الوحدات الصحية بقرى أبو رماد وحلايب ورأس حدربة وابرق والجاهلية.
وقال: بنينا العام الماضى 10 مدارس ، تستوعب 3 آلاف طالب للنزول بكثافة الفصل الى 40طالبا وببعض القرى إلى 20، موضحا أن المدينة تضم مليون فدان صالحة للزراعة ، وهى من اخصب الاراضى الموجودة بالمنطقة، مضيفا انها لا تحتاج الى مجهودات لزراعتها وانها تنبت على مياه الندي.
كما تم إنشا ء 10 مدارس منها مدارس ثانوى وثانوى تجارى واعدادى وابتدائى, ومضيفا طلبنا انشاء مدرستى زراعة وتعدين, وجار بناء معهد ازهرى للفتيات بشلاتين وحلايب ومعهد ابتدائى إعدادى برأس حدربة.
وأشار إلى أنه تمت اقامة محطة مياه قدرة 3 آلاف متر مكعب يوميا، وخزانين قدرتهما 10 آلاف طن و5 آلاف طن وتأهيل شبكة المياه الداخلية لمسافة 64 مترا، لافتا إلى مد خط مياه من حلايب إلى حدربة لمسافة 20 كيلو ، ومحطة تحلية فى ابو رماد 200 متر وخزان 5 آلاف طن، كما يتم نقل 5 آلاف طن شهريا من المياه للمواطنين بعدد من الوديان والجبال والعزب والمناطق المتطرفة
وأضاف أنه تم انشاء 1350 وحدة سكنية للتوطين، وهو ما يوازى، ما تم تنفيذه فى 30 سنة وزودنا مساحة الوحدة من100 متر 225، وجار انشاء 30 عمارة جديدة، كما سيتم انشاء 20 منزلا بدويا للأفراد المقيمين بالمنطقة للتدريب على الزراعة ، وحفر بئرين قدرة 25 م / ساعة متر للواحد, و3 وحدات لاستنبات الشعير، وتوزيع الفى رأس ماعز على الأسر الاكثر احتياجا بعضها عشر و30 مركب صيد لجمعية الصيادين وثلاجة.
وجار إنشاء ميناءى صيد بشلاتين وأبو رماد حتى شهر سبتمبر القادم، وأنشاء مجزر آلى ومصنع ثلج وتم بالفعل تدريب 35 شابا على ذلك العمل
قناة حلايب الفضائية
وأوضح المأمون , أنه تم انشاء مجمع شرطى فى حلايب ، وجارى عمل6 نقاط اطفاء لجميع القرى ، وأيضا تم انجاز أكثر من 70% من مبنى الإذاعة والتليفزيون الجديد، تمهيدا لبث قناة تليفزيونية من حلايب , ومن المقرر الانتهاء منه فى شهر ابريل المقبل مع احتفالات سيناء.
وأشار إلى أنه تم إنشاء 3 قصور ثقافة بكل من شلاتين وحلايب وابو رماد, كما تم بناء مركز تأهيل مدني، وجار عمل وحدات شئون اجتماعية بكل قرية, مؤكدا أنه تم انجاز 70% من مبنى مركز شباب شلاتين الرياضى وتم اقامة 4 ملاعب حديثة بكل من شلاتين وابو رماد ومرسى حميرة وحلايب.
180 كيلو فى عمق الجبال
وعلى الرغم من أن الرحلة كانت شاقة، إلا أن أحداثها التى تمثل عدة محطات كانت غاية فى الاثارة، سواء من ناحية المناطق الجميلة البكر ذات الطبيعة الخلابة أو الأشخاص الذين التقيناهم خلال الرحلة من أبناء البدو ، وأسلوب حياتهم الذى لا يتاح للكثيرين منا رؤيته أو معايشته، فكل معلوماتنا عنهم سماعية فقط , وأيضا الشباب المزارعون الذين تركوا حياتهم ليعملوا فى بيئة غاية فى الخطورة.
وقد استطعنا خلال الجولة التوغل داخل السلاسل الجبلية بالشلاتين لمسافة تتجاوز 170 كيلو لنصل إلى واديى الديف وأبو سعفة ,من خلال طرق مستوية واخرى دمرتها السيول ومنحدرات ومدقات وغيرها, وتعتبر المحطة الرئيسية، هى وصولنا إلى وادى الديف , وهو أبعد نقطة وصلت إليها يد الدولة لدعم البدوهناك بتوفير سبل المعيشة لهم, حيث يعتبر الأفضل فى نمو المحاصيل نظرا لجودة التربة به، وتبوح زراعته بمدى الجهد والعرق الذى يبذله الشباب المزارعون بتلك المنطقة القاحلة.
