سامنتا تدلي بأول حديث تلفزيوني, صور لسامنتا وهي تطهو, سامنتا حامل في الشهر الثالث....هذه عينة من فيضان أخبار سامنتا كاميرون. والتي تصدرت الصحف البريطانية خلال الاسبوعين الماضيين.صحيح أن ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين البريطاني حاول التمهيد لخروج زوجته من دائرة الظل- التي اختارتها- الي بؤرة الضوء- التي ربما تكون مضطرة اليها-واعداد الناخبين البريطانيين لاستقبال دورها المحوري في الانتخابات بقوله' اعتقد انكم سترون المزيد من سامنتا خلال الانتخابات..استعدي يا بريطانيا'! الا ان مبالغة وسائل الاعلام في الاهتمام بكل ما يخص' سام كام'( كما يدللها اصدقاؤها) فاق كل التوقعات. ورغم ذلك سيكون من الظلم ان نلقي كل اللوم علي عاتق وسائل الاعلام لأن استخدام' سلاح الزوجات' كوسيلة جديدة في التنافس بين حزبي العمال والمحافظين في الانتخابات العامة البريطانية التي ستجري في6 مايو القادم والمتوقع ان تكون الاكثر سخونة جاء بناء علي نصائح مستشاري الحزبين. وقد بدأ حزب العمال باستخدام هذا السلاح بقوة أكبر في الشهر الماضي عن طريق استضافة سارة براون زوجة رئيس الوزراء جوردون براون( و هو زعيم حزب العمال) في احد البرامج التلفزيونية والذي تكلمت فيه بصراحة وباستفاضة عن الكثير من الجوانب الشخصية وركزت علي' تسويق' البعد الانساني العاطفي لرئيس الوزراء صاعدة بالتعاطف الي ذروته بالبكاء عند الحديث عن مشاعرهما ازاء فقد ابنتهما جينيفر بعد عشرة ايام من ولادتها(وهو نفس ما فعله براون في حديث تال). وللرد علي هذه المناورة المؤثرة قرر كاميرون هو الاخر اطلاق' مشروع سام كام' كما تصفه بعض الصحف البريطانية والذي ينطوي علي مشاركة زوجته سامنتا بصورة اكبر واكثر فاعلية في الحملة الانتخابية ودفعها للظهور العلني والتي كانت تفضل تفاديه منذ انتخاب زوجها زعيما للمحافظين في2005 مكتفية بحياتها العملية الناجحة جدا كرئيسة لادارة التصميمات باحدي شركات الموضة الشهيرة في مجال الحقائب النسائية.وجاءت اشارة بدء المشروع بادلاء سامنتا بأول حديث تلفزيوني لها تحدثت فيه ايضا عن كيفية التقائها بزوجها واسلوبهما في ادارة حياتهما العائلية وعيوب' ديف'( كما تدلله) كزوج وفقدهما لابنهما المعاق(6 سنوات) في فبراير الماضي... ورغم تطابق نوعية وطرق تشغيل السلاح الا ان اهداف الاستخدام مختلفة.ففي حين يحتاج براون ان تقوم سارة بدور' الملطف' لصورته الجامدة و' المروج' لجانبه الانساني الاكثر تعاطفا يحتاج كاميرون اللطيف الجذاب معشوق وسائل الاعلام ان تقوم سامنتا بدور' الشريك الداعم' لاضفاء مزيد من المصداقية علي صورته كرجل الشعب.كما انه اعلن ان حزب المحافظين اختار سامنتا لتكون'بطلة العمل الاجتماعي: خلال الحملة الانتخابية. اللافت للنظر ان الافراط في تسليط الاضواء علي زوجات الزعماء السياسيين المرشحين في الانتخابات والمبالغة في التركيز علي التفاصيل الشخصية والجوانب الانسانية للزعماء ليس من التقاليد السياسية البريطانية ولكنها سمة امريكية وافدة.وقد تبلورت هذه السمة في عهد توني بلير رئيس الوزراء السابق وزوجته تشيري بلير الطموحة العاشقة للظهور والنفوذ والتي كثيرا ما سببت الحرج لزوجها بسبب تصريحاتها المثيرة للجدل. أما قبل تشيري فكان دور زوجات الزعماء السياسيين يقتصر علي المشاركة في الاعمال الخيرية ومرافقة ازواجهن في المناسبات العامة والابتسام امام عدسات الكاميرات تماما كما جاء وصف دنيس تاتشر زوج مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة' دائما حاضر ولكن غير موجود' بمعني ان دور زوجة المسئول( او في حالته زوج المسئولة) ان تكون دائما موجودة بجانب الشريك لتقديم الدعم والنصيحة الصادقة ولكن دون ان يشعر الاخرون بهذا الوجود عن طريق محاولتها اقحام نفسها في السياسة او التصريحات المحرجة او كما هو حاصل في الوقت الراهن عن طريق اغراق المواطنين بالكثير من التفاصيل الشخصية والعائلية. فماذا يضير الناخب اذا كان براون رومانسيا ام لا او انه غير منظم ويستيقظ في الفجر أو كيف عرض الزواج علي سارة, وما الذي يفرق مع الناخب اذا كان كاميرون يجيد الطبخ ام لا او انه لا يرفع يده عن تليفونه البلاك بيري او الدائم التنقل بين قنوات التلفزيون عبر الريموت كنترول.هي تفاصيل مثيرة للاهتمام علي سبيل الترفيه مثلها مثل المسلسلات ولكنها تؤدي الي التركيز علي الامور التافهة دون الالتفات الي القضايا المصيرية التي تؤثر حقا علي الناخب. ويشير جون كورنبس استاذ العلوم السياسية بجامعة سترسيلد إلي انه بالرغم من' موضة' التركيز علي زوجات الزعماء بوصفهن جزءا من المنظومة التي يتم الاقتراع عليها الا انه لا يوجد دليل ان لهن اي تأثير علي توجهات الناخبين. وتؤكد هذا الاعتقاد دراسة اخري اجراها انتوني كينج استاذ علم النفس البريطاني بعنوان' شخصيات الزعماء ونتائج الانتخابات الديمقراطية' نشرت صحيفة الاوبزرفر البريطانية مقتطفات منها.تشير الدراسة الي ان قليلا من الناخبين يتأثرون بالصفات الشخصية للمرشح وان ما يحدد اتجاه الناخب عادة هو: الولاء الحزبي ثم البرامج السياسية والاقتصادية للاحزاب ثم اداء الحزب اثناء توليه السلطة. و السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هل سينجح براون وكاميرون في تغيير التقاليد السياسية البريطانية بل ومزاج الناخب؟ أم ان الأيام ستثبت أن سلاح الزوجات سلاح بلا ذخيرة!