جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    صعود جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات الثلاثاء    الإسكان: منح تيسيرات في سداد المستحقات المالية المتأخرة على الوحدات والمحال وقطع الأراضي والفيلات    شكوك حول تولي توني بلير رئاسة مجلس السلام في غزة بعد اتفاق شرم الشيخ    جوتيريش يشيد بدور مصر فى إنجاح اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى غزة    إيران: الادعاءات الكاذبة حول البرنامج النووي لا تبرر هجمات أمريكا وإسرائيل ضدنا    مصرع عنصرين جنائيين شديدى الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    محافظ أسيوط يعلن عن ضبط محطة وقود جمعت أكثر من 85 طن سولار وبنزين دون وجه حق    رئيس جامعة أسيوط يتفقد الحالة الصحية للأطفال المصابين في حادث منقباد بمستشفى الإصابات    دار الإفتاء توضح حكم ولادة السيدات على يد طبيب رجل    صحة الدقهلية: نجاح قسطرة مخية دقيقة لإنقاذ مريضة تعاني من نزيف بالمخ داخل مستشفى ميت غمر    وزير الزراعة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز الاستثمار الزراعي    فأر يربك مباراة ويلز وبلجيكا بتصفيات كأس العالم 2026    مدير منتخب مصر يكشف سبب استبعاد أحمد الشناوي عن المعسكرات    اليوم.. ثنائي الجهاز الفني لتوروب يظهر في تدريبات الأهلي    سعر الحديد اليوم الثلاثاء 14-10-2025 فى الأسواق    وزيرة التخطيط: صمود اتفاق السلام يؤثر إيجابيا على مصر والمنطقة بعودة الملاحة لطبيعتها بقناة السويس    النقل: إضافة 70 كيلومتر أرصفة جديدة و10 ملايين حاوية ترانزيت في خطة تطوير الموانئ    الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وفرص أمطار ببعض المناطق    مصرع عامل وإصابة 18 آخرين جراء حادث انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي في البحيرة    سفير فلسطين بالقاهرة: دور مصر محورى فى وقف الحرب ومنع تهجير سكان غزة    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكشف عن لجنة تحكيم دورته الثانية    قصر ثقافة شرم الشيخ.. دشمة خرسانية تركها الاحتلال تتحول إلى مركز إشعاع ثقافي ومسرح للاحتفالات    محافظ الفيوم يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لبحث احتياجات المواطنين وتحسين الخدمات    ميلوني: اعتراف إيطاليا بدولة فلسطين مسألة وقت    إشادة دولية بالتجربة المصرية في الاعتماد الصحي خلال مؤتمر ISQua الدولي بالبرازيل    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    القانون يحدد اختصاصات المجلس القومي للصحة النفسية.. اعرفها    العد التنازلي بدأ.. المتحف المصري الكبير يستعد لإبهار زواره بكنوز الفرعون الذهبي    محمود عبد المغنى يشارك فى بطولة فيلم شمس الزناتى وينتظر عرض صقر وكناريا    "الوطنية للانتخابات" تعلن الخميس القائمة المبدئية لمرشحي مجلس النواب 2025 وتبدأ مرحلة الطعون    وزارة الصحة تغلق مركزا غير مرخص للتجميل بمدينة نصر.. التفاصيل صادمة    جامعة حلوان تشارك في المعرض السنوي للثقافات العسكرية    نائب رئيس جامعة القاهرة يلتقي وفداً من جامعة ولاية بنسلفانيا هاريسبرج الأمريكية    «الصحة» تنظم يومًا علميًا للتدريب على الأدلة الاسترشادية المصرية    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية توضح سبب تصريحات ترامب عن الاتفاقيات الإبراهيمية بقمة شرم الشيخ    وزير الصحة يبحث مع وزيرة الصحة الألمانية تعزيز التعاون المشترك    أسعار اللحوم اليوم اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    