وقام المشروع بتوطين 12 أسرة بدوية بهذا الوادى وبناء 10 مساكن خشبية وعمل مجتمع كامل يقوم على بئر اعماق تم حفرها عام 1994 وتعمل بصورة جيدة وايضا استخدام الخلايا الشمسية.
ويتم زراعة 15 صوبة زراعية وأيضا بعض المساحات المفتوحة معها، بهدف تغيير النمط الحياتى للبدو وتوفير مصدر آمن للغذاء لهم ولحيواناتهم، بالاضافة إلى توفير مياه شرب صالحة للعيش والسكن والتوعية الصحية والثقافية والدينية التى يقدمها المشروع لهم .
وكان اللافت للنظر خلال الزيارة، هو مجموعة شباب المزارعين الذين التقيناهم بينهم اثنان من المهندسين الزراعيين، فهم يضربون المثل فى البحث عن عمل شريف، حتى ولو كان محفوفا بمخاطر أشد أنواع الثعابين والأفاعى والعقارب ضراوة لتوفير لقمة العيش، على الرغم من أن معظمهم من محافظات الصعيد وليسوا من مناطق تشبه حتى هذا الوادى، وجلست معهم وعقلى ممتلء بتساؤلات عدة أجابوا عنها فى السطور التالية، رغم انهم لم يعلموا أنهم من أهم اسباب قيامى بهذه الرحلة الصعبة، أننى أردت أن التقيهم لأعرف من هم .. وكيف يعيشون .. وماذا يفعلون؟
قالوا بنبرة تفاؤلية غريبة: نعمل بالديف منذ 13 و12 و عاما وكلنا متزوجون عدا واحد فقط, والعمل هنا صعب للغاية خاصة وسط «الطريشات» والثعابين والثعالب والعقارب، ولا يوجد اطباء لعلاجنا ، ولكننا لدينا دراية بالإسعافات الاولية فى التعامل مع الحالات السامة ، التى تعرض بعضنا لها من قبل حيث لدغت طريشة أحدنا ،ونظرا لصعوبة المكان وبعده عن العمران لمسافة كبيرة فإننا نستخدم «هاتف الثريا» الذى يعمل عبر الاقمار الصناعية، وذلك لعدم وجود اتصالات لهذه المسافات الكبيرة فى عمق الصحراء.
وأضافوا أن أعلى راتب يحصل عليه أقدم مهندس بيننا هو 2700 جنيه شاملا، كما أن معاناتنا لا تتوقف عند هذا الحد فقط، بل تشمل رحلة الذهاب والعودة, خاصة وأن بعضنا من الصعيد وبعضنا من القاهرة، حيث تتكلف الرحلة من وإلى الشلاتين 400 جنيها, وتستغرق 17 ساعة، وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات إلا أن أصعب مشكلة تواجهنا هى عدم قدرتنا على الاتصال بأسرنا وأهالينا لنطمئن عليهم.
كما أن درجة الحرارة فى شهور يونيو ويوليو وأغسطس تصل الى 65 درجة، وكنا نهرب من «صهد» الجو إلى كهف مجاور لنا، حتى بنى المشروع «برافانا» انقذنا من تلك المعاناة, وكل شهريأتينا طن مياه حلوة للشرب من خلال سيارة تحمل فنطاسا تأتينا كل 3 أيام، كما أن الطعام يتوقف على دخول وخروج السيارة، حيث نجمع مبلغا من كل منا وينزل أحدنا مع السيارة إلى السوق بالشلاتين لشراء احتياجاتنا، والفرد منا يصرف 300 جنيه طوال مدة العمل أى 18 يوما، ونأكل معلبات ونطبخ أحيانا، وكنا نشرب مياها شديدة الملوحة حتى 7 أشهر ونتحمل هذه المعاناة .
وأعرب الشباب عن خوفهم من ترك هذا العمل الشاق، قائلين: خايفين نقعد لأنه مفيش شغل، وجئنا هنا للعمل من أجل لقمة عيش شريفة، كما أن انتاجنا يتم منحه للعرب الموجودين بالمنطقة او بيعه.
