توقفت كثيرا عند الأعداد الضخمة في كشوف المرشحين لرئاسة الجمهورية الذين تجاوز عددهم المئات وقد يصلون إلي الآلاف مع إغلاق باب الترشح. .ان مجرد التفكير في المنصب ومسئولياته تصيب الإنسان بحالة من الدوار ان يصبح مسؤلا عن شعب تعداده85 مليون مواطن بكل مايحملون خلفهم من الأزمات والمشاكل وما تركه النظام السابق من المآسي والاعباء..من أين جاءت الشجاعة لهذا العدد الرهيب من المواطنين للسعي وراء هذه المسئولية وهل فكر هؤلاء في هذا القرار ام انها أشياء لم تتجاوز حدود رغبة طارئة دارت في اذهانهم فكان قرار الترشح.. في تقديري انها ظاهرة تستحق ان نتوقف عندها قليلا ونتساءل عن أسبابها.. هل هو الكبت والحرمان من ممارسة العمل السياسي سنوات طويلة بكل ألوانه إبتداء بالجامعات وانتهاء بالاحزاب التي حاصرتها اجهزة الامن وأفقدتها القدرة علي العمل والتواصل مع الشارع المصري.هل هي الأضواء وحب الظهور خاصة صخب الفضائيات التي اصبحت جزءا اصيلا من حياة المواطن المصري من خلال برامج التوك شو والصخب الإعلامي الرهيب. هل هي ثورة يناير التي جعلت السياسة جزء اساسيا من حياة المصريين في كل الأعمار وما تركته في البيوت واماكن العمل والشارع من قضايا وحوارات ومساجلات بحيث تحول المواطن المصري الي كائن سياسي حتي النخاع.. وقبل هذا كله هل هو إحساس بفشل مؤسسات الدولة خلال ثلاثين عاما في علاج قضايا المجتمع ومواجهة هموم المواطنين دفع الكثيرون إلي دوائر الإصلاح والمواجهة والرغبة في تغيير واقع كئيب. إذا كان هناك جانب سلبي تمثل في هذا العدد الضخم من الساعيين إلي كرسي الرياسة, فإن هناك جانبا إيجابيا في هذه الظاهرة ان المواطن المصري تحرر من عقدة الخوف وأصبح قادرا علي ان ينتقد كل شيء بل جاءته نوبة شجاعة ان ينافس علي منصب رئيس الدولة, بينما كان مجرد ذكر الإسم بالسلب أو الإيجاب مغامرة غير محسوبة العواقب. في مصر أشياء تتغير.. سقطت قلاع الخوف وجبروت السلطة الغاشمة وأساليب القمع والاستبداد, هناك الكثير من الفوضي.. ولكن هناك ايضا الكثير من الأحلام والرغبة في صنع مستقبل أفضل. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة