بعيدا عن أنوار دبى اللامعة وأضواء شوارعها البراقة ومبانيها الشاهقة التى تخترق السحاب، يقع حى الشندغة التاريخى على امتداد شواطئ خور دبى حيث يرجع تاريخه إلى عام 1862، فيطل هذا الحى الساحر بإطلالاته الهادئة على جسر التواصل الثقافى لإمارة دبى فيربط عبق التاريخ بالحياة العصرية الحديثة. وكان حى الشندغة ذات يوم مقرا للشيوخ الذين أسسوه، وقد حظى باهتمام بالغ من قبل حكومة دبى بفضل منازله المحاطة بالشعاب المرجانية والمزودة بأبراج الرياح التقليدية والمعالم السياحية التاريخية المحاطة به. ويتم حاليا تجديد وترميم المنازل والمساجد والأسواق، ويعاد بناؤها كمركز ثقافى وتاريخى فى دبي. ومن أقدم المنازل فى هذا الحى، بيت الشيخ سعيد آل مكتوم الذى بناه والده عام 1896، وهو يعرض مجموعات مختلفة من الطوابع البريدية الرائعة والعملات والصور الفوتوغرافية النادرة التى تم التقاطها لدبى خلال فترات مختلفة من القرن العشرين. ويبلغ عدد مبانى الشندغة التاريخى 192 مبنى حيث من المتوقع أن تنضم لمواقع التراث العالمى التابعة لمنظمة اليونسكو مع اكتمال أعمال ترميمها عام 2018. وقد تم تجديد 66 مبنى حتى الآن حيث أعيد بناء بعضها بالكامل بهدف الحفاظ على التراث العمرانى من أبراج وقلاع ومنازل وأسواق قديمة ومنازل لإمارة دبي. ويبلغ إجمالى مساحة المنطقة التى تخضع للترميم نحو 3600 متر مربع حيث يتم بناء منازلها بنفس أسلوب البناء الذى كان مستخدما قبل 200 عام. ويذهب فى المساء السائحون العرب والأجانب المقيمون فى دولة الامارات الى المنطقة الساحلية والجلوس على المقاهى وتناول المأكولات الإماراتية التقليدية ومشاهدة المراكب التراثية والقوارب التى تتلألأ أنوارها على سطح الخور. وتزين الفوانيس الصغيرة التى كانت تستخدم فى الماضى قبل دخول الكهرباء دبى المنازل الصغيرة ذات الطابع التقليدى القديم، كذلك يوجد القوارب والسفن الخشبية التى كان يعتمد عليها صيادو الأسماك واللؤلؤ. ويضم حى الشندغة السوق الشعبية التى تعكس بيئة المجتمع القديم الذى عاش فى هذه المنطقة منذ أكثر من قرنين من الزمان. كما تم إنشاء قريتى " الغوص " و"التراث" فى الشندغة لتوسيع مساحة الخدمات الترفيهية والثقافية بمنطقة التراثية بما يحقق التنمية السياحية الشاملة لتلك المنطقة وذلك من خلال الإطار التقليدى للعمارة المحلية وتحقيق البعد التراثى بمناطق التنمية السياحية فى دبى خاصة ودولة الامارات. وقد اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى خطة إعادة إحياء وتطوير منطقة دبى التاريخية، التى تشمل بجانب حى الشندغة مناطق بر دبى والفهيدى ( البستكية سابقا) وديرة والتى تشكل جميعا أقدم جزء من المدينة وذلك بهدف نشر الوعى حول تاريخ الإمارة وتوثيق صلة الإماراتيين لاسيما الأجيال القادمة بتاريخهم وتعزيز ارتباطهم بميراثهم الثقافي. كما تهدف الخطة إلى إحياء التراث العريق للإمارة فى مجالات التجارة والصناعات اليدوية والغوص لاستخراج اللؤلؤ، من خلال تحويل المنطقة المشمولة فى المشروع إلى مركز رائد للثقافة والتراث. وستضم المنطقة مساحات مخصصة للمشاة تحكى العديد من القصص التاريخية التى يتعرف عليها المارة من خلال تطبيقات ذكية والنصب التذكارية. ويأتى هذا المشروع فى إطار الجهود الرامية إلى زيادة أعداد السائحين فى دبى، بحيث يسهم فى تعزيز مكانتها كوجهة ثقافية رائدة فى المنطقة، ما سيمكن هذه المنطقة من استقطاب 12 مليون زائر بحلول عام 2020.