جمعة وحسن وعجب.. فى أبو سعفة
وبعد أن قضينا أكثر من ساعة فى وادى الديف قمنا خلالها بتفقد الصوب الزراعية البالغ عددها 10 والتى يبشر انتاجها بالخير , واسترحنا لتناول كوبا من الشاى وفى طريق العودة لمسافة 20 كيلو مررنا على وادى أبو سعفة لمسافة تبعد عن الشلاتين لمسافة 150 كيلو، ويضم 40 أسرة ومسجدا وفصلا مجتمعيا ومركزا حرفيا وآخر ثقافيا وبئرا للمياه على الخلايا الشمسية, ويرتفع الموقع 300 متر عن مستوى سطح البحر وتم توطين 28 أسرة بدوية وبناء 28 مسكنا به وعمل مجتمع كامل، وبمجرد نزولنا من السيارة, استقبلنا جمعة ومحمود وعجب ومصطفى وحسن, وهم مجموعة من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم العقد الأول , تعلو وجوههم البراءة الممزوجة بالخوف والسؤال: من هذا الغريب الذى أتى وماذا يريد!.. ولكننى اقتربت منهم لفك الحصار الذهنى وسألتهم: إنتوا صحاب؟ نظروا إلى بعضهم وقالوا: أجارب وصحاب , فقلت لهم: بتلعبوا كورة قدم , قالوا: ما عندناش عشان الكورة بتاعتنا خربت.
ولما سألتهم بتروحوا المدرسة, قالوا كنا بنروح الفصل وبنجرا «أى نقرأ» وكنا بناكل حلاوة وعصير وبسكويت وحافظين سورة الفاتحة.
وتفقدنا المركز الحرفى لانتاج الخوص, وتعمل به سيدات تتراوح أعمارهن بين 40 و60 عاما يقومون بعمل نسيج يدوى ومشغولات خوص , ويديره حسين على حامد وهو موظف بمجلس المدينة، إلا أن اللافت للنظر أن بعضهم هناك يحملون بطاقات الرقم القومي.
وتقول السيدة سعيدة، وهى واحدة من أولئك السيدات وفى الأربعين من عمرها: نحن 10 سيدات ونعمل يوميا من الساعة 8 صباحا وحتى 12 ظهرا، ومضيفة ننجز «السلة الواحدة» فى 5 أيام, بينما يعمل أزواجنا بالزراعة.
أما مركز الثقافة، فيعمل فى الفترة المسائية من بعد المغرب وحتى وقت النوم، وبه تليفزيون وريسيفر ويتابع الأهالى والأطفال الفضائيات ومسلسلات الكارتون والأحداث المختلفة والأفلام, أى أنهم ليسوا بمعزل عن العالم.
كما تفقدنا الصوب الزراعية الموجودة هناك وعددها 15 صوبة تتم زراعتها باذنجان وطماطم وخيار وكانتالوب وغيرها.
حسن .. والعصيدة
حسن محمد .. شاب فى عقده الثانى ويعمل بالزراعة، متزوج حديثا وينتظر مولوده الأول.
يقول حسن: أعمل بالمشروع, وأذهب الى العمل من الثامنة صباحا وأعود خلال فترة الظهيرة لأستريح وأشرب «الجَبَنة» وهى قهوة ولكن يتم طهو حباتها, وخلال فترة العصر أقوم باطعام الماشية ونتناول طعام الغداء الذى قد يكون «عصيدة» وهى دقيق وماء ساخن يضاف إليها العسل أو الملوخية الجافة، و«الجبورى» وهو قرص من عجينة الدقيق والملح يتم دفنه بالرمال الساخنة لمدة 10 دقائق.
وقال إن المهر عندهم بالقبيلة، عبارة عن 5 نعجات ومثلها ماعز وجمل واحد، وملابس، موضحا أن الفرح عائلى ويكون عبارة عن طمبورة ورقص ، والعريس يرتدى «جلابية» أى لون, بينما ترتدى العروس الزى السودانى.
وأضاف، عند الولادة نعطى الداية 300 جنيه، وفى حالة الطوارئ نلجأ إلى المستشفى بالشلاتين، وأن أكثر الأسماء شهرة عندهم هى : حسن ومحمد وفاطمة وعائشة، مشيرا إلى أنه فى حالة المرض نتناول الأعشاب، مثل الحلفا بر والحرحل للمغص والبرد والزكام.
أما ثالث تلك الأودية فهو وادى (قرية) ابرق: وهو وادى داخل الصحراء يبعد عن المدينة 140كم, ويوجد به 30 اسرة بدوية, قام المشروع بناء على طلب من الوحدة المحلية بإنشاء صوبتين زراعيتين حجم 9*40م كاملتين بالتجهيزات لخدمة أهالى المنطقة.
حوضين .. مجتمع عمرانى جديد
فى اليوم الثالث، تحركنا بالسيارة جنوبا تجاه وادى حوضين لمسافة تجاوزت 45 دقيقة, وهو عبارة عن أرض منبسطة مسطحة معدة للزراعة بأقل مجهود، وجار تأهيله للعمل خلال عام, حيث ستتم اقامة محطة تحلية للمياه لتكون جاهزة للعمل فى غضون عام بعد توفير التمويل اللازم لتكون مجتمعا عمرانيا جديدا، يقوم على الخلايا الشمسية وتجربة المياه المعالجة مغناطيسيا لمساحة 100 فدان، واقامة مزرعة سمكية، ولكن المشكلة ملوحة المياه الموجودة بآباره , كما أن الصوب الموجودة به والبالغ عددها 10 سيكون انتاجها عاليا من البطاطس والفول والسودانى, بينما تصلح الأراضى المفتوحة به لزراعة محاصيل علفية للحيوانات .
