هل تشغيل محطات الضبعة النووية يساعد في توفير الغاز لمصر؟ الوكيل يجيب    16 مجزرا.. تعرف على خريطة المجازر لذبح أضاحى العيد مجانا فى كفر الشيخ    كتائب القسام تعلن تفجير منزل مفخخ في قوة إسرائيلية    التجارة البحرية البريطانية: إجلاء طاقم سفينة تعرضت لحادث غربي الحديدة اليمنية    الأمير سعود بن مشعل يستقبل الرئيس السيسي في مطار الملك عبدالعزيز    اليسار الفرنسي يكشف عن خطة للتخلص من إصلاحات ماكرون وتحدي الاتحاد الأوروبي    الزمالك وسيراميكا، جماهير الزمالك تهاجم حسام عبد المجيد بعد خطئه (فيديو)    مودريتش يخالف رأي مبابي    الإفتاء تحذر من فيديو مزيف للمفتي يروج لتطبيق مشبوه    دعما لغزة، مطالب بإلغاء حفل المطربة الكندية بلونديش    الصحة الفلسطينية: 5 إصابات برصاص الاحتلال من مخيم الأمعري بينها 3 بحالة خطيرة    ما حكم توزيع الأموال بدلا من ذبح الأضحية؟ المفتي يوضح    تعرف على حكم صيام يوم عرفة لمن لم يصم الثمانية أيام قبله| فيديو    قد تسبب أمراض القلب، ما هي أضرار المشروبات الغازية على الجسم؟    شماسي وكراسي.. تجهيز شواطئ رأس سدر لاستقبال المصيفين فى العيد (صور)    الخيار الاستراتيجي لبيزنس "بن سلمان".. الحجاج بين الترحيل أو مطاردين من شرطة مكة    محافظ بورسعيد يتفقد إحدي الأماكن " بقرية النورس " السياحية بعد افتتاحها في وقت قياسي    «تاني تاني».. يقفز في شباك التذاكر السعودي ويقترب من 32 مليونا    إيلون ماسك: «تسلا» قد تصبح الأضخم في العالم من حيث القيمة السوقية    الجيش الروسى ينفذ 19 ضربة مشتركة على منشآت استراتيجية أوكرانية    الأزهر: يجب استخدام عوازل لمنع الاختلاط في صلاة العيد    الفيلم الوثائقي أيام الله الحج: بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    موعد صلاة عيد الأضحى في مصر 2024    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    قصف مستمر وانتشار للأمراض الخطيرة.. تطورات الأوضاع في قطاع غزة    رفع الحد الأقصى لبطاقات العلاج لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة المنيا (تفاصيل)    «عاش دور رمضان».. كوميديا أحمد عز وعمرو يوسف مع كريم قاسم بسبب «ولاد رزق 3» (فيديو)    وزارة العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني للمتدربين من شباب دمياط على مهن الحاسب الآلي والتفصيل والخياطة    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    أول صورة للضحية.. حبس المتهمة بقتل ابن زوجها في القناطر الخيرية    «صيام»: نطبق استراتيجية متكاملة لتعريف المواطنين بمشروع الضبعة النووي| فيديو    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    جوندوجان يطالب جماهير ألمانيا بهذا الشئ قبل اليورو    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة مصلحة الشهر العقاري    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    عيد الأضحى بكفر الشيخ.. استعدادات خاصة وعادات متوارثة وهدايا للبنات المتزوجات    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    قنوات MBC مصر تستعد للعيد بخريطة أفلام عربية وأجنبية وهندية ومسرحيات كوميدية    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    لاعب بيراميدز ينفى بكائه بعد التسجيل في مرمى سموحة    «التضامن»: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان «16023» خلال عيد الأضحى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    شبح المجاعة يضرب غزة    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنبدأ من ثلاثة
