كثير من الكتابات التى تحدثت عن مشروع قناة السويس الجديدة خلطت بينها وبين مشروع تنمية إقليم قناة السويس ، بل وأشارت لعوائد القناة دون ان توضح للقارىء الفرق بين ما ستحققه القناة وحدها وما ستضيفه لمشروع اقليم القناة ودورهما التكاملى ، ولماذا ستكون هناك قناة ثالثة عند ميناء شرق بورسعيد. أيضا لماذا كان قرار الرئيس بازدواج القناة أولا كخطوة ضرورية ثم الاعلان عن مشروعات التنمية وما يواكب ذلك من بناء أنفاق وتطوير شبكة الطرق والموانىء التى لها دور اساسى فى المشروعات الجديدة . كل هذه التساؤلات يجيب عنها الخبراء فى التحقيق التالى .. يقول الدكتور محمد على ابراهيم «عميد معهد النقل الدولى ببورسعيد والتابع للاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى» قناة السويس القديمة تستوعب ما بين 10% الى 12% من التجارة العالمية المنقولة بحرا ، والمتوسط اليومى من السفن التى تعبر القناة حوالى 49 سفينة بعد تشغيل القناة الجديدة سوف يزيد العدد فى المتوسط الى 97 سفينة يوميا ، وتسمح بمرور أعماق أكبر وحمولات أكبر وغاطس اكبر وبالتالى سوف يرتفع العائد السنوى من حوالى 5 مليارات دولار الى حوالى 12 مليار دولار بالتالى يمكن ان تغطى تكلفة الحفر فى عام الميزة الاخرى للقناة الجديدة ان السفن قبل حفر هذه القناة كانت تنتظر من 8 ساعات الى 11 ساعة حتى تمر القافلة من الجنوب الى الشمال الآن سوف يقل وقت الانتظار وهذا يعنى تنشيطا للتجارة الدولية وازدهارا لمصر . الخطوة التالية هى الاعلان عن طرق مرتبطة بها واستزراع سمكى واقتصاديات مضافة واعادة تدوير أموال وانتعاش بعد سنوات من الركود ،وكان لايمكن تصور تنفيذ مشروعات تنمية محور قناة السويس بدون القناة الجديدة والدليل المواد الخام التى يحتاجها أى مشروع صناعى يتم استيرادها و منتجه النهائى الذى سيتم تصديره لابد من وجود القناة والموانىء التى يتم تطويرها بالتزامن . اذن القناة ستؤدى الى سيولة وتكامل مع مشروعات التنمية التى سيبدأ العمل فيها يوم 8 أغسطس ، وعندما أعلن الفريق مهاب مميش عن حفر قناة ثالثة عند شرق بورسعيد كان حلما كبيرا سوف يتحقق لانه سيسمح بمرور أكبر عدد من السفن وتؤدى لاحياء ميناءى شرق وغرب بورسعيد وترفع حمولة الحاويات من 1٫9 مليون حاوية الى 9 ملايين حاوية سنويا ، ومدلول هذا اننا سنكون مركزا عالميا وان موانينا ستكون لها أهمية دولية كبرى ، والمشروعات التى ستبدأ سوف توفر فرص عمل حوالى مليون ونصف المليون فرصة وعائدا من النقد الأجنبى وانعاشا للتجارة الدولية ، يواصل الدكتور محمد على كلامه قائلا : هذا النموذج قابل للتكرار طالما توافرت الارادة برغم كل الممارسات الارهابية التى تريد ان تعطل المسيرة لكن لن تتوقف التنمية ، والتوقيت الذى اختاره الرئيس واصراره على سرعة انجاز القناة الجديدة قطع الطريق على طموحات اسرائيل فى مشروع «أشدود» التى كانت تحاول به قطع الطريق على قناة السويس ، وكما قلت وجود مشروعات تنمية سيخلق طلبا اضافيا على القناة من خلال استيراد خامات وتصدير منتجات تم تصنيعها عبرها واذا وفقنا فى التسويق وبحساب افتراضى يمكن ان تستوعب القناة خلال السنوات القادمة ضعف ما تستوعبه الآن من التجارة العالمية اى ترتفع من 12 % الى 24 % أول متطلبات محور التنمية يوضح الدكتور خالد السقطى ( رئيس قسم ادارة لوجستيات النقل بكلية النقل الدولى واللوجستيات بالاكاديمية العربية ) أن فكرة حفر القناة الجديدة أولا كانت فكرة عبقرية من الرئيس وضرورة ، فقد كان مطلوبا انجازها أولا قبل مشروع محور التنمية ولكى أوضح اريد ان أوجز بعض النقاط اولا : 93 % من التجارة العالمية يتم نقلها بحرا من حيث الكمية و86 % من حيث القيمة وهذا يعنى ان النقل البحرى أهم شريان للنقل . وقناة السويس القديمة تنقل فى المتوسط حوالى 10 % من التجارة العالمية المنقولة بحرا فهل كانت هناك أهمية لازدواج القناة بحفر قناة جديدة ؟ الاجابة : نعم .. وتفسير ذلك ان التجارة المنقولة بحرا لها خصائص هى زيادة الطلب وهذا منطقى نظرا لزيادة السكان فى العالم . ثانيا : الطلب على النقل البحرى مشتق من الطلب على التجارة ، وثالثا : هناك أسطول بحرى عالمى مفيد ، ورابعا : أسعار النقل لا تقل وبالتالى هناك أرباح ، خامسا : ملاك السفن يسعون لبناء السفن العملاقة لتقليل تكلفة نقل الوحدة ويتضح هذا بالخصوص فى الحاويات . اذن احجام السفن تزيد حجما وعددا وهذه الخصائص أو الأبعاد التى تميز النقل البحرى تبرير منطقى لوجود قناة مزدوجة او جديدة . النقطة الأخرى ان زيادة عدد السفن مع القناة الجديدة وزيادة الدخل الذى ستحققه يمكن توضيحه بالارقام : أنواع السفن عديدة سوف أركز على نوعين : ناقلات بترول تمثل 29٫8 % من النقل البحرى وتلك لا تمر فى القناة ، وحاويات وبضائع عامة تمثل 70٫2 % وتلك هى النسبة الاكبر التى نركز عليها وتهمنا وهذه الارقام وفق احدث احصائية عالمية . بالنسبة لشرايين النقل البحرى سنجد شمال الكرة الأرضية الى جنوبها 17% تجارة الجنوب من الهند واسيا الى امريكا اللاتينية من خلال جنوب افريقيا تمثل 39٫8% . تجارة من شرق اسيا الى الاتحاد الأوروبى 13٫1 % وتمر بقناة السويس. ترجمة هذه الارقام لها مدلول فالذى يعنينا منها تجارة الشمال جنوب 17% وتجارة شرق اسيا الاتحاد الأوروبى 13٫1% كلاهما يمر بالقناة ويمثلان ثلث التجارة العالمية ، اذن لكى ننافس كان لابد ان نلعب على عامل السرعه رغم ان النقل البحرى من عيوبه البطء لكن ميزته الأهم حمولاته اكبر وتكلفته أقل ، وزيادة سرعة القناة بازدواجها للمرور فى الجانبين سوف يجذب نسبة أكبر من التجارة العالمية المنقولة بحرا لأنها ببساطة ستحقق وفرا فى الوقت وستكون أسرع قناة بحرية على وجه الكرة الأرضية . ولا ننسى ان توفير الوقت معناه وفرا فى المال وله مردود على المنقول من البضائع حيث سيقل سعرها ، اذن القناة لها دور مباشر فى تسعير البضائع المنقولة عبرها . ويضيف الدكتور خالد : هناك فوائد اخرى للقناة الجديدة سوف تضفى أهمية للموانىء المحيطة بها وستكون لها صبغة المحورية والاستراتيجية لهذه الموانىء ولابد ان تتماشى خطة تطويرها مع الرؤية الاستراتيجية للقناة الجديدة ومع مشروعات تنمية المحور وارجو ان تنتبه وزارة النقل لذلك . ومشروع محور القناة اللوجستى شمال غرب خليج السويس أطلق العام الماضى وبدأت هيئة القناة وقتها فى البحث عن بيت خبرة وأعلن عن تحالفات وفاز دار الهندسة وكانت هناك ستة اشهر فترة لوضع المخطط الاستراتيجى . وكانت هناك متطلبات لإنجاز مشروع محور تنمية اقليم قناة السويس أولها القناة الجديدة ، لايمكن عمل مشروعات على قناة حارة واحدة وتسير فيها القوافل فى اتجاه واحد . «مصر تتعافى» يرى الدكتور عبدالله رمضان «مدرس الاقتصاد الدولى بجامعة حلوان» انه يجب عدم الخلط بين القناة الجديدة ومشروعات المحور، وان نوضح للقارىء ان حفر القناة الجديدة كان شرطا ضروريا للمشروع التنموى الذى سيبنى عليها وفى هذا رد على المشككين . وحتى القناة القديمة كانت تتمتع بميزة حيث تستوعب مرور أكبر ناقلة حاويات فى العالم والقناة الجديدة ستعطى لمصر امتدادا لهذه الميزة مع الزمن حيث ستحتفظ القناة بوضعها التنافسى ، فقبل القناة الجديدة كانت القناة مهددة فى عائدتها بسبب طول فترة الانتظار وهناك طرق بديلة مثل قناة بنما ، لكن ميزة قناة السويس انها توفر ثلث المسافه مقارنة بالمرور من رأس الرجاء الصالح ، هذا بخلاف تكلفة النقل التى تصب فى مصلحة القناة ، وفكرة ازدواج القناة فكرة عبقرية وكنت أتمنى تحقيق ازدواج كامل للمجرى الملاحى لكن بعد الاعلان عن قناة جديدة عند شرق بورسعيد سيكون انجازا كبيرا وخطوة رائعة فى جذب الاستثمارات التى ستأتى لكى تستثمر وتكسب . أيضا لا نغفل التطوير فى البنية الأساسية الذى يتم الآن فى منظومة متكاملة فلدينا محور 30 يونيو وهو محور مهم مواز للقناة لكى ينقل مواد خام ومعدات شرق وغرب القناة بسهولة ومن المنتظر افتتاحه فى السادس من اكتوبر القادم .