ضربة البداية
الدكتور على حزين المشرف العام ورئيس مجلس إدارة الجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة يقول: إن المشروع يعمل من خلال اتفاقية (عقد تنفيذي) بين الحكومة المصرية ممثلا عنها وزير الزراعة وبين الامم المتحدة، ممثلا عنها برنامج الغذاء العالمى والمعتمد وفقا للقرار الجمهورى رقم 95 لسنة 2015، مضيفا أن المشروع يعمل فى جنوب المحافظة بمدن الشلاتين وأبو رماد وحلايب، وتحديدا فى 3 اودية صحرواية جبلية داخل نطاق مدينة شلاتين، هى الديف وابو سعفة وابرق.
وقال إن المشروع يقوم بزراعة 20 صوبة مقسمة بين واديى أبو سعفة والديف وهى عبارة عن 4 صوب خيار وواحدة طماطم وصوبتى فلفل رومى ومثلهما فلفل حريف وصوبة كوسة ومثلها باذنجان وصوبتى بطيخ ومثلهما كنتالوب وأخريين فاصوليا وصوبتى بصل.
وأضاف أنه يتم عمل دورات تدريب زراعية للمنتفعين بالأودية فى مقابل بدل انتقال يومى 12 جنيها، حيث يشارك 10 منتفعين فى التدريب والزراعة بأبو سعفة و8 منتفعين بوادى الديف، فضلا عن دورات تدريب حرفى للسيدات المعيلات من ابناء البدو من خلال مراكز حرفية, ونقوم بتوفير المواد الخام والاصول والمعدات والمستلزمات الخاصة بالتدريب كما يسدد للمتدربات بدل انتقال يومى قيمته 12جنيها أيضا، مؤكدا أن المشروع يقوم بعمل دورات تدريب حرفى المعيلات وتم التوسع فى التدريب ليشمل مدينتى أبورماد وحلايب، حيث تم عقد 3 دورات تدريب حرفى فى كل منها، حيث نفذ المشروع 15 دورة لتدريب 213 سيدة بالشلاتين وابو رماد وحلايب على اعمال الخيامية والتطريز والنسيج اليدوى والخوص والسعف والجلود والتدريب الزراعى ، ويقوم بتدريب هذا العدد مجموعة من المدربات والمدربين عددهم (13) بحافز شهرى بسيط بالاضافة الى مجموعة من الموظفين والرائدات الريفيات.
ولفت إلى أن المشروع قد شارك خلال العام المالى الحالى فى 3 معارض لتسويق منتجات التدريب المختلفة وهي: احتفالية اليوم العالمى للامم المتحدة بنادى الجزيرة لمدة يوم واحد (مبيعات 400 جنيه) وأيضا بمعرض الاسر المنتجة (ديارنا) 2015 (مبيعات 1683 ) , وايضا (ديارنا) 2016 (مبيعات 2000).
خطة مستقبلية
وعن الخطة المستقبلية للمشروع, قال حزين إنها تتضمن: اقامة 20 منزلا بوادى الديف لزيادة عدد الاسر المتوطنة به، و 20 منزلا بوادى حوضين، وانارة قريتى ابو سعفة والديف من خلال عمل محطة طاقة شمسية، وتركيب محطة تحلية على البئر الجديد بوادى الديف بطاقة انتاجية 25م3 بالساعة (ديزل او طاقة شمسية) واقامة هنجر لمجمع الصناعات الغذائية بوادى ابو سعفة لعمل وحدتى تصنيع مربى فراولة وصلصة طماطم ومصنع ثلج.
كما تتضمن أيضا، اقامة مزرعة سمكية انتاجية لأسماك المياه المالحة (الدنيس/القاروس) وزراعة 5 أفدنة زراعات مفتوحة بالخضراوات من خيار وطماطم وكانتلوب وغيرها, وزراعة 30 صوبة الموسم الشتوى القادم , وزراعة 25 فدانا بوادى الديف زراعات مفتوحة بمحاصيل النباتات الملحية مثل السالكورنيا والبطاطس الملحية , واعادة تشغيل وحدة تصنيع الأعلاف فى ابو سعفة, وتجربة زراعة نخيل الهجليج على مساحة 3 أفدنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.