شهدت البلاد فى الفترة الأخيرة صدور عدد من التشريعات أدت إلى تضييق مجال النشاط السياسى والجماهيرى وسيؤدى هذا إلى مواجهة الأحزاب المصرية للعديد من التحديات التى تحول دون قدرتها على الاتصال بالشعب وممارسة نشاط جماهيرى فعال كما أنه سيؤدى ونحن فى مرحلة انتقالية إلى خطر العودة مرة أخرى إلى نظام سلطوى وهو ما ثار عليه الشعب فى 52 يناير التى تتضمن شعاراتها الأساسية تعزيز عملية الإنتقال إلى الديمقراطية ومن المهم أن نعى جميعاً مسئوليتنا عن التصدى لهذه الظاهرة السلبية والنضال من أجل فتح الباب أمام العمل السياسى الديمقراطى يستوى فى تحمل هذه المسئولية الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الجماهيرية والمثقفين والمفكرين وقادة الرأى العام حيث تبرز أهمية أن تشكل هذه القوى جبهة ديمقراطية تعمل فى هذا الاتجاه وأن تسترشد فى عملها المشترك نحو تعزيز المجال السياسى الديمقراطى بمجموعة من الأفكار الأساسية يتم تضمينها فى وثيقة تتوحد هذه القوى حولها خاصة وأنه من شأن فتح المجال الديمقراطى حفظ مؤسسات الدولة المصرية وتعزيز حقوق المواطنة ودعم موقع مصر الإقليمى والدولى ومواجهة خطر العنف من ناحية وخطر تضييق مجال العمل السياسى والحريات من ناحية أخرى. ومن المهم فى هذا الصدد أن تلتزم القوى الديمقراطية بمجموعة من القيم والمحددات التى تشكل أساساً أخلاقياً للعمل والخطاب السياسى بالإمتناع عن ما يلى: التهديد والتحريض على العنف تجاه أى شخص أو مجموعة أشخاص. التحريض على الكراهية وعلى التكفير والاتهام بالخيانة أو العمالة. تغذية النعرات العنصرية أو الطائفية أو القبلية التى من شأنها أن تمس حقوق المواطنة. التشهير والتحقير, كما يتعين أن تتجنب هذه القوى التعرض لجوانب من الحياة الخاصة للآخرين أو إطلاق إنتقادات مبنية على إداعائات غير حقيقية أو توجيه العبارات الجارحة أو التلميحات المغرضة بشأن الخصوم أو أفراد أسرهم وهو ما نلاحظه هذه الأيام فى بعض وسائل الإعلام من شخصيات تنتسب إلى الإعلام زوراً وتسمم الحياة السياسية بمثل هذه السلوكيات الضارة بالوطن. وفى سبيل تفعيل العمل السياسى من المهم الإتفاق على عدة مبادئ أساسية يلتزم بها الكل مثل الحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية وإصلاحها والتمييز بين مؤسسات الدولة التى هى مستمرة وملك جميع المصريين وبين النظام السياسى الذى هو متغير بالطبيعة. ومن المهم أيضاً أن تتفق الأطراف المشاركة فى هذه العملية على ضرورة مكافحة الإرهاب مع ضمان الحريات والمحافظة على الأطر القانونية والدستورية. بما يتطلب رفض وإدانة جميع أشكال العنف والإرهاب والتحريض عليهما وأن تؤكد أن مكافحة الإرهاب هى فى المقام الأول مسئولية أجهزة الدولة وأن تشارك القوى السياسية والديمقراطية فى تعزيز مبادئ العمل السياسى السلمى لكسب القوى الحية فى المجتمع بعيداً عن الإرهاب. ومن المهم هنا أن تؤكد جميع الأطراف أن مكافحة الإرهاب لا ينبغى أن تستخدم كذريعة لتقييد المجال السياسى. وإنتهاك حقوق الإنسان بما فى ذلك حرية التعبير والحق فى الإحتجاج السلمى والحق فى المحاكمة العادلة . ورفض عزل أو إقصاء أى تيار سياسى أو فكرى من المجال العام ومن المشاركة فى التنافس الديمقراطى طالما كان ملتزما بإحترام الدستور والقانون والعمل السلمى والعلنى والفصل بين الدعوة الدينية والعمل الحزبى والإمتناع عن التمييز بين المواطنيين على أساس دينى أو حسب النوع الاجتماعى مع عدم التورط فى الفساد والإفساد الاقتصادى أو السياسى. ولما كانت هذه القوى السياسية والمجتمعية تهتم بالإنتخابات البرلمانية والمحلية بإعتبارها المدخل لتشكيل السلطة التشريعية (مجلس النواب) أو المجالس المحلية بإعتبار أن الانتخابات هى الإطار الملائم لتعزيز المنافسة السياسية بوسائل سلمية فإن هذا التوجه يتطلب إعطاء أولوية لعدد من الإجراءات تلتزم كل الأطراف بإحترامها أثناء الانتخابات. على رأسها ضمان عملية إنتخابية شفافة ونزيهة يلتزم الكل فيها بالحد الأقصى للإنفاق المقرر على الانتخابات ونبذ العنف أو ترهيب الناخبين وحث مؤسسات الدولة على اعتماد الضوابط المنصوص عليها فى قانون مباشرة الحقوق السياسية. ويكتسب أهمية كبرى فى هذه العملية ضرورة الاتفاق على أولويات الأجندة التشريعية بما يتوافق مع الدستور وسوف يتحقق نتيجة لذلك أكبر قدر ممكن من التوافق حول المصالح المشتركة للمصريين . والعمل على تفعيل الدستور بإصدار مجموعة القوانين المكملة له لكى يتحول الدستور من مبادئ وقيم عامة إلى آليات وإجراءات محددة يتم تطبيقها فى الواقع على أن تتضمن هذه الأجندة التشريعية تعديل القوانين القائمة بما يتوافق مع أحكام الدستور. خاصة أن الدستور منذ الموافقة الشعبية عليه مازال مجرد وثيقة لا تجد طريقها إلى التطبيق من خلال إصدار القوانين الكفيلة بذلك بل هناك خشية من أن تصدر قوانين تتعارض مع أحكام الدستور كما حدث فى قانون التظاهر المعروض أمره حالياً أمام المحكمة الدستورية العليا للبت فى مدى تعارض بعض مواده مع الدستور. وختاماً أود أن أؤكد أن هذه الدعوة لفتح المجال الديمقراطى هى موضع عمل مشترك بين بعض الشخصيات العامة التى تتصل الآن بالأحزاب والشخصيات العامة التى تدعم هذا الإتجاه. لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر