اختيار 3 نواب من تنسيقية شباب الأحزاب في هيئات مكاتب لجان مجلس الشيوخ    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    وزيرة التضامن تلتقي المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    المشاط: الشراكة مع الأمم المتحدة مظلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر    كاميرا إكسترا نيوز ترصد الاستعدادات لافتتاح المتحف المصري الكبير    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    ضبط 40 مخالفة لسيارات السرفيس لتقسيم خطوط السير وتحصيل أجرة زائدة بالجيزة    التعداد الاقتصادي السادس.. الإحصاء: 3.858 مليون منشأة تعمل في مصر بزيادة 3.1% خلال عام 2022-2023    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    لولا دا سيلفا يعرب عن تفاؤله إزاء التوصل لاتفاق تجاري أمريكي برازيلي بعد الاجتماع مع ترامب في ماليزيا    الهلال الأحمر المصري يرسل 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غزة ضمن قافلة زاد العزة    ترامب: على روسيا إنهاء الحرب في أوكرانيا فورا    ترامب يصل طوكيو في مستهل زيارته لليابان    كرة اليد، موعد مباراة مصر والمغرب في كأس العالم للناشئين    التشكيل المتوقع للأهلي السعودي أمام الباطن بكأس خادم الحرمين الشريفين    عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب العقوبات على لاعبي الزمالك في أزمة السوبر المصري    تودور: أخطاؤنا الفردية وغياب الفاعلية حرمتنا من الفوز على لاتسيو    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    حقيقة مفاوضات الأهلي لضم «دياباتي» نجم السويد    ضبط طفل يقود ميكروباص محمل بالركاب في بني سويف    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف حقيقه تعرض القاهرة الكبرى لأمطار خلال ساعات    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 3817 قضية سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    إصابة 3 أشخاص في انهيار عقار بكورنيش الإسكندرية.. والمحافظة: صادر له قرار هدم (صور)    طفل يقود ميكروباص في بني سويف ووزارة الداخلية تتحرك سريعًا    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    أحمد جمال بعد زفافه على فرح الموجي: "يوم كله فرح، وعرفت غلاوتي عندكم"    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    محمد سلام يستعين بأسماء النجمين محمد رمضان ورجب فى كارثة طبيعية    السياحة الأردنية: المتحف المصرى الكبير صرح حضارى يعزز السياحة ويجذب العالم لمصر    الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    وزير الثقافة يتفقد المركز الثقافي بالجيزة ويوجه بسرعة استكمال منظومة الحماية المدنية    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العامرية العام بالإسكندرية    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة بمستشفى العامرية بالإسكندرية لمتابعة جودة الخدمات    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ب5 مدن    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    «الرعاية الصحية»: 870 مليون جنيه تكلفة تطوير «دار صحة المرأة والطفل» لخدمة 600 ألف مواطن بالسويس    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين المرعوبين فى مدينة الفاشر السودانية    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلطة البخارى والمعضلة المستعصية
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 10 - 2014

كان آداء الرجل مخيباً للآمال على نحو كامل. أما الرجل فهو أستاذ الحديث الأزهرى الذى جاءوا به على شاشة التليفزيون ليرد شبهات ويزيل شكوكاً بدأت تتناثر حول أحاديث البخاري. ولكن الرجل لم يفلح - لسوء الحظ - فى رفع شكٍ أو رد شبهة، بقدر ما ترك للناس المزيد من دواعى الحيرة والاضطراب.
وقد ارتبط ذلك بحقيقة أن الرجل لا يتقبَّل فكرة أن يكون حديث البخارى موضوعاً لشكٍ أو شبهة، ولهذا فإنه لم يكن ليشغل نفسه بما لا يتقبَّله أصلاً، بل كان شاغله الرئيس هو تثبيت سلطة البخاري؛ على النحو ينأى بها عن إمكان المنازعة أو التحدي. وضمن سياق هذا الانشغال فإنه اختار أن يكون القرآن هو آداته فى تثبيت تلك السلطة؛ وبمعنى أنه راح يؤسس سلطة صحيح البخارى على إقامة ضربٍ من التماثل الكامل بينه وبين القرآن؛ وبحيث ينبغى الإقرار للصحيح بما جرى الإقرار به للقرآن، كما يلزم أن يُدفع عنه ما يُدفع عن القرآن سواءاً بسواء. وهكذا فإنه قد جعل الشبهة المثارة حول صحيح البخاري، هى مما يُثار حول القرآن بدوره؛ وبما يؤول إلى أن دفعها عن القرآن لابد أن يؤدى إلى دفعها عن الجامع الصحيح أيضاً.
وترتيباً على تلك القاعدة، فإنه إذا كانت الشبهة المُثارة حول صحيح البخارى تتمثل فيما يُقال من تناقض بعض أحاديثه، فإن الرجل يدفعها بالقول بأن القرآن ينطوى بدوره على بعض الآيات التى تتناقض الواحدة منها مع الأخري. ويرتب على ذلك طبعاً أنه إذا كان التناقض بين بعض آيات القرآن لا يمنع المسلم من الإيمان به مطلقاً، فإنه يلزم - ابتداء من تماثله الكامل مع البخارى - أن يكون للمسلم نفس الموقف من «الجامع الصحيح»؛ وبمعنى ألا يمنعه التناقض بين بعض أحاديثه من الإيمان به مطلقاً.