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 03 - 2015

كان أستاذى حسن سليمان مولعا بتكرار عبارة » نقطة ومن أول السطر«، وكان يعنى كما فهمت منه، أهمية أن نضع حدا ما، كى لا تواصل الجمل المنتهية تمددها،
وهذا لايعنى البداية من لاشىء، الناجحون يصرون غالبا على أنهم قد بدأوا من الصفر، كى يمنحوا سيرتهم طابعا بطوليا ، فهل لابد أن نبدأ دائما من الصفر كما عودتنا قصص العصاميين ؟ هناك من يملك رأيا آخر،« سأبدأ من ثلاثة »، فيلم الإيطالى الرائع ماسيمو ترويزى ، يرفض الفكرة جذريا . فبطله واقف على قدميه وهذا واحد مؤكد، ويرغب فى تغيير مصيره وهذا هو اثنان، ولذا فهو يبدأ فى الواقع من ثلاثة، الذين شاهدوا فيلم ساعى البريد، سيتذكرون وجه بطلنا بلا جدال، البوسطجى الذى قادته المصادفات لأن يحمل الخطابات الى الشاعر الكبير بابلوا نيرودا فى سنوات منفاه بجزيرة صغيرة قرب نابولى، فتحول الى صديق حميم له، وكان نيرودا يحدثه كثيرا عن المجاز، كما ساعده فى الوصول بالكلمات الى قلب الفتاة الجميلة التى فشل فى التعبير عن حبه لها، وعندما رحل الجنرالات رجع نيرودا الى وطنه تشيلى ،وقرر بعد أن حاز جائزة نوبل للأداب سنة 1971 العودة الى إيطاليا، وذهب الى القرية الصغيرة ليرى صديقه البوسطجى مجددا ، فعلم أنه قد مات ولكن بعد أن أصبح بدوره شاعرا، وعثرعلى مجازه الخاص للحياة.
هل نبدأ من الصفر مجددا، بعد كل ما جرى؟ لقد قطعنا فى 25 يناير نعاسنا الطويل ،واجهنا بشجاعة ودفعنا الثمن فى صدام شرس مع نظامين وهذا واحد صحيح ، ثم تولدت لدينا رغبة كبيرة فى أن نبنى واقعا جديدا، وقطعنا بصعوبة خطوات جادة ،وهذا هو اثنان بلا جدال ، ويبقى السؤال ما هى الخطوة التى يمكن أن نطلق عليها الآن بضمير مرتاح ثلاثة . الخطوة الثالثة،التى أعتقد أنها المحك الحقيقى لتجربتنا، هى بناء الثقة بين أجهزة الدولة والمجتمع، أى بناءعلاقة جديدة بين النظام والشعب،هذا الانصهارالايجابى لطاقتين فاعلتين، تحقق نسبيا فى السنوات الأولى للناصرية عندما التفت الجماهير حول التجربة ،وفى سنوات الإعداد للعبورالكبير، التى تضافرت فيها بكامل الإخلاص كل الطاقات المصرية، وهما مثالان نادران فى ذاكرتنا المصرية .
تتطلب هذه الخطوة من الشعب المصرى بعد أن أظهر تأييدا واضحا للدستور الجديد ولشخص السيسى الذى فوضه ثم انتخبه رئيسا ورقص فرحا بذلك، أن يقاوم ميله التاريخى للفوضى والحلول الفردية وللتواطؤ مع الفساد، وأن يخرج من ثقافة التحايل الدائم وان يستعيد تلك الروح الإيجابية، التى مكنته، من أن ينظم حركة الملايين ويؤمنها بشكل مدهش، ويكنس الشوارع ويدهن الكبارى ،وينظم المرور، ويجمع القمامة ، أيام التحرير، ولا ننسى أن من بيننا وفى نفس اللحظة، من انتهز الفرصة للتعدى على الأرض ولنهب الآثار، وللتهريب والسرقة وفرض الاتاوات ، أدرك أن عودة هذه الروح أصبح مطلبا صعبا ، بعد أن عادت المخاوف ،وانفرط الجمع ، ولكن ليس أمامنا إلا أن نقاوم الرجوع الى ما كرهناه فى انفسنا،وكأننا تناسينا مسئولية المواطنة التى كنا نهتف بحماس لنيل حقوقها كاملة.