الكنيسة الأسقفية تؤيد اتفاق شرم الشيخ وتثمن جهود القيادة المصرية من أجل السلام    المكسب هو الحل.. ماذا يحتاج المنتخب السعودي والعراقي من أجل حسم التأهل إلى كأس العالم؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    الأمن يفحص فيديو لشاب يستعرض بدراجة نارية بطريقة خطرة في أحد الطرق العامة    رئيس جامعة جنوب الوادي يتابع المشروعات التطويرية بالمدن الجامعية    عاجل- ماكرون بعد لقائه الرئيس السيسي بقمة شرم الشيخ: "معًا من أجل السلام" (فيديو)    اليوم.. أول اجتماع للجنة تطوير الإعلام برئاسة خالد عبد العزيز    سعر سبيكة الذهب اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025.. بكام سبيكة ال5 جرام بعد القفزة الأخيرة؟    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    النادي المصري يُثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    توتر داخلي وعدم رضا.. حظ برج الدلو اليوم 14 أكتوبر    «كان بيعمل حاجات تثير غضب جمهور الزمالك».. مدرب منتخب مصر يكشف كواليس استبعاد إمام عاشور    خالد الغندور: مصر زعيمة الأمة العربية ولها دور فعال فى إنهاء الحرب بغزة    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وماذا بعد الحج؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 10 - 2014

الحجُّ مدرسة إيمانية عظيمة، يتعلم فيها المسلم الدروس النافعة، ويحصل فيها الفوائد الجمة، ويستخلص منها العبر النافعة فى شتى المجالات، وفى جميع أبواب العبادات،
وتتفاوت درجات التحصيل فيها بين العباد بين مقلٍّ ومكثرٍ، ولا ريب أن الحج من أفضل الطاعات والعبادات التى يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، فهى عبادة افترضها الله على عباده وجعلها ركنًا من أركان الإسلام، وحثَّ النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين على هذه الطاعة العظيمة، التى يغنمون بها الأجر العظيم والثواب الجزيل والمغفرة لكل ذنب، فهى شعيرة تهدم ما كان قبلها من ذنوب ومعاصٍ وآثام؛ فقد روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعمرو بن العاص رضى الله عنه عند إسلامه: «أمَا علِمتَ أنَّ الإسلام يهدم ما كان قبله، وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحج يهدم ما كان قبله».
وها هو قد انفضَّ موسم الحج وعاد المسلمون إلى بلادهم يسألون الله تعالى أن يتقبل حجهم، آملين أن يغسلهم من ذنوبهم ليرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، ذنوبهم مغفورة، وسعيهم مشكور، وعملهم صالح متقبل مبرور، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حجّ ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفَّارةٌ لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلاّ الجنة»، والواجب على المسلم أن يقتفى أثر النبى صلى الله عليه وسلم بالسير على منهاجه لتتحقق له المغفرة والمثوبة. وانطلاقًا من هذا كان لا بد من الوقوف على مجموعة من الدروس المستفادة من الحج لتصبح واقعًا عمليًّا يحكم تصرفاتنا وأفعالنا فى الحياة.

