سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المقربون من الدبلوماسى المخضرم: كان حريصا على القراءة ورؤية النيل.. ووضع نظاما صارما لمواعيد العمل.. دافع عن استقلالية مجلس حقوق الإنسان.. ونصح بالانفتاح على العالم والثقافات الأخرى
ظل الدكتور بطرس بطرس غالى محافظا على نظام حياته اليومية، واستقر على أسلوب ملائم له فى الحياة فى العمل والقراءة واللقاءات الاجتماعية والتواصل مع القادة الأفارقة والزعماء والسياسيين على مستوى العالم، ومتابعة أحدث المستجدات المصرية والدولية، والاطلاع على الثقافات والحضارات الأخري، حيث كان مغرما بالتنوع الفكرى والثقافي، ومنضبطا فى مواعيد الاستيقاظ من النوم، ومواعيد تناول الطعام ونوعياته. وكان آخر رئيس دولة يلتقيه غالى هو الرئيس الصينى شى جين بينج، وقام غالى بدور كبير فى إيصال الصورة الصحيحة عن مصر للعالم بعد ثورة 30 يونيو، وظل عاشقا للنيل الذى كان يسكن على ضفافه بالجيزة ويحرص على أن يتأمله كل صباح وهو جالس فى شرفة منزله المطلة على النيل وكان يصفه بأنه ملك الأنهار الذى أقيمت حول شواطئه أكبر حضارة انسانية عرفتها البشرية. ويروى الدكتور أحمد علوى المشرف السابق على المجلس القومى لحقوق الإنسان وأحد المقربين منه أن الدكتور بطرس غالى ظل طوال حياته إنسانا بمعنى الكلمة فى سلوكه وتصرفاته وتوجيهاته للمحيطين به، وظل انسانا بسيطا رقيقا ومهذبا فى تعاملاته مع كل المرتبطين به الذين أحبوه من كل قلوبهم، و تمتع بعلاقات طيبة بمعظم العاملين معه ونادرا ً ما تراه ينفعل، وتجده مصريا صميما حتى النخاع، ويفضل دوما أن يعيش حياة عادية فى مسكنه وفى علاقاته الاجتماعية رغم مكانته المرموقة على مستوى العالم. وذكر أن الدكتور غالى حافظ دوما على أن يجلس يوميا لساعات طويلة داخل مكتبته بالدور الثانى بمنزله يتصفح أحدث الكتب فى مكتبته ويطلب أحدث الكتب التى صدرت فى العالم بعدة لغات، التى أهدى جزءا كبيرا منها لمكتبة الإسكندرية والجامعة الأمريكية، وكان يقبل الدعوات واالمناسبات الاجتماعية ويحرص على حضورها حتى دعوات افتتاح المعارض الفنية لكبار الفنانين والندوات الفكرية والثقافية لأنه كان يرى أن الحياة متكاملة. وأضاف علوى أن الدكتور غالى كان يفضل كثيرا من الأكلات المصرية البسيطة ، كما كان يمارس رياضة المشى لفترة قصيره أمام منزله ، ويصحو مبكرا قبل الفجر لكى يبدأ يومه بالقراءة و الكتابة، حتى إنه كان يعد الكلمات التى يلقيها فى المؤتمرات بنفسه، ويحرص على النوم لفترة قصيرة فى الظهيرة ، لكى يستعيد جسمه النشاط وهى عادة مصرية أصيلة. وقال إن الدكتور غالى ظل حتى أنفاسة الأخيرة رجل دولة بمعنى الكلمة ودبلوماسيا راقيا فى تعاملاته الإنسانية وقادرا ً على استيعاب جميع المعطيات والاتجاهات قبل أن ينطق بكلمة واحدة ولديه قدرة فائقة على الاستماع لكل الأراء دون تعجل والإنصات لكل شخص مهما كانت منزلته ولديه طاقة كبيرة على الصبر. وأشار إلى أن أن الدكتور بطرس غالى ظل يفضل ان يقضى أجازته السنوية داخل