علي الرغم من أن مشاعر الإعجاب بالتجربة الديمقراطية المصرية التي اتضحت في انتخابات الرئاسة الأخيرة, فإن هذا لم يمنع وسائل الإعلام العالمية من الانتقال سريعا إلي مرحلة محاولة تفسير النتائج التي آلت إليها الجولة الأولي من الانتخابات. وتحليل عواقبها وتداعياتها علي الأطراف المختلفة, مع اتفاق المعلقين والمحللين الغربيين علي مبدأ أن الشعب المصري الآن أصبح في ورطة, لأنه يجد نفسه مضطرا للاختيار في الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات بين الإسلام السياسي ممثلا في د. محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة ورجل النظام السابق ممثلا في الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق, وذلك علي عكس الكثير من التوقعات. وقد حاولت وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية والإسرائيلية الكبري في تعليقاتها أمس الوصول إلي إجابات علي أسئلة من نوع ماذا حدث في الجولة الأولي؟ وما الذي حدث للثورة؟ في ضوء هذه النتائج, وأخيرا ما الذي سيحدث في الجولة الثانية المقررة يومي16 و17 يونيو المقبل, مبدية اهتماما خاصا ببدء مباراة التحالفات والصفقات الانتخابية بين المرشحين الفائزين والخاسرين, استعدادا للجولة الفاصلة, التي يعتقد بأنها ستكون حامية الوطيس. اعتبرت صحيفة ديلي تليجراف البريطانية في تقرير لها أن الثورة المصرية لم تغير الدينامية السياسية القديمة في مصر, مشيرة إلي أن التاريخ المصري القديم أو المعاصر يكشف أن جميع حكام مصر سواء من المصريين أو الأجانب تقاسموا نفس العقلية الدكتاتورية. وأكدت أن جميع هؤلاء الحكام آمنوا أن واجبهم تحديث الثقافة المصرية والدين ليعكسوا ما يعتقدونه صحيحا حول الطريق القويم لشعبهم, واعتبرت أن صلاح الدين الأيوبي لم يسأل إذا ما كانوا يريدون التخلي عن معتقداتهم الشيعية, ولا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر استأذن لنشر أفكار القومية العربية. وأضافت أن مصر تعتقد في أسطورة الديكتاتور الصالح, وهي أسطورة قديمة قدم الأهرامات, موضحة أن مصر ولآلاف السنين حكمها حكام مستبدون حافظوا علي المؤسسات الدينية والعسكرية تحت السيطرة. واختتمت الصحيفة تقريرها بأن المصريين شعب متدين بطبعه, وأن اعتقاد الله أعلم يسيطر علي نفسية هذا الشعب, وأن الحاكم الذي يقف ضد الدين يكتب شهادة وفاته بنفسه. ومن جانبها, حذرت صحيفة الجارديان البريطانية مما وصفته بسيناريو كابوسي, والذي يعني أن جولة الإعادة ستكون سمتها الاستقطاب, ولربما العنف, بين محمد مرسي وأحمد شفيق. وأوضحت أن ثمة مخاوف من أن تكون مصر مقبلة علي أسابيع من التوتر, لا سيما وأن كل المؤشرات تقول إن جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد الشهر المقبل ستكون مواجهة حامية الوطيس بين مرسي مرشح الحرية والعدالة, وشفيق, آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. ومن جانبها, أبرزت صحيفة التايمز في إحدي افتتاحياتها والتي جاءت تحت عنوان ما بعد الربيع العربي: الانقسامات في المجتمع المصري تنعكس في التصويت في الانتخابات الرئاسية أن الانتخابات كانت سلمية ومنظمة, وهذا بحد ذاته إنجاز لبلاد عدد سكانها كثير وخارجة لتوها من كنف ديكتاتورية جثمت علي صدرها عقودا. وعلي الرغم من تركيز الصحيفة علي ترحيب الغرب بسير العملية الديمقراطية في مصر, إلا أنها تنبه في الوقت ذاته الي مغبة تجاهل حقوق الأقليات ومن تهميشهم بعد الانتخابات.وأشارت إلي أن كيفية معاملة مصر لتلك الأقليات بعد الانتخابات هي التي ستقرر استقرار البلاد ومصير ثروتها السياسية. وفي تقرير آخر, ذكرت التايمز أن مصر اجتازت أول اختبار ديمقراطي, وأن هذه الانتخابات كانت حرة كما أنها لم تسجل سوي عدد ضئيل من الانتهاكات. وأشارت الصحيفة إلي أن التحدي الذي ينتظر المصريين علي المدي البعيد سيتمثل في اختيار حكومات مقبلة عبر انتخابات حرة ونزيهة. وتحت عنوان مصر تواجه انقساما خلال جولة الإعادة بين إسلامي وعسكري سابق, ركزت صحيفة الفايننشال تايمز علي نظرة المعسكرين الإسلامي وما يوصف بفلول النظام السابق لبعضهما البعض, فتقتبس من بيان صادر عن جماعة الإخوان المسلمين تساؤلا عن النتيجة التي حققها شفيق, وإن انضوي علي قدر من الحيرة والريبة, إذ تقول: كيف لأربعة ملايين صوت أن تذهب لشخص كان ضد الثورة وضد الشعب المصري؟ ومن جهتها, ذكرت صحيفة الإندبندنت أن الانتخابات تدفع الإخوان المسلمين لتولي السلطة السياسية في مصر, مشيرة إلي أن الصراع علي مستقبل مصر ينحصر بين الإخوان المسلمين والطيار السابق القريب من نظام مبارك. وأشارت الصحيفة أن جولة الإعادة ستمكن الجماعة من تحقيق حلمها القديم والذي استمر علي مدي عقود وهو السيطرة السياسية الكاملة علي مصر.