إذا أردنا أن نحقق الإصلاح الشامل بصورة حقيقية فإننا نحتاج إلى أجندة متكاملة واضحة لكل القضايا التى نواجهها وأساليب حلها متزامنة بعيدا عن المسكنات والقرارات المتسرعة التى لا نجنى منها سوى العودة إلى الوراء واستمرار معاناة الناس. ولن يتحقق الإصلاح فى مجال ما بعلاج أى من هذه المشكلات بصورة منفردة عند فصلها من سياقها وتفاعلاتها داخل المجتمع فعلى سبيل المثال كانت القضية الاقتصادية أولوية أولى لكل الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 1952 لكن لم تتمكن حكومة واحدة حتى الآن أن تحقق الرخاء الذى يحلم به المواطن منذ أكثر من نصف قرن وهذا يرجع إلى أن الأزمة الاقتصادية ليست اقتصادية المنشأ وإنما هى ترتبط بالأساس بالعديد من الأزمات التى تفاقمت بعد أن استمرت عشرات السنين دون إيجاد حلول لها منها السياسية والاجتماعية والمهنية والاخلاقية والإعلامية والامنية والقضائية والتربوية. يضاف إلى كل هذه الأزمات ضعف الإرادة والقدرة على الإنجاز وتوحش الروتين والذى يعتبر لب أزمة التنمية إلى جانب غياب منظومة متكاملة للعمل الجماعى سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى. فعلى المستوى الرسمى عندما تصدر الحكومة قراراتها فإنها لا تراعى الجانب الاجتماعى لهذه القرارات فحين تبحث الحكومة عن زيادة مواردها فإنها لا ترى سوى الغلابة فتفكر فى فرض ضريبة على الفول والطعمية الوجبة الأساسية لمحدودى الدخل فى حين تقرر فى الوقت نفسه إعفاء المستثمرين من الضرائب الرأسمالية على أرباح البورصة بدلا من أن تنحاز الحكومة للفقراء وتدفع الأغنياء للقيام بدورهم ومسئولياتهم تجاه المجتمع. أما أزمة الإعلام فتعود جذورها إلى جوانب مهنية وأخلاقية وهو ما أدى إلى غياب معايير الحيادية والموضوعية والنقل الأمين للأحداث وعدم احترام خصوصية المواطنين وقضاياهم الحياتية بل والتضحية بدوره الأساسى فى تشكيل الرأى العام من أجل أمور تافهة بدليل أن أحد الكليبات الهابطة شغلت حيزا كبيرا من ساعات البث الفضائى بحثا فقط عن الإثارة لجذب أعداد كبيرة من المشاهدين وبالتالى جلب مزيد من الإعلانات لزيادة أرباح صاحب القناة وبالتالى زيادة أجور المذيعين وطاقم الإعداد. [email protected] لمزيد من مقالات نبيل السجينى