"بطلة هوليوود" .. "سيدة الأعمال الخيرية" .. "الزوجة العاشقة" .. "أميرة الأناقة وأيقونة الموضة" .."محاربة المخدرات والبطالة" .. ألقاب عديدة نجحت فى انتزاعها عن جدارة إلا أن أهمها على الإطلاق كان لقب "سيدة الولاياتالمتحدة الأولي" إنها نانسى ريجان، أرملة الرئيس الأمريكى الراحل رونالد ريجان، التى رحلت عن عالمنا ، عن عمر يناهز ال 94 عاما، تاركة خلفها إرثا كبيرا من الأعمال الخيرية، التى كانت سببا فى تزايد شعبيتها طيلة الوقت وحب شعبها، وبوفاتها يسدل الستار على أعظم قصة حب فى تاريخ الرئاسة الأمريكية دامت على مدى 52 عاما. حياة صاخبة مليئة بالأحداث والإنجازات والأسرار .. تلك التى عاشتها نانسى ريجان، بداية من ولادتها عام 1921 فى مدينة نيويورك لأب تاجر سيارات وأم ممثلة، والتى زرعت لديها حب التمثيل، فدرست نانسى الفنون الدرامية وحصلت على البكالوريوس من كلية سميث بولاية ماساتشوستس عام 1934. وعقب تخرجها شغلت عدة وظائف منها، مندوبة مبيعات وممرضة مساعدة حتى جاءتها فرصة لتخطو بها أولى خطواتها فى عالم الفن والشهرة عام 1940 لتقوم بعدة أدوار مساعدة بالعديد من الأفلام السينمائية حتى عام 1949، ذلك العام الذى كان البداية الحقيقية لها لتصبح واحدة من أشهر بطلات هوليوود. وفى العام ذاته التقت برونالد ريجان، الذى كان يشغل منصب رئيس نقابة الممثلين آنذاك، والذى بالرغم من خروجه من تجربة زواج فاشلة إلا أنه شعر بالإرتياح تجاه نانسى و تزوجا عام 1952، وأنجبا طفلين، ولكن نانسى حرصت على أن تكون زوجة أب حنون وعطوف على أبناء رونالد من زيجته الأولى. وبعدما نجحت نانسى فى الوصول لقمة الشهرة والنجاح كممثلة حيث قامت ببطولة 11 فيلما سينمائيا وعدة مسلسلات تليفزيونية .. وبالرغم من تنبؤ العديد من النقاد والمخرجين أن يكون لها مستقبل باهر فى السينما إلا أنها صدمت الجميع باعتزالها المفاجئ لتفضيلها البقاء بجانب زوجها ومساعدته لتبوء أعلى المناصب. سيدة كاليفورنيا الأولى فى الخمسينيات حين قرر رونالد ريجان ترك مجال التمثيل والدخول إلى عالم السياسة دعمته نانسى بشكل كبير حتى نجح فى تولى منصب حاكم ولاية كاليفورنيا لفترتين متتاليتين منذ عام 1967 وحتى عام 1975. وفى عام 1967 عينت نانسى فى مجلس الفنون بالولاية، وفى العام ذاته منحتها صحيفة " لوس أنجلوس تايمز" لقب "سيدة العام" حيث وصفتها الصحيفة بالسيدة النشيطة المفعمة بالحيوية وصاحبة الأسلوب الجذاب. وفى عام 1975 قرر رونالد عدم الترشح لولاية ثالثة، وعزمه الترشح فى الانتخابات الرئاسية.. أنه الحلم الذى سعت نانسى كثيرا لتحقيقه فقد كانت جزءا أساسيا فى نجاح رونالد للوصول لذلك المنصب لما عرف عنها آنذاك من حبها للأعمال الخيرية، ومنها: القيام بزيارات للجنود القدامى ودور المسنين وذوى الإحتياجات الخاصة، كما كانت تنظم حفلات عشاء لتكريم أسرى الحرب والمحاربين الذين شاركوا فى حرب فيتنام. ومن ناحية أخرى كانت نانسى المسئولة عن حملة زوجها الانتخابية، بتنظيم المؤتمرات الصحفية واللقاءات مع المواطنين وإشرافها على جدوله اليومى حتى انتصرت نانسى فى النهاية لتنتزع لقب "سيدة