يصعب الحديث عن تاريخ نشأة المملكة العربية السعودية فى سطور وهو ما أرخه المؤرخون فى مئات الكتب، وذلك لصعوبة رصد كل الاحداث والجوانب و الاشخاص التى جعلها الله سببا فى وجود هذا البلد العظيم، بلد الحرمين الشريفين المكى والنبوي، قبلة وحلم كل مسلم، يرغب فى إتمام أركان الإسلام الخمسة بحج البيت الحرام. ففى الخامس عشر من شهر يناير عام (1902م) تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود يرحمه الله من توحيد المملكة وبدء صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودى ليبدأ بهذا الحدث التاريخى نقطة تحول كبيرة فى تاريخ المنطقة ،حيث تمكن من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية ، وتحقيق إنجازات حضارية واسعة فى مختلف المجالات. . وفى 23 سبتمبر 1932م أصدرالملك عبد العزيز آل سعود قرارا بانشاء المملكة العربية السعودية وتم تحديد هذا اليوم من كل عام ليصبح اليوم الوطنى للمملكة والذى يصادف اليوم الذكرى الرابعة والثمانين على تاسيسها. وفى عهد الملك عبد العزيز شهدت المملكة العديد من الانجازات ،حيث انضمت إلى كثير من المنظمات والاتفاقيات الدولية، و كانت من أوائل الدول التى وقّعت على ميثاق هيئة الأممالمتحدة عام (1945م) كما ساهمت فى تأسيس جامعة الدول العربية فى عام (1945م )، كما تم اكتشاف البترول فى المملكة فى عام 1938م وهو ما أحدث نقلة كبيرة للاقتصاد السعودى وجعلها محل أهتمام الدول الكبرى مثل بريطانياوالولاياتالمتحدة وسعت كلتاهما لتوقيع اتفاقيات مع المملكة للاستفادة من النفط السعودى. . أنشأ الملك عبد العزيز آل سعود ايضا وزارت فى كافة المجالات كوزارة الخارجية و الدفاع ، كما أنشأ مجلس الشورى ، كما تم إنشاء الاذاعة السعودية فى عهده، كذلك تم تأسيس الخطوط الجوية السعودية والسكك الحديدية التى ربطت لأول مرة الرياض بالدمام. بعد ذلك قام الملك عبد العزيز بتسليم ولاية العهد ولأول مرة للأمير سعود بن عبد العزيز. حرص الملك سعود منذ توليه الحكم عام 1953 وحتى عام 1964على توثيق التعاون مع الدول المجاورة للمملكة، وأولى اهتماما خاصا للقضايا العربية والإسلامية حتى تنازل عن الحكم لأخيه الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1964م. شهدت المملكة فى عهد الملك فيصل كثيراً من التطورات فى مجالات متعددة ،وأصبحت تترأس الاجتماعات الدولية ،والقمم العربية والاسلامية . وعرف الملك فيصل بمواقفه العربية الاصيلة ودفاعه عن القضية الفلسطينية وعدم الاعتراف بأسرائيل، هذا بالإضافة الى موقفه المشرف مع مصر خلال حرب أكتوبر عام 1973عندما قرر مع عدة دول عربية أخرى قطع البترول عن الولاياتالمتحدة ودول الغرب التى كانت تساعد اسرائيل. وبعد اغتيال الملك فيصل يرحمه الله بويع الملك خالد بن عبد العزيزآل سعود ملكا للبلاد عام (1975م وحتى عام 1982) ، ليواصل مسيرة التطور والبناء فى المملكة العربية السعودية، حيث شهدت البلاد فى عهده تطورا بارزا فى مختلف مجالات التنمية، كما تم فى عصره أنشاء العديد من الجامعات و أهتم بتعليم نساء المملكة فأنشأ لهن جامعات وساعد فى إنهاء مشكلة الحرب الاهلية فى لبنان عام 1981. ثم تولى الملك فهد بن عبد العزيز (خادم الحرمين الشريفين) الحكم منذ عام 1982 وواصلت المملكة تطورها وتقدمها فى المجالات الصناعية نتيجة لسياسته ورعايته لخطط التنمية الشاملة، وإنشاء البنية الصناعية فى المملكة. وفى عهده حدثت توسعة تاريخية للحرمين الشريفين، كما اتسمت السياسة الخارجية السعودية ، بصياغة الحلول المناسبة لأهم القضايا العربية والإسلامية. شهدت فترة حكمه توترات فى المنطقة العربية حيث قامت العراق باحتلال الكويت وهددت العراق بغزو الاراضى السعودية كذلك الغزو الامريكى لافغانستان والعراق ، واتسمت السياسة السعودية خلال كل تلك الازمات بالتوازن والتعقل الشديدين. وبويع الملك عبد الله بن عبد العزيز ملكاً للملكة العربية السعودية عام 2005،وحقق العديد من الإنجازات المهمة منها تضاعف أعداد جامعات المملكة من ثمانى جامعات إلى أكثر من عشرين جامعة وإنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية . واتسم عهد الملك عبدالله بالاهتمام بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية واستعادة المسجد الأقصى المبارك وفى هذا الإطار قدم الملك عبدالله «عندما كان وليًا للعهد» تصورًا للتسوية الشاملة العادلة للقضية الفلسطينية من ثمانية مبادئ عرف باسم «مشروع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز» قدم لمؤتمر القمة العربية فى بيروت عام 2002م وقد لاقت هذهالمقترحات قبولاً عربيًا واسعا. كما قدم الملك عبدالله بن عبدالعزيز اضخم توسعة فى التاريخ للحرمين الشريفين سيتم الانتهاء منها العام القادم ليستوعب الحرم المكى مليون ومائتى الف مصل وزائر ومعتمر بالاضافة الى انشاء خطوط سكك حديدية بمايعرف بقطار الحرمين الشريفين الذى سيصل جدة بمكة المكرمة والمدينة المنورة وقطار المشاعر المقدسة لخدمة الحجاج بين منى ومزدلفة وعرفات. ولا أحد يستطيع إنكارالدور الهام الذى لعبته المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالله مع مصر خلال ثورتى 25 يناير و30 يونيو ووقوفها ودعمها لشعب مصر العظيم خلال هذه الفترة العصيبة، وهو ما سيظل تاريخ البلدين يحكى عنه وعن دور الملك عبدالله لسنين طويلة قادمة.