ولعل أول ما يستفاد به فى هذه الرحلة العظيمة هو غفران الذنوب وتحقيق التوبة لله تعالى، فالحاج يعود منها بأعظم غنيمة، وهى مغفرة الله تعالى لذنوبه كيوم ولدته أمه؛ ليبدأ بعدها حياة جديدة صالحة مليئة بالإيمان والتقوى والمحافظة على عبادة الله تعالى وطاعته، لكن حصول الأجر مشروط بالإخلاص والصدق والتوبة النصوح وموافقة السنة مع مجانبة ما يخل به من رفث وفسوق عقب العودة إلى الديار. وثانى هذه الدروس المستفادة من الحج أن الحاج قد أخلص عباداته كلها لله وحده لا شريك له ونبذ أى شريك لله، بقوله: «لبيك اللهم لبّيك، لبيك لا شريك لك لبّيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، وبما أن الله تعالى متفرد بالتوحيد لا شريك له، وأن العباد مطالبون بقصده وحده فى كل عبادة وكل طاعة يتقربون بها له، فيجب أن نفرد الله تعالى بالعبادة ولا نشرك معه أحدًا، وأن يكون توكلنا على الله فى كل أمرنا، ولا نصرف أى نوع من أنواع العبادة إلا له، ولا نتوكل إلا عليه. وإذا كان الحاجُّ فى حجه يلتزم طريقة الرسول -صلى الله عليه وسلم -وهديه وسنته دون إفراط ولا تفريط، ودون غلو أو جفاء ودون زيادة أو نقصان، فيجب ألا يقتصر الالتزام بهدى النبى فى الحج فحسب بل نلتزم هديه وسنته ومنهجه فى كل طاعة وعبادة وفعل فى حياتنا، فالواجب على كلِّ مسلم يرجو لنفسه الفوز والسعادة فى الدنيا والآخرة أن يُلزم نفسَه بهدى الرسول -صلى الله عليه وسلم، وأن يقيّد عملَه بسنَّته، وأن يحذرَ تمام الحذر من مفارقة هديه، ومخالفة سنّته ،لأنه القدوة لأمته كما قال تعالى: «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة»، وهذا يعنى أن كل ما خالف هدى النبى -صلى الله عليه وسلم -من أمور تدعو إلى التشدد والغلو وتنفر الناس من الدين فهو مردود عليه، وأن كل ما من شأنه التيسير وهداية الناس إلى الحق المبين فهو موافق للهدى النبوى ومقبول. كما يعلمنا الحج الاستسلام والامتثال لأمر الله تعالى، وهذا ما رأيناه فى التزام الحجيج بالشعائر من طواف وسعى ورمى للجمار استسلامًا لأمر الله فى مشهد لا نقاش ولا جدال فيه، ولعل ما كان من أمر السيدة هاجر وأبى الأنبياء سيدنا إبراهيم -عليه السلام -أعظم مثل لذلك، حينما تركها فى بطحاء مكة حيث لا زرع ولا ماء ولا إنس ولا شيء، فقالت له «آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا» ثم رجعت، وهذا درس لنا فى تقبل الأوامر الإلهية والأحكام الشرعية سواء أدركها العقل أم لم يدركها وكذلك حسن ظنٍّ بالله وتأدب مع الله وحسن يقين وتوكل على من بيده مقاليد الأمور، ولعلنا اليوم إذا أحسنا الظن بالله وتوكلنا عليه حق توكله لما وجدنا ما ينغص أو يضيق علينا حياتنا.

ولو أننا تعلمنا من الحج كيف يربى الحاج على الصبر والجهاد وتحمل المشاق لاختلف الأمر بالنسبة لنا، فهو يعلم الصبر بكل أشكاله ،صبر على مشقة الطاعة وعلى ترك المعصية وعلى قضاء الله تعالى، كما أنه يربيه على البذل والعطاء فى سبيل الله تعالى فيبذل الحاج من ماله لتأدية الفريضة التى لبى نداءها ملايين المسلمين من كل حدب وصوب لتتحقق أسمى معانى الأخوة والمحبة والتآلف بين المسلمين. فللحج دروس كثيرة لا يمكن حصرها ينبغى أن نتعلمها؛ إذ إنها ليست شعائر تؤدى فقط بل هى دروس تطبق على كل مناحى الحياة وواقع يُعاش، فالحج يعلمنا أن المسلم لا بد أن يتحمل تبعات أخطائه مهما تكن، ويتضح ذلك فى وجوب الفدية على من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام، كما أنه يذكر المسلم باليوم الآخر بأن خرج من بلده وفارق أهله فيما يشبه خروجه من الدنيا، وهذا يحثه على أن يجعل الآخرة نصب عينيه ويعمل لها قبل أن يفارق الدنيا، كما يربى الحج المسلم على النفرة من المعاصي، واجتناب الذنوب، والاجتهاد فى الطاعات، واستغلال الوقت: «وما تفعلوا من خير يعلمه الله»، ويعود المسلم على الدعاء ومناجاة الله تعالى الذى هو مخ العبادة «خير الدعاء دعاء عرفة»، ويعوده الاستقامة بعد أن غفر ذنوبه وبيض صحائفه. نسأل الله أن يرزقنا حسن التعلم من هذه الشعيرة العظيمة.
لمزيد من مقالات د شوقى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.