وبصرف النظر عن أن الرجل يرفع البخاري، هكذا، إلى مقام من يتساوى كتابه «الجامع» مع كتاب الله؛ وبما يخايل به ذلك من التعالى بالبشرى إلى مقام الإلهي، فإن للمرء أن يتساءل عما إذا كان ممكناً التعامل مع التناقض بين بعض الأحاديث بنفس الآلية التى تعامل بها الأصوليون مع التناقض بين بعض آيات القرآن؛ والتى هى آلية الناسخ والمنسوخ. فقد بدا للأصوليين أنه لا سبيل لرفع التناقض البادى بين بعض آيات القرآن إلا من خلال افتراض أن واحدة من تلك الآيات تكون قد نزلت لاحقةً على أخرى سابقةٍ لها؛ وعلى النحو الذى تكون فيه تلك الآية اللاحقة رافعةً أو ناسخةً لحكم الآية السابقة، ومقررة حكماً مناقضاً له. وبالرغم من الإقرار بوقوع الناسخ والمنسوخ فى الحديث بدوره، فإن ابن خلدون قد أورد عن ابن شهاب الزهرى قوله: «لقد أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من منسوخه، وكان للشافعى رضى الله عنه فيه قدم راسخة».
وقبل بيان السبب فى العجز الذى يشير إليه الزهري، فإنه يلزم التنويه بالطابع الإشكالى لمسألة الناسخ والمنسوخ حتى بخصوص القرآن نفسه؛ والذى ينشأ من عدم تفعيل القواعد التى أقرها الأصوليون بأنفسهم فى هذا الباب. فإذ يقرون - بحسب ما أورد السيوطي- بوجوب أن يكون «المرجع فى النسخ هو النقل الصريح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أو عن صحابى يقول: آية كذا نسخت آية كذا...، وأنه لا يُعتَمد فيه قول عوام المفسرين، بل ولا اجتهاد المجتهدين من غير نقلٍ صحيح، ولا معارضة بيِّنة، لأن النسخ يتضمن رفع حكمٍ وإثبات حكمٍ تقرر فى عهده (صلى الله عليه وسلم)، والمُعتمد فيه النقل والتاريخ دون الرأى والاجتهاد»، فإن منهم «من تساهل واكتفى فيه بقول مفسر أو مجتهد». وليس من شكٍ فى أن هذا التساهل الذى جعل البعض يكتفى فى النسخ بقول المفسر أو المجتهد؛ وبما يعنيه ذلك من أن رفع حكمٍ وإثبات حكمٍ آخر مناقضٍ له يكون من عملهما(أى المفسر والمجتهد)، إنما ينشأ عن عدم وجود النقل الصحيح الذى تتعذر معارضته.
وإذ الأمر هكذا بخصوص الناسخ والمنسوخ فى القرآن، فإن الطابع الإشكالى يتزايد فى حال ناسخ الحديث ومنسوخه. فإذ يلزم أن يكون النقل الصحيح عن النبى أو الصحابى هو المرجع فى معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه، فإنه لا وجود أبداً لمثل هذا النقل الذى يقرر أن حديث كذا قد نسخ حديث كذا سواء عن النبى أو الصحابي. بل ثمة الأحاديث المتعارضة منقولة من طريق الصحابة من دون أن يقرر أحدهم أن الحديث الذى ينقله ناسخٌ لحديث الآخر. إذ لا حجة منقولة - والحال كذلك - فى تقرير أن حديثاً بعينه يكون ناسخاً لحديثٍ آخر، فإن ذلك قد جعل للفقيه القدم الراسخة فى تعيين ناسخ الحديث ومنسوخه؛ بحسب نوع الحكم المُراد تثبيته. وبالطبع فإن ذلك يجعله خاضعاً لسلطة الفقيه.
وعلى فرض إمكان التساهل وإرجاع تعيين ناسخ الحديث ومنسوخه إلى رأى الفقيه، فإن إشكال الأحاديث المتناقضة يظل قائماً. فإنه إذا كانت القاعدة تقول - حسب السيوطي - أنه «لا يقع النسخ إلا فى الأمر والنهي، أما الخبر الذى ليس بمعنى الطلب، فلا يدخله النسخ، ومنه الوعد والوعيد، وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أدخل فى كتب النسخ كثيراً من آيات الأخبار والوعد والوعيد»، فإن ذلك يعنى وقوع النسخ فى أحاديث الأمر والنهى فقط. وأما أحاديث الإخبار فإنها لا يدخلها النسخ أبداً. وحين يدرك المرء أن معظم ما يُشار من الأحاديث المتناقضة هو من أحاديث الإخبار، فإن ذلك يعنى أنها ليست موضوعاً للنسخ؛ وبما يؤشر عليه ذلك من أن التناقض بينها سيظل قائماً، وبحيث لا يكون من سبيل إلا للجمع التجاورى بينها، والذى هو آلية أشعرية تتيح الجمع بين المتناقضات.
لمزيد من مقالات د.على مبروك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.