الولاياتالمتحدة الأولي" عقب فوز زوجها فى الانتخابات الرئاسية عام 1981. نانسى فى البيت الأبيض كانت أولى خطوات نانسى فى البيت الأبيض خطوات شكلية، فقد كانت أولى قراراتها أعادة ترميم البيت الأبيض بتغيير كل شيئ به، بإعادة طلائه وإستبدال ديكوراته، وذلك لأنه، كما ذكرت، كان الإهمال قد شوهه، كما كانت تسعى للحفاظ على أناقتها حتى أن مجلات الأزياء كانت تلقبها دوما برمز الأناقة وأيقونة الموضة .. وبالرغم من الإنتقادات التى وجهت لها فى البداية لإنفاقها أموالا طائلة على تجديدات البيت الأبيض وأناقتها إلا أنها نجحت فيما بعد فى إثبات أن أهدافها أسمى من ذلك بكثير. فقد كان الشباب وتوفيرمتطلباته وحمايته من المخاطر التى تحيط به، هو محور اهتمامها. ففى عام 1982 أطلقت حملة للتوعية بمخاطر المخدرات بعنوان "فقط قل لا"، وذهبت على آثرها لعدد كبير من الولايات لتتفقد برامج الوقاية من تعاطى المخدرات ومراكز تأهيل المدمنين حتى وقع زوجها على مشروع قانون مكافحة المخدرات وخصص 1,7 مليار دولار لتمويل مكافحة المخدرات، كما أنه مع بداية ولاية ريجان كانت معدلات البطالة مرتفعة وزادت معدلات الإفلاس وإغلاق المزارع، إلا أن نانسي، ومع التحسن الاقتصادي، كانت تدفع بزوجها للاهتمام بتوفير فرص عمل للشباب حتى أنه تم توفير 20 مليون فرصة عمل لهم، وعند انتهاء فترة رئاسته تم توظيف نحو 118 مليون أمريكي، وهى أعلى نسبة فى تاريخ الولاياتالمتحدة. إنجازات وجوائز وبعدما استمر فى سدة الرئاسة لفترتين متتاليتين كانت نهايتهما عام 1989 .. لم تنته مهمة نانسى بل دخلت فى مرحلة عطاء جديدة، فقد أسست السيدة الأولى السابقة مؤسسة أطلقت عليها مؤسسة نانسى ريجان بهدف استكمال حملتها لتوعية الناس بمخاطر تعاطى المخدرات، وبعد أن أفصح الرئيس ريجان عن إصابته بمرض الزهايمر عام 1994، تكفلت برعايته وانخرطت بنشاط فى الجمعية الوطنية لمرض الزهايمر ومعهد رونالد ونانسى ريجان للبحوث التابع لها. وفى عام 1989، نشرت مذكراتها بعنوان "دورى : مذكرات نانسى ريجان"، والذى يعتبر سردا لحياتها فى البيت الأبيض، وعلاقتها بزوجها بعيدا عن كل الشائعات والأكاذيب، التى كانت تلاحقهما، وقد ذكرت خلاله أن عشقها لزوجها ربما دفعها لإرتكاب بعض الحماقات، فعقب تعرضه لمحاولة إغتيال، كانت كلما غادرها تشعر بالهلع فلجأت لأحد العرافين حتى يطمأنها على مستقبل زوجها. وقد حصدت العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها وسام الحرية الرئاسي، الذى منحها إياه الرئيس السابق جورج بوش، وهو أعلى وسام يمنح للمدنيين، كما حصلت هى وزوجها على وسام الكونجرس الذهبى فى عام 2002 ، وتسلمت نانسى الوسام نيابة عن زوجها، وبهذا يكون الرئيس ريجان هو الرئيس الثالث الذى يحصل على هذا الوسام. وفى عام 2004 توفى رونالد ريجان، فى مشهد وداع مؤثرلم تستطع نانسى تمالك دموعها فانفجرت باكية لتهوى على التابوت الذى يحتوى على جثمانه وتردد "أحبك .. أحبك".. ذلك اليوم الذى قال فيه الفنان الأمريكى الشهير شارلتون هيستون "أنها أعظم قصة حب شهدها البيت الأبيض".. وها هو انتهى آخر فصولها بوفاة نانسى ريجان.