مصر خاصة فى فترة الصيف فى منطقة سيدى عبد الرحمن بالساحل الشمالى بإحدى الفيلات التى كان يستأجرها لمدة شهر من كل عام على نفقته الخاصة. وأكد علوى أن سبب استمرار قوة مجلس حقوق الانسان فى مصر وحصوله على أعلى تصنيف على مستوى العالم وعضوية رابطة مجالس حقوق الانسان فى باريس يعود لمكانة الدكتور بطرس غالى واحترام العالم كله له لأن الدكتور غالى صاحب رؤية ثاقبة بالنسبة لقضية حقوق الانسان التى أقام لها مؤتمرا دوليا تحت رعاية الاممالمتحدة فى فيينا عام 1993 وأنشئ لأول مرة داخل الاممالمتحدة منصب المفوض السامى لحقوق الانسان والمجالس واللجان الوطنية لحقوق الانسان. ومن جانبه، أوضح الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون الدولى وعضو مجلس حقوق الإنسان السابق أن أهم نصائح غالى التى استمر يرددها على مسامع وعقل وفكر الأعضاء خلال جلسات المجلس شملت ضرورة الحفاظ على استقلالية مجلس حقوق الإنسان عن الجهاز الإدارى والتنفيذى بالدولة وكانت له عبارة شهيرة أنه لاتوجد حقوق إنسان دون ديمقراطية فى أى دولة بالعالم كما لاتوجد ديمقراطية دون حقوق إنسان ولا توجد حقوق انسان وديمقراطية دون تنمية. وأضاف أن النصيحة الثانية هى ضرورة الإنفتاح على العالم وعدم الإنغلاق على الداخل والتعلم من تجارب الدول والانفتاح على الثقافات الأخري. وقال الدكتور أحمد رفعت رئيس جامعة بنى سويف وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان سابقا ً أن غالى رغم تقدم سنه تشعر أنه كان شابا فى حيويته وتفكيره وكان يطلب دوما معرفة اهم الافكار السائدة بين الشباب ويحرص على توجيه طلاب الجامعات الذين كانوا يزورونه فى مكتبه ويرحب بهم بشدة، وأن غالى ظل يؤمن طوال حياته بالحلول السياسية للمشاكل وكان دائما يقول للاطراف المتحاربة عندما كان وسيطا ستجلسون فى نهاية المطاف للتفاوض. وأضاف أن غالى تفاعل بسرعة شديدة مع طموحات الثورة المصرية وأدى دورا ً مهما وعظيما فى دعم ثورتى الشعب المصرى في 25 يناير و 30 يونيو عندما قام بنفسه بجهود على المستوى الدولى لشرح حقيقة الأوضاع فى مصر خاصة بعد ثورة 30 يونيو، وقام بكتابة خطاب بنفسه إلى بان كى مون أمين عام الأممالمتحدة شرح فيه حقيقة الثورة الشعبية فى مصر فى وقت كان هناك انقسام شديد داخل الأممالمتحدة. وقال الدكتور مفيد شهاب أستاذ القانون بجامعة القاهرة ووزير الشئون القانونية السابق إن غالى كان له دور فى بدايات التجهيز لملف قضية طابا، وسيظل العالم يذكر للدكتور غالى أنه قدّم تقريرين حول إصلاح الأممالمتحدة كانا من أهم ما تم تقديمه فى تاريخ المنظمة. وذكر السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق أن الدكتور غالى كان أحد أبرز من ساهموا فى دعم علاقات مصر مع إفريقيا، بينما أوضح الدكتور محمد سامح عمرو سفير مصر باليونسكو أن الدكتور بطرس غالى ساهم فى إعادة صياغة العديد من المفاهيم التى غيرت مناهج العمل داخل منظومة الأممالمتحدة، كما ترك بصمة كبيرة على منظومة العمل باليونسكو.