ومن الجهة المقابلة، أعتقد أن الوقت قد حان لتتخلى أجهزة الدولة بالفعل لا القول وحده عن نظرتها القديمة للشعب، وهذا يعنى وقف عمليات الاستعلاء على البشر بالقوة، ووقف حملات شخصنة النظام، كما يعنى التخلص من الترهل والفساد والفشل المزمن الضارب فى كافة المؤسسات، بناء الثقة هو ما نحتاجه، كى نواجه معا مشاكلنا الكبرى، مهما كانت صادمة،بدلا من الالتفاف عليها بالكلمات. لا شعارات ولا حشد ولا تعبئة وانما بناء جسور لتفاعل حقيقى وهذا يعنى تغييرا جذريا فى ثقافة الدولة، وفى اللغة التى تستخدمها، نريد دولة لا تكذب ولا تسرف فى إطلاق الوعود، ولا تخفى الحقائق، ولا تسقط القرارات الجسام تباعا فوق رءوسنا، فمع كامل احترامنا للدولة بأركانها وحكوماتها ورجالها، فلابد لها أن تعى بأنها ليست الجهة الوحيدة التى تعرف مصلحة مصر وشعبها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمسائل مصيرية، فتجارب الوحدة مع سوريا ومع العراق ومع السودان وليبيا وحرب اليمن وحرب67، وكامب ديفيد،وبيع الغاز لإسرائيل،كلها قرارات اتخذتها الدولة وحدها تقريبا،او بتأييد من برلمانات هزلية من صنعها،أوبحشد مسيرات مبايعة وحملات تعبئة تساق بمعرفتها . الحكومات والانظمة قد ترحل وتلم أوراقها فى أى لحظة، لكن من يدفع مردود رهاناتها الخاطئة هو شعب باجياله الكاملة، والآن وهذا هو الغريب، يتم التعامل مع امور تخص عمق حياتنا بنفس الطريقة القديمة، ولا نعرف لماذا، فأختيارات بالغة الخطورة، مثل بناء مفاعلات نووية فوق أرضنا، لا يمكن تركها لحكومة ما لتقررها ولا حتى للبرلمان وحده، وانما يجب أن تصبح اختيارات مجتمعية، يتم حسمها عبر آلية معتمدة، وهى الاستفتاء، بعد إتاحة الفرصة بالعدل أمام الخبراء والعارفين موافقين ورافضين ، لتوصيل وجهة نظرهم بحرية كاملة الى الناس، وعندها فقط يصبح الإختيار مسئولية مشتركة، ونتحمل جميعا تبعات ما اخترناه .
بناء الثقة هوالخطوة الثالثة والفاصلة وإذا نجحنا فى قطعها، فلن نصبح بعدها رهينة لأحد لا من خارج حدودنا ولا من بيننا، أدرك مدى صعوبة المطلب ،لأنه يعنى تبديل قناعات وسلوكيات متوارثة لعقود طوال، يعنى تغيير ثقافة نظام وسلوك جماعة، وأجهزة الدولة هى الجهة التى نطالبها بالمبادرة، فممارساتها على المحك، ولابد من أن تظهر لنا بعض الكرامات ، ولو مقدمات واضحة للتغيير فى عقيدتها، نطالب الدولة بهذا من منطلق المسئولية وعمق الأثر ، فمصر بتاريخها وجسدها المثقل مازالت مع الاسف ، تتشكل وفقا للاختيارات وللممارسات والقيم التى تجسدها الأنظمة بنفس الخيال القديم .
لمزيد من مقالات عادل السيوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.